بدأ نواب ديمقراطيون في الولايات المتحدة الأمريكية بإعداد تشريع لإجبار الرئيس دونالد ترامب على رفع السرية عن تقرير حول مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي في قنصلية بلده بإسطنبول، وللكشف عن المسؤولين عن الجريمة، بما في ذلك ما يتعلق بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ضغوط على ترامب: موقع The Monitor الأمريكي قال، الثلاثاء 26 مايو/أيار 2020، إنه على الرغم من إعلان عائلة خاشقجي أنها "عفت" عمن قتله، فإن ذلك لم يمنع الكونغرس من التحرك والبحث عن المسؤولين عن الجريمة.
أشار الموقع إلى أن نواباً ديمقراطيين ضاعفوا من جهودهم لإجبار إدارة الرئيس الأمريكي على تقديم تقرير علني عن كل مسؤول سعودي تواطأ في قتل خاشقجي، لافتاً أيضاً إلى تقرير للأمم المتحدة تضمن "أدلة موثوقة" على تورُّط محمد بن سلمان في الجريمة، فضلاً عن توصل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) إلى تقييم مماثل.
رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، آدم شيف، قال إنه لا يمكن أن تكون هناك مُحاسبة، ما لم تعلن إدارة ترامب ما تعرفه عمَّن أمر ونفّذ وحاول التستر على الجريمة في الحكومة السعودية.
شيف -في تصريح للموقع الأمريكي- أوضح أن الكونغرس يحتاج لخطوات أخرى لضمان رفع السرية عن تقرير الاستخبارات بشأن مقتل خاشقجي.
أشار The Monitor إلى أن مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني طالب، العام الماضي، إدارة ترامب بتقديم نسخة غير سرية من التقرير حول قتل خاشقجي إلى الكونغرس، وتضمن نصه الأوّلي معاقبة كل مسؤول سعودي يثبت تورُّطه في التقرير، لكن إدارة الرئيس رفضت طلب الكونغرس.
في السياق ذاته، نقل الموقع الأمريكي عن مسؤول ديمقراطي في الكونغرس – لم يُذكر اسمه – قوله: "لسنا على علم بأي ضرر للأمن القومي الأمريكي يمكن أن ينجم عن رفع السرية عن التقرير".
مطالب متكررة: تُضاف جهود النواب الديمقراطيين إلى محاولات سابقة لأعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي طالبوا، في فبراير/شباط 2020، الرئيس ترامب بمزيد من المعلومات حول مقتل خاشقجي.
جاءت المطالب حينها من أعضاء جمهوريين وديمقراطيين، بعد أيام من تجاوز الإدارة الأمريكية مهلة نهائية لتقديم تقرير مفصل بشأن مقتل خاشقجي، وقال السيناتور جيم ريش آنذاك إن "لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ملتزمة بالسعي للحصول على كل المعلومات المتاحة في نطاق دورها الرقابي".
هل سيرضخ ترامب؟ أمام المطالب المتزايدة للكشف عن سرية جريمة خاشقجي، يجد ترامب نفسه أمام ضغط، فمن جهة عليه أن يواجه مطالب الكونغرس، ومن جهة ثانية عليه ألا يُغضب حليفته السعودية التي تشتري الأسلحة منه بشكل كبير وتربط بينهما علاقات اقتصادية واسعة.
وسبق للكونغرس أن نجح في إجبار إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على رفع السرية عن وثائق هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وفقاً لما ذكره موقع BuzzFeed News.
كان الموقع قد نقل، بداية أبريل/نيسان 2020، تصريحاً لمسؤول في لجنة الاستخبارات تحدث عن جهود النواب الديمقراطيين للكشف عن التفاصيل السرية لمقتل خاشقجي، قال فيه إن "هذه الخطوات التشريعية يمكن مقارنتها بجهود بذلها الكونغرس طوال عام للضغط على إدارة أوباما لرفع السرية عن وثيقة أخرى مُصنَّفة عن المملكة العربية السعودية كانت مخفاة عن الجمهور لأسباب تتعلق بالأمن القومي".
كانت تلك الوثيقة تتألف من 28 صفحة من تقرير للكونغرس عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وتفيد بوجود صلات مزعومة بين الحكومة السعودية وأولئك الذين نفذوا الهجمات الإرهابية.
ورفعت الإدارة السرية عن الصفحات، وهو ما مكَّن لجنة الاستخبارات في مجلس النواب من نشرها في يوليو/تموز 2016 في أعقاب حملة ضغط عامة من الحزبين تضمنت سلسلة من مشاريع القوانين والقرارات.
جريمة قتل خاشقجي: في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قُتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، وعقب 18 يوماً على الإنكار، قدمت خلالها الرياض تفسيرات متضاربة للحادث، أعلنت مقتل خاشقجي إثر "شجار مع سعوديين"، وتوقيف 18 مواطناً في إطار التحقيقات، دون الكشف عن مكان الجثة.
في إطار القضية، أصدرت السعودية أحكاماً بالإعدام في حق 5 متهمين، وأحكاماً بالسجن 24 عاماً لثلاثة متهمين آخرين، فيما تم إطلاق سراح الأسماء المقربة من ولي العهد.
أشار تقرير من 101 صفحة نشرته المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في يونيو/ حزيران 2019، إلى تحميل السعودية المسؤولية عن قتل خاشقجي "عمداً"، وتحدث عن وجود أدلة موثقة من أجل التحقيق مع مسؤولين كبار، بينهم الأمير محمد.