قالت وكالة Bloomberg الأمريكية، الأربعاء 17 يونيو/حزيران 2020، إن مسؤولاً إماراتياً بارزاً وجَّه انتقاداً نادراً للحليف الليبي للدولة الخليجية، خليفة حفتر، بعد الهزائم الميدانية الكبرى التي مُنِيَ بها على يد الحكومة المدعومة من تركيا والمُعتَرَف بها دولياً.
انتقاد إماراتي نادر: إذ قال أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، في منتدى إلكتروني عُقِدَ الأربعاء، مشيراً أيضاً إلى الانفصاليين المدعومين من الإمارات في اليمن: "بعض أصدقائنا اتَّخذوا قراراتهم أحادية الجانب. نحن نرى ذلك في المجلس الانتقالي الجنوبي. ونراه في المشير حفتر في ليبيا".
أضاف المسؤول الإماراتي: "أثبتت الكثير من هذه الحسابات أحادية الجانب أنها خاطئة". وتابَع قائلاً: "هذه الحسابات لا تملك في بعض الأحيان السيطرة أو ذلك النوع من النصيحة الأخلاقية التي تريدها من بعض أصدقائك".
كما قال قرقاش إن الإمارات تدعم المبادرة المُقدَّمة من مصر والمُتحدِّث باسم برلمان شرقيّ ليبيا عقيلة صالح، وانتقد تركيا. وأضاف: "ما لا تفهمه تركيا اليوم هو أن السيطرة على 100 كيلومتر هنا أو 200 كيلومتر هناك لن ينهي الأزمة في ليبيا". وأضاف: "تركيا الآن هي الدولة الوحيدة التي تعارض وقفاً فورياً وشاملاً لإطلاق النار والمعركة المقبلة على سِرت تمثِّل إشكاليةً حقيقية".
بعد انهيار هجوم حفتر على العاصمة طرابلس هذا الشهر، أعلن حليفٌ آخر، وهو مصر، وقفاً لإطلاق النار ومبادرةً سياسية لإنهاء الصراع في ليبيا. واصطفَّ حفتر، الذي تلقَّى أيضاً دعماً من روسيا، مع مقترح القاهرة.
غير أن حكومة طرابلس أشارت إلى أنها ستتحدَّث فقط بمجرد أن تستحوذ على مدينة سِرت، بالقرب من الهلال النفطي ذي الأهمية الكبرى في ليبيا.
البحث عن بديل لحفتر؟ الهزائم الأخيرة لحفتر في الغرب الليبي، وخسارته جميع مدن الساحل الغربي، وفشله في دخول طرابلس، طيلة عام من القتال رغم ساعات الصفر العديدة التي أعلنها، أضعفت مكانته لدى قبائل الشرق الليبي التي فقدت الآلاف من أبنائها على أسوار طرابلس بلا طائل.
لكن الأهم من ذلك أن المجتمع الدولي بما فيه الدول الداعمة له، بدأ يضيق ذرعاً بتنصل حفتر من كل اتفاقات السلام ومبادرات وقف إطلاق النار، وارتكاب ميليشياته العديد من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية دون أن يردعه أحد.
والقناعة بأن حفتر لا يمكنه أن يكون شريكاً للسلام، يبدو أنها بدأت تترسخ، خاصة بالنسبة للأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع إصرار السراج، على رفض التحاور معه.
وأصبح البحث عن بديل لحفتر أكثر من ضرورة، وقد يكون صالح، بدعم من قائد أركان ميليشيات الشرق، الفريق عبدالرزاق الناظوري، ومعهما عبدالله الثني (من مدينة غدامس/الجنوب الغربي)، رئيس ما يسمى الحكومة المؤقتة، غير المعترف بها دولياً، بديلاً لهذا "الجنرال المتعنت".
وهذا الافتراض، يستند لتسجل صوتي لأحد قادة الصحوات السابقين في بنغازي ويدعى علي العبروني، بثته قناة فبراير الليبية (خاصة)، في 1 مايو/أيار الجاري، الذي تحدث عن وجود تسجيل لاجتماع بين صالح والناظوري، مع شخصية أمريكية (لم يسمها) للاتفاق مع فايز السراج، بحيث يُعيَن الناظوري رئيساً للأركان، وصالح رئيساً للبرلمان، والثني رئيساً للوزراء، دون الإشارة إلى أي منصب لحفتر.
يزعم العبروني أن معه 4 آلاف مسلح، وبإشارة من حفتر، بإمكانهم حرق الأخضر واليابس.. في إشارة إلى التخلص من الناظوري.
خاصة مع الحديث عن تراجع سطوته: قبل أزمته مع "زعيم" قبيلة العبيدات (عقيلة صالح)، عُرف عن حفتر سحقه لكل من يخالف رأيه من ضباطه أو حلفائه، خاصة أولئك المنحدرين من قبيلة العواقير، على غرار مهدي البرغثي، وزير الدفاع السابق في الحكومة الليبية بطرابلس، حيث فكك كتيبة الدبابات التي كان يقودها في بنغازي.
والعقيد فرج البرعصي، أحد قادة المحاور في ميليشيات حفتر ببنغازي، أصيب بجروح عند محاولة اعتقاله، وكذلك فعل مع النقيب فرج قعيم، الذي عين وكيل وزارة الداخلية في طرابلس، مما أثار غضب حفتر، وتمكن من اعتقاله، ولولا تدخل أعيان قبيلة العواقير المتحالفة مع حفتر، لبقي إلى اليوم مختطفاً.
وكذلك فعل حفتر مع المتحدث باسمه الرائد محمد حجازي (قبيلة الحاسة)، ومع إبراهيم جضران، قائد حرس المنشآت النفطية (قبيلة المغاربة/شرق).
فحفتر لم يعتد أن يفاوض من يخرج عن طوعه خاصة من قبيلة العواقير، كما أنه لم يكن يعير كبير اهتمام لمجلس نواب طبرق ورئيسه صالح، ودلّ على ذلك عدم السماح للأخير بحضور أحد الاستعراضات العسكرية التي نظمتها ميليشيات الجنرال الانقلابي، رغم أن صالح من رقاه إلى رتبة "مشير".