شدد وكيل وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق الليبية صلاح الدين النمروش على أن حكومته عازمة على تحرير مدينة سرت، وأنه لا خطوط حمراء أمام تقدم قواتها على التراب الليبي، مشيرا إلى تعاون أمني مع تركيا وأمريكا بهدف بناء جيش قوي نموذجي لليبيا.
جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول، الخميس 25 يونيو/حزيران 2020، في تعقيب على عدد من الملفات الطارئة على الساحة الليبية، وخصوصاً بعد تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول سرت وقاعدة الجفرة الجوية، اللتين وصفهما بـ"الخط الأحمر".
مهمة لم تتأخر: أشار النمروش إلى أن عملية تحرير سرت لم تتأخر ولم يفُت عليها الأوان، ولكن "هناك بعض التجهيزات التي تقوم بها قوات الوفاق على تخوم المدينة".
على سبيل المقارنة، لفت النمروش إلى أن سيطرة القوات الحكومية على مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس) سابقاً لم تكن سريعة كذلك، حيث حاصرتها لفترة، كما جرت عدة تحضيرات لاقتحامها والسيطرة عليها.
ففي 5 يونيو/حزيران الجاري، استعادت القوات الحكومية ترهونة من ميليشيات حفتر، بعد عدة أيام من تحريرها كامل الحدود الإدارية للعاصمة طرابلس.
انشقاقات لدى حفتر: أما بخصوص تأثير هزائم ميليشيا حفتر الأخيرة على مدن إقليمَي برقة وفزان، قال النمروش: "نعرف أن هناك تململاً (في صفوف ميليشيا حفتر) ورغبة هذه المدن في العودة للشرعية، لكن الأسلوب الذي يستخدمه حفتر أسلوب دموي، وأي شخص يعارضه أو ينتقده أو حتى يفكر في ذلك، يقتله".
أردف قائلاً: "هذا ليس غريباً على حفتر، فالبرلمانية سهام سرقيوة اختطفت -في 17 يوليو/تموز 2019- ولا يُعرف مصيرها إلى الآن".
لن نجلس مع حفتر: وعن تأثير محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، أوضح النمروش أن " هناك 5 ممثلين عن حكومة الوفاق، التي وضعت شروطاً من الناحية الأمنية والعسكرية، كما أننا لن نجلس على طاولة الحوار مع حفتر".
استطرد قائلاً: "نحن حكومة نسعى للوفاق ولحل سياسي، بعيداً عن إراقة الدماء، لكن المعتدي لم يلتزم بكل الاتفاقات السابقة، وفشلت جميع المحاولات لوقف إطلاق النار، لكننا ماضون في الطريق السياسي والعسكري".
تورط إماراتي وروسي: تحدث النمروش عن التورط الإماراتي في الشأن الليبي، معتبراً أن ذلك "معروف لدى الجميع، حيث غنمنا منظومة بانتسير، التي تم توريدها عن طريق الإمارات من روسيا، وعلى بعض المدرعات الإماراتية الصنع".
وأضاف أن "ضباطاً إماراتيين تورطوا في الأزمة الليبية بدليل وجود فيديو مسرب من داخل منظومة بانتسير (بالأراضي الليبية).. كل هذه أدلة ملموسة وواضحة أمام العالم".
وعن تحفظ القوات الحكومية على جثة تابعة لأحد عناصر فاغنر الروسية، فقد أوضح أن المرتزق الذي تم التحفظ على جثته "من أوكرانيا ويشتغل مع فاغنر، وقد فتحنا ملفاً بخصوص هذه الواقعة، لكن لم تستكمل الإجراءات بعد، وسننشرها في حينها".
أما بخصوص معتقلين روس لدى الحكومة الليبية، المعترف بها دولياً، بيّن النمروش أنه تم اعتقالهم سابق لتواصلهم مع بعض الجهات بطرق غير شرعية، وجارٍ التحقيق في ذلك.
هجوم روسي: أشار النمروش إلى أن القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) وقيادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) رصدتا هبوط طائرات روسية في قاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرق طرابلس).
فقد أوضح أنه على الرغم من أن روسيا كدولة نفت أي تدخل لها في ليبيا، لكن مرتزقة شركة "فاغنر" الروسية، الذين استأجرهم المتمرد حفتر، جاؤوا بطائرات "ميغ 29″ و"سوخوي 24" إلى قاعدة الجفرة، وبعض القواعد الأخرى، وتم توثيق كل ذلك.
أكد النمروش كذلك أن الطائرات التي يقودها مرتزقة فاغنر شنت غارات على قواتنا في تخوم سرت، وأوقعت إصابات وقتلى في صفوف "الوفاق".
بناء جيش نموذجي: النمروش تحدث كذلك عن مساعٍ ودراسات لتشكيل جيش نظامي ليبي كامل، ودمج كافة مجموعات الثوار ضمن هيكلية نموذجية، مشيراً إلى تواصل الحكومة مع شركة أمريكية لها تجربة في هذا المجال (لم يذكرها).
أكد كذلك "وجود تشاور مع الحكومة التركية لبناء جيش نموذجي محترف، بالإضافة إلى إجراءات أخرى لتأسيس جيش بعيد عن القبلية والمناطقية والجهوية".
فيما أشار إلى أن "المرحلة الأولى في معالجة الوضع الحالي تتطلع لوضع حلول سريعة وتشكيل قوة استجابة سريعة، وذلك بعد تقديم دورات مهنية تابعة للسلطات المدنية وليس العسكرية".
الدور التركي الكبير: كما نوًّه النمروش بالدعم التركي في دعم قوات حكومة الوفاق، مؤكداً أنها "بادرت بموقف فعلي على الأرض من خلال المستشارين العسكريين الذين ساعدوا في تنظيم القوات، وكان لها دور كبير وواضح في ذلك".
أشار النمروش إلى أن "الوفاق" تتطلع إلى "شراكة في جميع المجالات والمستويات مع الحكومة التركية، للاستفادة من خبراتها، خاصة في الجوانب العسكرية والاقتصادية والصناعية".
وعن الزيارة الأخيرة للوفد التركي رفيع المستوى، أوضح النمروش أن الوفد "جاء لدعم حكومة الوفاق، ولدعم الحل السياسي والسلمي في ليبيا، بغرض دراسة بعض المشاريع التنموية وتقوية الشراكة، ليست فقط العسكرية والأمنية، بل تمتد لجميع المجالات، منها التعليمي والاقتصادي والبنى التحتية".
ففي 17 يونيو/حزيران الجاري، زار طرابلس وفد تركي رفيع المستوى، ضم وزيرَي الخارجية مولود تشاووش أوغلو، والخزانة والمالية براءت ألبيراق، ورئيس المخابرات هاكان فيدان، وعدداً من كبار مسؤولي الرئاسة والحكومة التركية.