هاجمت نقابة الأطباء المصريين بشكل لاذع وزارة الصحة، وقالت إنها تتقاعس عن الاعتناء بالكوادر الطبية التي تواجه فيروس كورونا المُستجد، محذرةً من كارثة صحية في البلاد، وذلك بالتزامن مع ازدياد الغضب جراء حصد الفيروس مزيداً من أرواح الأطباء المصريين وإصابة آخرين، الأمر الذي تسبب بإطلاق مطالب واسعة على موقع تويتر لإقالة وزيرة الصحة هالة زايد.
حياة الأطباء مُهددة: في بيان نشرته على صفحتها في فيسبوك، الإثنين 25 مايو/أيار 2020، قالت نقابة الأطباء إن وزارة الصحة تتقاعس عن الاعتناء بجميع أعضاء الطواقم الطبية، مشيرةً إلى أن الوزارة من واجبها توفير الحماية لهم وسرعة علاج من يُصاب بالمرض منهم.
أضاف البيان: "لكن للأسف الشديد فقد تكررت حالات تقاعس وزارة الصحة عن القيام بواجبها في حماية الأطباء، بداية من الامتناع عن التحاليل المبكرة لاكتشاف أي إصابات بين أعضاء الطواقم الطبية، إلى التعنت في إجراء المسحات للمخالطين منهم لحالات إيجابية، لنصل حتى إلى التقاعس في سرعة توفير أماكن العلاج للمصابين منهم".
النقابة أشارت إلى الخسائر المتتالية والمتزايدة لأعضاء الكوادر الطبية بسبب كورونا، وقالت إنه حتى الإثنين 25 مايو/أيار 2020، وصل عدد الأطباء المتوفين إلى 19، آخرهم الطبيب الشاب وليد يحيى الذي عانى من المرض إلى أن مات، بالإضافة إلى أن الفيروس أصاب ما لا يقل عن 350 من الأطباء.
نتيجة لذلك، أكدت النقابة أنها تحمّل وزارة الصحة المسؤولية الكاملة لازدياد حالات الإصابة والوفيات بين الأطباء، وهددت بأنها "ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والنقابية لحماية أرواح أعضائها، وستلاحق جميع المتورطين عن هذا التقصير الذي يصل لدرجة جريمة القتل بالترك".
كذلك دعت النقابة الأطباء للتمسك بحقهم في تنفيذ الإجراءات الضرورية قبل أن يبدأوا بالعمل، مشيرة إلى أن غياب تلك الإجراءات يُعتبر جريمة في حق الطبيب والمجتمع.
من بين الإجراءات الاحترازية التي أكدت عليها النقابة: توفير وسائل الوقاية الشخصية الكاملة، وتلقي التدريب الفعلي على التعامل مع حالات كورونا، وإجراء مسحات حال وجود أعراض أو حال مخالطة حالات إيجابية دون وسائل الحماية اللازمة، بالإضافة إلى توفير المستلزمات والأدوية اللازمة لأداء العمل.
في ختام بيانها، طالبت النقابة جميع الجهات التنفيذية والتشريعية والرقابية بالقيام بدورها في حمل وزارة الصحة على القيام بدورها في حماية الطواقم الطبية، وسرعة توفير مستشفيات عزل خاصة لأعضاء الطواقم الطبية لضمان سرعة علاجهم.
كما حذرت النقابة الوزارة من تزايد وتيرة الغضب بين صفوف الأطباء لعدم توفير الحماية لهم، الأمر الذي سيؤثر سلباً في تقديم الرعاية الصحية، إضافة إلى تحذيرها من أن المنظومة الصحية قد تنهار تماماً وقد تحدث كارثة صحية في البلاد بسبب تقاعس وإهمال وزارة الصحة.
الاستقالات تتزايد: يأتي بيان نقابة الأطباء، في وقت أثارت فيه وفاة الطبيب وليد يحيى غضباً كبيراً بين صفوف زملائه، وكان يحيى قد أُصيب بالفيروس جراء مشاركته في علاج المرضى المُصابين به، وبحسب أصدقائه فإن الوفاة جاءت نتيجة إهمال وزارة الصحة وتقاعسها.
دفعت الوفاة الطبيب محمود طارق إلى تقديم طلب استقالته من العمل في مستشفى المنيرة العام، وقال طارق في بيان الاستقالة: "أتقدم باستقالتي بعد الإهمال المتعمد تجاه زميلنا الطبيب وليد يحيى، كنت على مدار ثلاث سنوات مثال التفاني في العمل بمستشفى المنيرة العام، وخمس سنوات بوزارة الصحة وبعد أن ترسخ اليقين لديّ بأنه لا عصمة لنا ولا ثمن وأن الوزارة لا تكتفي بتحميل أطبائها ثمن فشلها وسوء إدارتها وعجزها ولكنها تتقاعس عن نجدتهم في حال سقوط أحدهم حتى يواجه وجه الله".
كذلك تقدم الطبيب خالد نشأت زكي، طبيب عامل بوزارة الصحة والسكان، باستقالته لمدير عام مستشفى الشروق العام، وقال في إخطار استقالته: "أيقنت بالمأساة التي تعرض لها الطبيب وليد يحيى، وبعد ثبوت الإهمال المتعمد من وزارة الصحة تجاه الزملاء من الأطباء قررت تقديم استقالتي".
ضغوط لإقالة وزيرة الصحة: الخسائر الكبيرة في صفوف الكوادر الطبية دفعت مصريين إلى إطلاق حملة على موقع تويتر لإقالة وزيرة الصحة هالة زايد، وتصدر هاشتاغ مُطالب برحيلها قائمة التغريدات الأكثر تداولاً في مصر، كما تصدر هاشتاغ آخر للتضامن مع الأطباء.
حساب لمصري باسم "شريف عاطف" كتب يقول إن "الإهمال في صحة الأطباء لن يؤدي بنا إلا إلى كارثة وانهيار للمنظومة الطبية"، بينما قالت مُغردة باسم "دينا" إن "كل طبيب مصري يُفقد بسبب الإهمال والتباطؤ في توفير وسائل رعاية ليه ذنبه في رقبة الوزارة وعلى رأسها الوزيرة".
أمام "محمد" فتساءل في تغريدته: "انت متخيل ان واحد يموت وابنه 3 شهور عشان ملقاش مكان في مستشفي بيشتغل ومقضي يومه فيها؟ وانت كطبيب اكيد دورك جاي".
من جانبه أشار مغرد باسم "إبراهيم" إلى أن سلامة الأطباء ليست في أولوية الوزارة، وقال: "إمعاناً في استفزاز الأطباء والتمريض والطاقم الطبي كله والتنكيل بهم! منع المسحات للطاقم الطبي وعمل مسحات لأعضاء مجلس الشعب والممثلين وأي حد غير الطاقم الطبي ولا حول ولا قوة إلا بالله!".
الوفيات في تزايد: تأتي هذه التطورات في وقت أعلنت فيه مصر أنها سجلت 752 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الساعات الأربعة والعشرين الماضية، ارتفاعاً من 727 حالة في اليوم السابق.
كذلك سجلت البلاد أعلى عدد وفيات بالفيروس في يوم واحد منذ بدء تفشي الوباء، إذ بلغ عدد حالات الوفاة الجديدة 29 حالة مقارنة مع 28 وفاة في اليوم السابق.
المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان في مصر، خالد مجاهد، قال إن إجمالي العدد الذي تم تسجيله في مصر بفيروس كورونا المستجد حتى الأحد 24 مايو/أيار 2020، هو 17265 حالة من ضمنهم 4807 حالات تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل والحجر الصحي، و 764 حالة وفاة.