أجبر وباء إيبولا، الذي ضرب غرب القارة الإفريقية، فتياتٍ على ترك الدراسة في السنوات التي تلته، بين 2014 و2016 أكثر ما فعل مع فتيانٍ، مُخيماً بتبعاتٍ اقتصاديةٍ جمةٍ على جيلٍ من الفتيات الشابات، وفق ما أكده عدد من الخبراء، فيما يخشى المُعلمون أن يتسبب وباء فيروس كورونا المستجد في إطلاق موجةٍ مماثلةٍ من ترك الدراسة.
تقرير لصحيفة Washington post الأمريكية، السبت 13 يونيو/حزيران 2020، أكد أن الإغلاق العالمي العام قد أجبر ملياراً ونصف مليار تلميذٍ على ترك مدارسهم حول العالم، منذ مارس/آذار الماضي، وفقاً لصندوق الأمم المتحدة للطفولة، من بينهم 111 مليون فتاةٍ في دول العالم الأقل تطوراً.
فيما أكد تقرير صدر في شهر إبريل/نيسان من صندوق ملالا، الذي حلل بياناتٍ من أزمة إيبولا في سيراليون، أنه من المتوقع أن تتسبب الاضطرابات في تأخير أو إيقاف تعليم نحو 10 ملايين فتاةٍ في سن الدراسة الإعدادية.
أزمة حقيقية: قالت فتياتٌ من نيجيريا وليبيريا عبر مقابلةٍ هاتفيةٍ إنهن يخشين أن يتأخرن أو يُجبرن على الدراسة تماماً، مستشهداتٍ باضطراباتٍ في بلادهن أو تبعاتٍ اقتصاديةٍ للإغلاق.
يقول الخبراء إن الآباء في الأمم الأكثر تحفظاً يميلون لوضع أولوياتٍ في تعليم أبنائهم. وفي وسط وغرب إفريقيا يستطيع 73% من الفتيان فوق سن 15 سنةً القراءة، بالمقارنة مع 60% من الفتيات في نفس الفئة العمرية.
تقول ليلى جاد، ممثلة اليونيسيف في ليبيريا، التي كانت بؤرةً لتفشي إيبولا، إن ذلك يجعل الأُسر حين تفقد دخلها أكثر ميلاً لإنفاق ميزانية التعليم على الصبيان.
تُضيف أن التعليم عن بُعدٍ هو الآخر مُرهقٌ فوق العادة للفتيات، اللاتي يُتوقع منهن في الغالب تحمل أعباء الطبخ، والتنظيف، ورعاية الأطفال. كما أنهن كذلك أكثر عرضةً للاستغلال الجنسي، والحمل، وزواج القُصّر خلال فترة التوقف عن الدراسة.
تقول ليلى: "المدارس أكثر بكثيرٍ من مجرد بيئةٍ للتعلم، إنها توفر بيئةً حاميةً للفتيات".
وفقاً لتقرير صندوق ملالا، فإن 8% من الفتيات في ليبيريا قبل تفشي وباء إيبولا لم يدخلن المدرسة الابتدائية. تلك النسبة تضاعفت ثلاث مراتٍ بعد الأزمة.
وفي غينيا، بؤرةٌ أخرى للتفشي، فإن فرص الفتيات أقل بنحو 25% عن فرص الصبيان في العودة للدراسة بعد أن تعود الأمور لطبيعتها.
أما في سيراليون فقد قفزت نسب الحمل بين المراهقات لتصل إلى 65% في بعض المناطق. وانخفضت نسبة الانضمام للمدرسة بنحو 16% بين 4800 فتاةٍ تتبَّعتهن دراسةٌ أخرى.
وفي وقت تفشي إيبولا منعت سيراليون الفتيات الحوامل من دخول المدارس.
صعوبات كثيرة: يحكي إريك تاهي، المدرس بمدرسةٍ إعداديةٍ شمال ساحل العاج إن مدرسته حين فتحت أبوابها الشهر الماضي عادت إحدى تلميذاته، في الـ14 من عمرها وهي حاملٌ. حينها زار إيريك أهلها في منزلهم، محاولاً إقناعهم بإبقائها في المدرسة.
خلال شهرين من الإقفال هذا الربيع قابل المدرسون الآباء والأمهات ليشرحوا لهم أهمية الدراسة المنزلية عن بعد، وكيف أن الأعمال المنزلية الزائدة قد تُبعد بناتهم عن المسار الأكاديمي.
يبدو أن الحملة آتت ثمارها.
يقول إريك: "عاد سبعون طالباً من أصل أربعةٍ وسبعين إلى فصلي، وتغيب فتيان وفتاتان؛ فقط لأن عائلاتهم قد انتقلت لمدنٍ أكبر".
لم تبدأ الدراسة بعد في شمال نيجيريا، حيث تُضطر حليمة لادو ابنة الـ14 عاماً للتبديل بين الدروس. تقول حليمة إن التنقل بين المسؤوليات شاقٌ.
كما تُضيف: "تخشى عائلتي من عودتي للمدرسة؛ بسبب تفشي المرض".
يُمثل المال حاجزاً آخر لريتا ميتيه ابنة الـ16 عاماً التي تعيش قُرب العاصمة الليبيرية مونروفيا.
قبل أزمة كورونا كانت طالبةً فخريةً، تُمضي الساعات في دراسة الرياضيات، والعلوم، والجغرافيا. وقد حلُمت بأن تُصبح مهندسةً مدنية.
تلك الرؤية قد انهارت حين طُبق التباعد الاجتماعي رسمياً.
تقول ريتا إن المدارس يُفترض أن تعود الأسبوع القادم، لكن ذلك لم يعد يبدو خياراً ممكناً.