لم يكد إسلام طالب الثانوية العامة المعروف بهدوئه يشاهد وزير التربية والتعليم المصري د. طارق شوقي وهو يتحدث عن النجاح الباهر في إجراءات الوقاية التي طبقتها الوزارة على الطلاب، وذلك خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "الحكاية" للمذيع عمرو أديب على قناة MBC مصر مساء اليوم الأول لامتحانات الثانوية العامة هذا العام، حتى فقد المراهق الهادئ أعصابه ونظر لوالديه الجالسين بجواره، وأخذ يبكي وهو يقول "والله العظيم كذاب، مافيش حاجة من كل اللي بيقوله حصلت".
إسلام يدرس بمدرسة لغات خاصة وهي أعلى مستوى من المدارس "الناشيونال" حيث لا تسبقها في المستوى سوى المدارس الدولية، بينما تأتي خلفها المدارس الخاصة "عربي" ثم التجريبية وأخيراً المدارس الحكومية العادية، وأوقعه الحظ في لجنة امتحانات تقع في المعادي بينما هو من سكان المناطق المحيطة بهضبة المقطم.
يقول إسلام إنه ذهب إلى المدرسة في الثامنة صباحاً قبل ساعة كاملة من الموعد الذي حددته الوزارة لوصول الطلاب، لكنه فوجئ بأن هناك المئات من زملائه وصلوا قبله، ربما بسبب القلق المعتاد في اليوم الأول للامتحانات، التي تقام هذا العام في ظروف بالغة الاستثنائية بسبب تفشي فيروس كورونا، لكن المؤسف بالنسبة له، أن باب المدرسة لم يفتح في التاسعة تماماً كما أعلنت الوزارة وإنما تأخر الفتح حتى التاسعة و20 دقيقة تقريباً، مما أدى لتكدس الطلاب أمام الباب أملاً في الدخول المبكر للجنة.
ثم تضاعفت المأساة بحسب تعبيره، حينما فتح الباب واندفع الطلاب داخل بهو المدرسة دون نظام أو تباعد، وتسابق الجميع لكي يحصلوا على دور في المرور بالإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها الوزارة، وكانت المفاجأة الثالثة أن الكمامات التي كانت توزع لم تكف الطلاب، وكأن رئيس اللجنة فوجئ بأن العدد زاد فجأة بينما المفروض أن لديه قوائم بأسماء الطلاب وأعدادهم، المهم أن أقل من نصف عدد الطلاب تقريباً لم يحصلوا على كمامات، كما أن المطهرات التي أعلنت الوزارة عن توفيرها للطلاب اقتصرت على علبتي كحول أثيلي من التي تباع في منافذ الجيش، تمسك بهما عاملة بسيطة في المدرسة لا ترتدي قفازات ولا كمامة، ويمر عليها كل طالب فتضع في كفه (بخة كحول)، حتى نفذ الكحول وانسحبت العاملة في هدوء شديد تاركة خلفها عشرات الطلاب الذين لم يتسابقوا للدخول وفضلوا الحفاظ على التباعد الاجتماعي بدلاً من التزاحم مع بقية الطلبة.
ويضحك إسلام ببراءة وهو يضيف "الماستر سين (المشهد الرئيسي بلغة السينما) في اليوم بالنسبة لي، أن بعض الطلاب الذين تسابقوا وحصلوا على كمامات وكحول، تعاطفوا مع زملائهم المتأخرين الذين لم يجدوا لهم نصيباً من وسائل التأمين الاحترازي، وبدأ هؤلاء يعرضون على زملائهم منحهم كماماتهم التي جاؤوا بها من منازلهم في الصباح، ووافق البعض على ذلك رغم أن الكمامات يظهر من شكلها أنها سبق استعمالها، والغريب أن هذا حدث أمام سمع وبصر المراقبين الذين لم يحركوا ساكناً وهم يشاهدون (حفلة نشر الكورونا) عبر الكمامات المستعملة.
أما اللجان التي أعلن الوزير عن تطهيرها قبل وبعد وخلال كل امتحان كما زعم في حواره التليفزيوني، فقد وجدنا أكواماً من الأتربة على المقاعد والمكاتب بمجرد دخولنا، في ذلك الوقت ظن كل طالب أن لجنته فقط لم تتعرض للتطهير، وبدأ الجميع في الصياح على المراقبين للفت انتباههم لكن المفاجأة أن المراقبين أكدوا أن كل اللجان في كل المدارس متربة".
وزارة التربية والتعليم تهاجم أولياء الأمور الذين يصطنعون المشكلات من خيالهم
كانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت عن تطبيق إجراءات احترازية مشددة لحماية الطلاب والمعلمين المشاركين بأعمال مراقبة اللجان ورئاسة الكنترولات وتقدير الدرجات، تكلفت 600 مليون جنيه اضافة الى 1.3 مليار جنيه موجودة في الميزانية نظير إجراءات مواجهة انتشار عدوى فيروس كورونا، حيث تم توفير 33 مليون كمامة طبية يتم توزيعها على الطلاب والمشاركين بالامتحانات، ونحو 6 ملايين و500 ألف قفاز و 16575 جهاز كاشف حراري لقياس درجة حرارة الطلاب قبل دخول اللجان، فضلاً عن توفير بوابات تعقيم بكافة لجان الثانوية العامة وتوزيع المطهرات على الطلاب وقناع طبي وغطاء للأحذية قبل كل امتحان، وكذلك تعقيم لجان سير الامتحانات بصفة يومية بعد انتهاء الفترة الزمنية المخصصة للامتحان.
لكن انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي آلاف الشكاوى من أولياء أمور طلاب الثانوية العامة في مصر، بخصوص عدم جدية الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها الوزارة، وأن المسألة كلها لم تزد على كونها "سبوبة" لكي تربح منها بعض الجهات المحددة في مصر بينما صحة الطلاب وحياتهم لا تدخل في حسابات الدولة، ما دفع الأخيرة للرد سواء عبر الوزير بنفسه في مداخلات تليفزيونية أو مسؤولين بالوزارة من خلال الهجوم على أولياء الأمور الذين يصطنعون المشكلات من خيالهم، بينما هم المسؤولون الحقيقيون عن الفوضى التي تحدث خلال الامتحانات، ولجأ الوزير الى "الشماعة" التي لا يعرف كل المسؤولين المصريين غيرها وهي جماعة الإخوان حين تحدث عن وجود أناس لا يريدون للوزارة والدولة المصرية إنجاز مهمة عبور امتحانات الثانوية العامة!
ويؤدي حوالي 650 ألف طالب وطالبة على مستوى الجمهورية امتحانات الثانوية العامة، التي بدأت في الحادي والعشرين من يونيو/حزيران الجاري وتستمر حتى 21 يوليو/تموز المقبل.
المراقبون لا يكتفون بمتابعة الفوضى ولكن أحياناً يتدخلون لينهروا الطلاب الملتزمين بالاجراءات الاحترازية
يقول محمد صلاح وهو والد لأحد طلاب الثانوية العامة بنبرة مغلفة بالغضب أن ابنه عاد من امتحان اليوم الثاني (الخميس الخامس والعشرين من يونيو) وهو في حالة أقرب للانهيار العصبي مما يحدث في اللجان، حيث الفوضى هي السائدة من الطلاب، بينما المراقبون لا يكتفون فقط بالصمت والمشاهدة ولكن أحياناً يتدخلون لينهروا الطلاب الملتزمين بالإجراءات الاحترازية، حتى إن أحدهم عنّف ابني لأنه صاح في أحد زملائه ليبتعد عنه مسافة آمنة خوفاً من كورونا، وذلك بعد أن طلب منه ذلك بهدوء عدة مرات دون جدوى، فما كان من المراقب المحترم سوى أن تحدث مع ابني بطريقة جافة لا تخلو من سخرية بأن ما يفعله نوع من التزيد قائلاً له "عيش عيشة أهلك يا ابني".
ويضيف الأب الغاضب "غير ذلك لا توجد كمامات تكفي كل الطلاب، وعندما أعطينا الولد كمامتين من البيت احتياطياً أصر المراقب على سحبهما منه بحجة أنهما يمكن أن تكونا وسائل للغش.
ورصد "عربي بوست" أن البوابات المعقمة في مدارس بمناطق الزيتون والأميرية وحدائق القبة لا تعمل إلكترونياً بالحساسات كما يفترض أن تعمل بحيث تطلق رشاش المطهر فور مرور الطالب عبرها، ولكنها تعمل عشوائياً برش المادة المطهرة بشكل مستمر دون توقف سواء كان هناك طالب يعبر من خلالها أو لا، والنتيجة أن المادة المطهرة تنفد بعد دقائق تاركة مئات الطلاب يواجهون المجهول، فضلاً عن أن هناك مدارس كثيرة لا تتواجد بها أي بوابات تعقيم ذاتي.
وتشير بعض التغريدات إلى ذلك فيقول أحدهم "أختي في ثانوي عام كنت مستنيها وطلعت بتقولي بس بصراحة صارفين ومكلفين فلوس كتير في تعقيم المدارس.. فرحت وقلت لها إحكيلي.. قالتلي رشوا عليا ميه بخل وأنا داخله"
ليرد عليه آخر قائلاً: "اشكر ربنا إنت وهي، في المدرسة بتاعتي لا شوفنا مياه ولا خل مشوفناش غير كمامة وكيس جل وفي ناس افتكرته بيتاكل وناس تان افتكروه علشان الشعر"
أما داخل اللجان فحدث ولا حرج، وقالت سلمى وهي طالبة بمدرسة التحرير بالمطرية لـ"عربي بوست" أنهم فوجئوا بأكوام من الأتربة تغطي الدسكات والمقاعد التي يجلس عليها الطلاب وبالتالي يستهلكون من وقت الامتحان ما لا يقل عن 10 دقائق لتنظيف التراب حتى يصبح المكان صالحاً للاستخدام الآدمي، ولم يتم تعقيم الطلاب داخل اللجان، كما لم يرتد كل المدرسين باللجان كمامات.
أم مريم ولية أمر طالبة بالثانوية العامة بإحدى مدارس اللغات في منطقة مصر الجديدة الراقية، تشكو بدورها من الإجراءات الاحترازية لكن لسبب غير متوقع، حيث تقول إن ابنتها تعاني منذ ذهابها لامتحان اللغة العربية في اليوم الأول من حساسية في جلدها بسبب رداءة المادة المطهرة التي وضعت في بوابات التعقيم، وتضيف بأسى "بنتي من صغرها وهي تعاني من الحساسية من مادة الكلور، ولهذا تجنبنا استخدامه في المنزل نهائياً منذ ولادتها، لكنني فوجئت بعد عودتها من امتحان العربي بأن جسمها متورم وملتهب تماماً، وعندما سألتها قالت إن الأعراض بدأت تظهر عليها قبل بداية الامتحان، لهذا ذهبت يوم الخميس معها لأتقصى عن السبب، وعرفت من العاملة في المدرسة أنهم يضعون كلوراً مخففاً بالماء في رشاشات بوابات التعقيم لأن الوزارة لم ترسل لهم المادة المطهرة التي يفترض وضعها في تلك البوابات، وفعلوا ذلك إنقاذاً للموقف وحماية للطلاب، فطلبت من ابنتي عدم المرور من البوابة نهائياً وإبلاغ المراقبين ورئيس اللجنة بمشكلة الحساسية التي تعاني منها والتي لا تزال تعالج منها بعد مرور 5 أيام على الواقعة.
تقول السيدة "كان أولى بالوزارة أن تنتبه لتلك التفاصيل خصوصاً أن الظروف العامة كلها وضعت الطلاب وأولياء الأمور تحت ضغط إضافي بسبب فيروس كورونا واحتمالات إصابة الطلاب بالعدوى، وبالتالي لسنا في حاجة لأية ضغوط إضافية".
رغم الشكاوى في القاهرة فإن الوضع أسوأ في المحافظات البعيدة عن الاهتمام
الظاهرة الملفتة أن ما يحدث في لجان الامتحانات في القاهرة والمحافظات الرئيسية من تجاوزات، لا يقارن نهائياً بما تشهده لجان الامتحانات في المحافظات البعيدة عن الاهتمام وكذلك المحافظات النائية، ومنها محافظة كفر الشيخ حيث يقول مهند سلامة الذي يعمل وكيلاً لإحدى المدارس الحكومية في المحافظة الواقعة بوسط الدلتا شمال العاصمة المصرية إن ما وصلهم من أدوات الحماية والتعقيم التي أعلنت عنها الوزارة 50 عبوة كبيرة من الكحول الأثيلي لتغطية كل أيام الامتحانات حتى نهايتها، وألفا كمامة وألفا زوج من القفازات يفترض بها أن تكفي الطلاب الذين يؤدون امتحانات الثانوية العامة بالمدرسة التي اختيرت لتكون واحدة من لجان الامتحانات هذا العام، والذين يبلغ عددهم 300 طالب.
وقال مهند إنه سمع من بعض زملائه الذين يعملون في منطقة كفر الشيخ التعليمية أن مدير المنطقة استلم بالفعل كميات هائلة من المطهرات والكمامات والقفازات، لكنه فضل الاحتفاظ بأغلبها دون سبب واضح.
ويضيف كاشفاً عن سبب مضحك لغرق كل لجان الامتحانات تقريباً على مستوى الجمهورية في أكوام التراب فقال إن السبب عدم وجود عمال نظافة أو سعاة بالمدارس سوى عامل واحد في كل مدرسة، بعدما أمرت الوزارة عقب تولي الوزير الحالي المناطق التعليمية بتخفيض العمالة في المدارس توفيراً للنفقات، وبالتالي فالعامل الوحيد في المدرسة لن يتولى مهمة تنظيف اللجان وإزالة الأتربة بمفرده.
خصوصاً أن المدارس لم تفتح أبوابها منذ إغلاقها في مارس/آذار الماضي بعد قرار تعليق الدراسة ضمن الإجراءات الاحترازية للدولة لمواجهة تفشي كورونا، ولم ير هو شخصياً أي عمال يأتون لتطهير اللجان قبل بداية الامتحانات، بينما كان الطلاب في الأوقات العادية يقومون بتنظيف فصولهم بأنفسهم.
رئيس لجنة خبأ لفائف النايلون وباعها لاحقاً لمحال البقالة والسوبر ماركت
في طنطا التابعة لمحافظة الغربية لا يختلف الإهمال والتجاهل كثيراً، وربما يزيد في المدارس الواقعة في القرى المحيطة بالمدينة، حيث يؤكد محمد مازورة المدرس بإحدى المدارس الثانوية في قرية قريبة من طنطا، أن عدد الطلاب في كل لجنة يزيد عن 30 بعدما تم ضم طلاب مدرسة من قرية قريبة على طلاب المدرسة التي يعمل بها محمد، بدعوى أن مدرستهم غير مجهزة لاستضافة لجنة امتحانات الثانوية العامة.
ويضيف "طبعاً لا يسأل أحد عن الوقائيات التي توزع على الطلاب والتي يفترض أن يستلمها رؤساء اللجان الفرعية قبل موعد الامتحانات بوقت كاف، فكل شيء ناقص، وعرفت من أحد رؤساء اللجان وهو صديق قديم لي أن زميلاً له خبأ لفائف النايلون التي أرسلتها الوزارة لتغليف أحذية الطلاب بها قبل دخول اللجان، ثم باعها لاحقاً لمحال البقالة والسوبر ماركت في طنطا حيث تستخدم في تغليف الأجبان والخضراوات!
٦ وفيات، وإصابات بين المعلمين في يومين
الشكاوى من فشل وزارة التربية والتعليم في تنظيم امتحانات الثانوية العامة هذا العام بشكل يحمي حياة وصحة المشاركين فيها لم تقتصر على الطلاب وأولياء الأمور، وإنما انتقلت للمعلمين أنفسهم.
وأكد عبدالرحمن السيد وهو مدرس منتدب للمراقبة بأحد لجان مدرسة بمنطقة إيديال أن رئيس عام الامتحانات وضع بنوداً في الإجراءات، تمثل عقاباً للمعلمين الذين لديهم موانع، خاصة أنهم لم يستطيعوا تنفيذ ذلك وعلى سبيل المثال، المصاب بفيروس أو متواجد في منطقة حجر الصحي، فكيف يتحرك لتقديم طلب الاعتذار.
ويشير إلى أن كثيرين عانوا من تعسف الوزارة ومسؤوليها معهم سواء بإجبار المصابين منهم بفيروس كورونا بالنزول للجان، أو بتوزيع آخرين على لجان في محافظات بعيدة عن محافظاتهم الأصلية مما يعرضهم للخطر اليوم وهو ما حدث بالفعل.
فقد لقي 3 مدرسين حتفهم الخميس الخامس والعشرين من يونيو/حزيران وهو اليوم الثاني للامتحانات في حادث سير على طريق الداخلة – الخارجة، بالوادي الجديد، أثناء عودتهم من مراقبة امتحانات الثانوية العامة بعد انتهاء امتحان اللغة الإنجليزية.
وفي رد فعل على الحادث انتقد خلف الزناتي نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب مسئولي وزارة التربية والتعليم لسوء توزيع المعلمين، كاشفاً أن المعلمين المتوفين مقيمون بمركز الخارجة ويعملون مراقبين على امتحانات الثانوية العامة بإحدى لجان مدينة موط بالداخلة، أي أن الوزارة أرسلتهم للمراقبة في مدارس تبعد أكثر من 200 كيلومتر عن محل سكنهم، دون مراعاة لظروف السير على الطرق السريعة.
ويعد هذا الحادث هو الثاني للمعلمين حيث سبقه حادث انقلاب ميكروباص بالكيلو 30 طريق "الشلاتين – حلايب" جنوب محافظة البحر الأحمر في اليوم الأول للامتحانات يوم الأحد الحادي والعشرين من يونيو/حزيران لقي خلاله ثلاثة معلمين مصرعهم وأصيب 12 آخرين، أحدهم حالته خطيرة، والباقون إصابتهم عبارة عن كسور وكدمات وجروح وجميعهم من مراقبي امتحانات الثانوية العامة.
وهناك قصة المدرسة التي تنتمي لمنطقة حلوان التعليمية والتي قالت في تصريحات متلفزة إنها مصابة بفيروس كورونا، وحاولت الاعتذار عن التواجد في مراقبة امتحانات الثانوية هذا العام، لكن رئيسة اللجنة رفضت اعتذارها، وأصرت على حضورها للمراقبة، وهو ما حدث بالفعل، حيث تقول المدرسة إنها استقلت مترو الأنفاق ثم استقلت ميكروباصاً مع ركاب آخرين حتى وصلت إلى المدرسة، وفعلت نفس الشيء في طريق عودتها من المدرسة إلى منزلها، أي إنها اختلطت بما لا يقل عن مائتي شخص في الذهاب والعودة، بخلاف الطلاب في المدرسة.
كما تم استبعاد مدرسة في إحدى المدارس بمنطقة السيدة زينب بعد دخولها اللجنة، لإصابتها بفيروس كورونا، ما أثار تساؤلات غاضبة عن ذهاب المعلمة إلى المدرسة وهي مصابة ما يعزز احتمالات نقلها العدوى إلى زملاء لها ومن ثم للطلاب.
يفسر عضو بنقابة المعلمين رفض ذكر اسمه موقف المعلمة بأنه كانت هناك تعليمات بالتعامل بصرامة مع المدرسين الذين يعتذرون بدعوى إصابتهم بكورونا، والبعض يتحججون لعدم أداء واجبهم في مراقبة الامتحانات، مضيفاً أن مدرسة السيدة زينب المصابة لو اعتذرت هاتفياً لن يصدقها بجانب أنها تخشى من العقوبة المقررة جراء التغيب عن أعمال الامتحانات، لهذا رأت أن تذهب بنفسها إلى المدرسة لكي تعتذر وتثبت إصابتها وهو ما حدث بالفعل، فقد قاسوا حرارتها، ووجدوها مرتفعة فطلبوا منها الانتظار لبعض الوقت وبعد حوالي ساعة طلبوا منها الانصراف إلى بيتها، وربما تكون في خلال هذه الساعة نقلت العدوى لأحد زملائها المراقبين أو حتى بعض الطلاب، فلا أحد يعرف.
وكان الدكتور حسين خيري نقيب أطباء مصر، قد طالب بتأجيل "امتحانات الثانوية العامة"، وقال إن الفترة الحالية لا تزال فيها ملامح جائحة (كورونا) غير واضحة، وقد يشكّل عقد امتحانات الثانوية العامة بؤرة انتشار للفيروس في ظل التزايد المطّرد للأعداد.
ويقول المدرس إن الوزارة لم تهتم بالمعلمين وانحازت للطلاب، شارحاً أنها قامت بتقليص عدد الطلاب في اللجان إلى 14 طالباً فقط وهو ما فرض زيادة في عدد اللجان وبالتالي المراقبين، ولم يفكروا كيف سيصل هؤلاء إلى اللجان البعيدة مع احتمالية إصابتهم أثناء ذهابهم وكيف سيجلسون في غرف مغلقة يصححون الامتحانات وماذا عن الذين يعزلون أنفسهم منزلياً لشعورهم بأعراض الفيروس كيف سيذهبون للاعتذار ولماذا لم يتم ذلك إلكترونياً للحفاظ على حياتهم وحياة الآخرين.
ويبلغ أعداد المشرفين والإداريين 168 ألفاً و495، فيما يبلغ عدد الإداريين بالكنترولات 5800 إداري، كما بلغ عدد مقدري الدرجات 23 ألفاً و424 شخصاً.
ويشير المدرس إلى أنه كان أمام الوزارة خيار تأجيل الامتحانات، أو إجرائها بشكل غير مركزي على مستوى المحافظات، لتخفيض الأعداد، خاصة المدرسين الذين ينتقلون من محافظة لأخرى، ولكن "الوزارة اتبعت سياسة "كله تمام" وأخذت الشو والمسؤولين اتصوروا والصورة طلعت حلوة".
وينهي حديثه بسخرية "عندما "فضحت" بعض المواقع ضعف الإجراءات والمخالفات التي حدثت يوم الأحد الماضي في اللجان قامت الوزارة بإطلاق منصة الكترونية لاستقبال أي شكاوى مرتبطة بامتحانات الثانوية العامة، لكن الموقع لا يعمل تقريباً، سيعمل بعد انتهاء الامتحانات!.