اعتقلت شرطة هونغ كونغ، الأربعاء 27 مايو/أيار 2020، نحو 300 شخص، وفرَّقت محتجين في قلب المركز المالي العالمي، بسبب تجدد الاحتجاجات على قوانين الأمن القومي الجديدة التي اقترحتها الصين المظاهرات المناهضة للحكومة.
الشرطة طوَّقت أيضاً المجلس التشريعي الذي سيشهد مناقشة مشروع قانون لتجريم عدم احترام النشيد الوطني الصيني، وسط توتر متزايد، بسبب ما يعتبرها المحتجون تهديدات للحريات التي تتمتع بها المدينة.
استنفار واحتجاجات: خرج الناس من مختلف الأعمار إلى الشوارع، يرتدي بعضهم السواد وآخرون يرتدون ملابس رسمية، في حين أخفى البعض الآخر هوياتهم تحت المظلات، في مشاهد تعيد إلى الأذهان الاضطرابات التي هزت هونغ كونغ، العام الماضي.
قالت محتجة اسمها تشانج (29 عاماً)، ترتدي ملابس سوداء: "رغم ما يداخلك من خوف فإن عليك أن ترفع صوتك".
كما أُلغيت دعوة إلى التجمع حول المجلس التشريعي، بسبب كثافة وجود الشرطة. ومن المتوقع أن يصبح الاقتراح قانوناً ساري المفعول الشهر المقبل، وأغلقت عديد من المتاجر وفروع البنوك والمباني الإدارية أبوابها مبكراً، وشوهدت شرطة مكافحة الشغب وهي تلقي القبض على العشرات وتُجبرهم على الجلوس على الرصيف ثم تقوم بتفتيشهم.
هذه الاحتجاجات عادت بعد أن اقترحت الصين قوانين للأمن الوطني تستهدف الأنشطة الانفصالية والتخريب والإرهاب. ومن المحتمل أن تؤدي القوانين المقترحة إلى إنشاء قواعد لوكالات الاستخبارات الصينية في المدينة التي تتمتع بقدر من الحكم الذاتي.
قانون النشيد الوطني: كانت الحكومة الصينية صدَّقت عام 2017 على قانون يقر بفرض عقوبة السجن لمدة تصل 3 سنوات، على من يهين النشيد الوطني، إضافة إلى حرمانه من ممارسة الأنشطة السياسية.
لاحقاً، قررت بكين تطبيق القانون ذاته في هونغ كونغ وماكاو الإدارية.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي، تشهد هونغ كونغ، المستعمرة البريطانية سابقاً، أسوأ أزمة سياسية منذ إعادتها إلى الصين عام 1997.
وتمثَّلت الأزمة في اندلاع حركة احتجاجية ضد محاولة حكومة الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ، كاري لام، تمرير مشروع قانون مثير للجدل، يقر تسليم مطلوبين إلى الصين، وهو المشروع الذي تم سحبه رسمياً في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
غير أن الاحتجاجات استمرت ونادت بمطالب جديدة، بينها مزيد من الإصلاح الديمقراطي، وإجراء تحقيق مستقل في مزاعم لجوء الشرطة إلى العنف المفرط خلال الاحتجاجات، وإطلاق سراح المحتجزين دون شروط، وعدم وصف الاحتجاجات بأنها أعمال شغب، فضلاً عن إجراء انتخابات مباشرة على منصب الرئيس التنفيذي.
قلق دولي وردٌّ صيني: أعربت الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وكندا ودول أخرى عن قلقها من مشروع القانون، الذي اعتُبر على نطاق واسع نقطة تحوُّل ممكنة بالنسبة لأكثر مدينة صينية تتمتع بالحرية، وواحدة من المراكز المالية الرئيسية في العالم.
كما تقول السلطات الصينية وحكومة هونغ كونغ التي تحظى بدعمها، إنه لا خطر على الحكم الذاتي في المدينة، وإن القوانين الجديدة محكمة.
ماتيو تشونغ، سكرتير إدارة هونغ كونغ الحكومية، قال للصحفيين: "إنه (التشريع) يهدف إلى تحقيق الاستقرار على المدى البعيد في هونغ كونغ والصين، ولن يؤثر على حرية التجمع أو التعبير أو وضع المدينة كمركز مالي". وأضاف: "سيوفر (التشريع) بيئة مستقرة للشركات".
من جانبه، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يعدُّ على خلاف بالفعل مع الصين بشأن التجارة وجائحة فيروس كورونا المستجد، يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ستعلن في هذا الأسبوع، رداً قوياً على التشريع المقترح.
وزارة الخارجية الصينية قالت، الأربعاء، إن بكين ستتخذ الإجراءات المضادة اللازمة لمواجهة التدخل الأجنبي بشأن التشريع الأمني الجديد في هونغ كونغ.
وفي مركز للتسوق بوسط المدينة ردد المحتجون هتافات تقول "تحرير هونغ كونغ! ثورة عصرنا"، و"استقلال هونغ كونغ هو السبيل الوحيد للنجاة".
كما شوهد محتج يرفع لافتة تقول "دولة واحدة ونظامان كذبة"، في إشارة إلى نظام سياسي وضعته بريطانيا في 1997، في أثناء تسليمها المدينة للصين بما يضمن الحريات في هونغ كونغ حتى عام 2047.
انتقال عدوى الاحتجاجات: مع هدوء الاحتجاجات في حي المال، احتشد مئات الأشخاص بحي مونغ كوك بجزيرة كولون، وهو من أحياء الطبقة العاملة، حيث اشتعلت الاحتجاجات العام الماضي مراراً. وأغلق المحتجون الطرق فترة وجيزة قبل أن تطاردهم الشرطة.
قالت الشرطة إنها اعتقلت نحو 300 شخص، أغلبهم بسبب التجمهر المخالف للقانون في ثلاثة أحياء.
هذا وتعهدت رئيسة تايوان، تساي إينج وين، بتقديم إغاثة إنسانية لأي شخص من هونغ كونغ يفر إلى الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.
كما انخفضت الأسهم الصينية، بسبب تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وقادت بورصة هونغ كونغ الانخفاض، مسجلةً تراجعاً بنسبة 0.4%.
فيما يفرض مشروع القانون عقوبات بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات، أو غرامات تصل إلى 50 ألف دولار هونغ كونغ (6450 دولاراً أمريكياً) على ازدراء النشيد الوطني