“الصين تحاول السيطرة على الإعلام في العالم”.. تقارير تكشف خطط بكين لاختراق 58 دولة

بكين تواصل اختراقها لمجموعة من الدول غير الناطقة بالإنجليزية، من خلال استغلال الصحفيين للترويج لسياساتها خارج حدودها.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/25 الساعة 11:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/25 الساعة 11:48 بتوقيت غرينتش
الرئيس الصيني خلال قمة التعاون مع إفريقيا/ أرشيفية- رويترز

كشف تقرير للاتحاد الدولي للصحفيين أن بكين تواصل اختراقها لمجموعة من الدول غير الناطقة بالإنجليزية، من خلال استغلال الصحفيين للترويج لسياساتها خارج حدودها، موضحاً أن الحملة المستمرة منذ عقدٍ من الزمن "تتصاعد".

في الوقت ذاته أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن الصين تقدم مِنحاً دراسية للطلاب الأفارقة ضمن جزء من استراتيجية بكين الطموحة إلى ترسيخ نفوذها في الخارج.

الاستحواذ على مصادر الأخبار: حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، نُشر الخميس 25 يونيو/حزيران 2020، خلصت دراسة استقصائية شملت النقابات الصحفية بـ58 دولة، إلى أنَّ الصين "تنفذ حملة تواصل موسعة ومتطورة وطويلة الأمد… ضمن جهود استراتيجية طويلة المدى لإعادة تشكيل المشهد الإخباري العالمي، ليطرح سرداً عالمياً صديقاً للصين"، من خلال الجولات الدراسية والسيطرة على البنية التحتية الإعلامية وتقديم محتوى مؤيد لبكين.

يقول تقرير الاتحاد الدولي للصحفيين، الذي جاء بعنوان "قصة الصين: إعادة تشكيل وسائل الإعلام في العالم"، إنَّ بكين تسعى أيضاً إلى فرض السيطرة على البنية التحتية للرسائل -تحديداً القنوات التي تتلقى الدول الأخبار من خلالها- من خلال عمليات استحواذ واسعة على وسائل الإعلام الأجنبية ومشاريع الاتصالات. ووجد التقرير أنَّ الحملة المستمرة منذ عقدٍ من الزمن "تتصاعد".

وفقاً للتقرير، أجرى صحفيون من 29 دولة من بين الدول التي شملتها الدراسة، رحلات إلى الصين، وأعرب ما يقرب من ثلثي الصحفيين المشاركين في الدراسة عن اعتقادهم أنَّ للصين حضوراً واضحاً في وسائل الإعلام الوطنية. وأفاد ثلث النقابات الصحفية التي شملتها الدراسة، بأنَّ جهات صينية تواصلت معها لتوقيع اتفاقات مشتركة.

كما قال التقرير: "استراتيجية بكين التي تشمل نشر دعايا مُؤيَّدَة من الدولة عبر أنظمة قائمة، يمكن تعريفها بأنها اقتراض قارب لعبور المحيط".

وفود إعلامية داخل الصين: من الأمثلة على ذلك محاولة بكين الأخيرة للرد على الروايات الغربية عن انتهاكات حقوق الإنسان بمعسكرات التلقين السياسي في إقليم شينجيانغ أقصى غربي الصين، حيث تحتجز بكين ما يصل إلى مليون فرد من أقلية الإيغور المسلمة، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

إذ اصطحبت بكين عدة مجموعات من الصحفيين من الدول الإسلامية في جولات إلى تلك المعسكرات؛ لكسب الدعم الدولي لاستراتيجيتها المتشددة لمكافحة ما تقول إنه التطرف الديني.

قالت مُعِدّة التقرير لويزا ليم، لصحيفة The Guardian، إنَّ جهود الصين كانت غالباً أكثر شمولاً واستهدفت بصفة خاصة، الدول الصغيرة والنامية؛ لتعظيم نقاط الحوار التي تعنيها.

كما أضافت لويزا: "صحيح أنَّ دولاً أخرى فعلت ذلك بكفاءة. لكن أحد الاختلافات، في رأيي، هو الطريقة التي يُستغَل بها الصحفيون الذين يذهبون في مثل تلك الجولات -على سبيل المثال، الجولات في شينجيانغ- داخل بلادهم لمحاولة إظهار الدعم الدولي لسياسات الصين".

لفتت إلى أنه "يُطلَب من الصحفيين أحياناً التوقيع على اتفاقيات قبل مغادرتهم، ويُطلَب منهم عدم كتابة مواد تنتقد الصين، ويخضعون أيضاً لبعض الرقابة، في ظل الحضور الدائم للمسؤولين والمترجمين".

من جانبه، أشار أحد الصحفيين الفلبينيين -طلب عدم الكشف عن اسمه- إلى التأثير اللاحق لمثل هذه الجهود الصينية على إنتاج أخبارهم. وقال: "إن الطريقة التي يكتبون بها قصصهم الآن، تعكس الطريقة التي تكتب بها شينخوا وغيرها من وسائل الإعلام الحكومية في الصين قصصها. وعادة ما تكون دعاية" للصين.

مِنح للطلاب الأفارقة: في السياق ذاته، كشف تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الخميس، أن الصين تقدم مِنحاً دراسية للطلاب الأفارقة أكثر من إجمالي المنح التي تقدمها الحكومات الغربية الرائدة مجتمعةً، وذلك ضمن جزء من استراتيجية بكين الطموحة إلى ترسيخ نفوذها في الخارج.

وفقاً لتقرير للأمم المتحدة، قدمت بكين أكثر من 12000 منحة للطلاب الأفارقة للعام الدراسي القادم، معظمها بجامعات صينية. في حين تخصص بريطانيا سنوياً 1100 منحة دراسية للأفارقة، والحكومتان الألمانية والفرنسية تمنح كل منهما 600 طالب عروضاً مماثلة، وتقدم الحكومات الغربية الأخرى دعماً أقل.

إذ ركزت الصين في السنوات الأخيرة، على استخدام التعليم لتوسيع قوتها الناعمة. ونشرت مئات من معاهد كونفوشيوس في الجامعات الأجنبية؛ لتقديم دروس في لغة الماندرين الصينية وفن الطهي الصيني والأنشطة الثقافية الأخرى.

مشروع صيني طويل الأمد: في هذا الصدد، قالت جاريا كاروسا، خبيرة العلاقات الصينية الإفريقية في كلية لندن للاقتصاد، إنَّ الصين تعمدت أن يكون التعليم والمحتوى اللغوي ضمن استراتيجية ممارسة القوى الناعمة طويل الأمد ومرتبطاً بتطوير مبادرة الحزام والطريق، التي شهدت ضخ مليارات الدولارات في مشروعات البنية التحتية بعدد من الدول. 

أضافت جاريا أنَّ تعليم الطلبة كان مُصمَّماً لإنجاز "ما هو أكثر من مجرد النفوذ… بل للقوة العاملة المستقبلية".

لكن هناك إخفاقات: مع ذلك، لم تخلُ تطلعات بكين الهائلة من النكسات. ففي إفريقيا، حيث تتصدر الصين الدائنين الثنائيين بحجم قروضٍ أكثر من 140 مليار دولار على مدى العقدين الماضيين، أصبح هناك عداء متزايد تجاه بكين بشأن جائحة فيروس كورونا المستجد وكذلك الديون. وتعرض مستثمرون صينيون للهجوم، وكان آخرها انتقاماً لاستهداف مواطنين أفارقة في الصين، وضمن ذلك طلاب ثبتت إصابتهم بـ"كوفيد-19″.

فقد اتهمت صحيفة Daily Nation الكينية الصين بـ"الخيانة"، بسبب هجمات كراهية الأجانب. واستدعت بعض الحكومات الإفريقية عديداً من المبعوثين الصينيين لديها ووجَّهت لهم خطاباً غاضباً، بسبب مقاطع فيديو منتشرة لهجمات عنصرية ضد المواطنين الأفارقة. ونجحت مجموعات الطلاب بالجامعات الأمريكية والأوروبية في حملتها لإغلاق معاهد كونفوشيوس، بزعم أنها تنشر دعاية للصين وتقمع مناقشة الموضوعات الحساسة.

من جانبه، يعتقد راسل كاسشولا، أستاذ دراسات اللغة الإفريقية في جامعة رودس بجنوب إفريقيا، أنه من المنطقي أن يقبل الأفارقة الدعم التعليمي من الصين، لأنها أصبحت الآن أكبر شريك تجاري للقارة. وقال: "لقد تعلَّم نيلسون مانديلا ذات مرة اللغة الإفريكانية؛ حتى يتمكن من فهم المستعمر فهماً أفضل. وعلى النحو ذاته، أعتقد أنَّ تعلُّم لغة الماندرين الصينية أمرٌ منطقي للأفارقة".

علامات:
تحميل المزيد