دفع لاجئ سوري في بريطانيا الحكومةَ لتغيير مخطط لها كان سيحرِم عائلتَه من البقاء في بريطانيا لأجلٍ غير مسمَّى إن تُوفِّي جرَّاء عمله في مجال التنظيف بمستشفى يستقبل مرضى كورونا.
الشاب السوري حسن عقاد، الذي تطوّع للعمل في المشفى، نشر فيديو، الأربعاء 20 مايو/أيار 2020، حاز فوق 4 ملايين مشاهدة وما يزيد عن 52 رتويت، تحدَّث فيه عن شعوره "بالخيانة"، وطالب رئيس الوزراء بوريس جونسون بإعادة النظر في القرار الذي استهدف العمال المهاجرين ذوي الدخل المتدني، بما في ذلك الحمّالون، وعمال النظافة، وموظفو الرعاية الاجتماعية.
العقاد الذي يعمل مخرجاً سينمائياً أيضاً خاطب جونسون قائلاً "هل هذه هي الطريقة التي تقول عبرها شكراً لنا؟"، معبِّراً عن شعوره بأنه تلقَّى طعنةً في الظهر؛ لأن حكومته قدَّمت ضماناتٍ للموظفين الأجانب في القطاع الصحي ولأُسرهم بالبقاء في البلاد حال وفاتهم، لكنها استثنت بعض المهن، من بينها عمال النظافة.
تحدَّث في الفيديو أيضاً عن موقف الحكومة من العاملين في القطاع الصحي، وقال "لقد كنت أستمتع حقاً بالتصفيق الذي تقوم به أنت وزملاؤك في الحكومة كل أسبوع، اليوم شعرتُ بالخيانة والطعن في الظهر. شعرت بالصدمة عندما اكتشفت أنك قررت أنت وحكومتك استبعادي وزملائي الذين يعملون كعمال نظافة وحمالين وعمال رعاية اجتماعية، وجميعهم يعملون بالحد الأدنى للأجور، فقد قررت استبعادنا من الخطة المفجعة".
"لذا، إذا متُّ من محاربة الفيروس التاجي فلن يُسمح لشريكتي بالبقاء إلى أجل غير مسمى. هذه هي طريقتك لقول شكراً لك؟"
الفيديو أثار ضجةً كبيرةً، وهذا ما تسبب بمراجعة القرار، لِتُعلن بعد ذلك وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل تعديلَ المخطط، ليشمل العاملين في المهن ذات الدخل المتدني.
يعمل مخرج الأفلام واللاجئ السوري حسان عقاد في وحدة النظافة بالمستشفى، في جناح فيروس كورونا، بمستشفى في شرق لندن، منضماً للحرب على الوباء في بلده الجديد.
عقاد قال في مقابلة على زووم "إنني سعيد للغاية بما أقدمه من مساعدة".
يعيش عقاد البالغ من العمر 32 عاماً في لندن منذ أربعة أعوام. وكان تسجيله المصوَّر الذي وثَّق فيه رحلته ونجاته على قارب مطاطي من تركيا إلى أوروبا، ثم إلى بريطانيا، جزءاً من سلسلة أعمال وثائقية فازت بجائزتي بافتا وإيمي في عام 2017.
بعد ظهور المرض وجد عقاد طريقة لشكر المجتمع الذي رحّب به، وأصبح "مثل وطنه"، بالعمل في فريق النظافة بمستشفى ويبس كروس.
عن حسن عقاد: يعمل عقاد هناك منذ أربعة أسابيع على مدار خمسة أيام أسبوعياً، ويقول إن العمل أحد أصعب التحديات التي واجهها.
عقاد قال "إنه عمل مُجهد. مهمة شاقة بدنياً ونفسياً"، مضيفاً أن تطهير كل شبر من الجناح مع ارتداء معدات حماية شخصية يؤدي إلى تعرُّقه، ويتسبب في صعوبات في التنفس، يقول "يصعب عليك أن ترى مرضى يعانون، خاصة أنهم لا يمكنهم رؤية أحبائهم بسبب القواعد. تراهم على الأسرّة يتحدثون إلى أحبائهم ويبكون، من الصعب مشاهدة ذلك".
لكنه قال إن التجربة تستحق ما يقوم به، فالتجربة ستُمكِّنه من نقل قصة هذا الوباء والترويج للقضايا التي يهتم بها، مثل تحسين معاملة المهاجرين واللاجئين، وزيادة أجور العمال "في قاعدة الهرم".
عقاد عبَّر عن حزنه على نقص التمويل لهيئة الصحة الوطنية التي تديرها الحكومة، وأثنى على التعددية الثقافية لدى فرق التمريض وعمال النظافة وغيرهم من العمال، وقدرتهم على العمل معاً.
تحدَّث أيضاً أنه يعمل في جناح علاج فيروس كورونا مع أناس من نيجيريا وجامايكا وغانا وسوريا وإسبانيا وتايلاند وبولندا.
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون كان وجّه الشكر لممرضتين من البرتغال ونيوزيلندا، عندما تحدث عن خضوعه مؤخراً للعلاج من كورونا في مستشفى آخر بلندن.
عقاد أوضح أن المهاجرين واللاجئين لم يخوضوا جميعهم تجارب إيجابية كتجربته عندما جاء للمملكة المتحدة أول مرة، معرباً عن أمله في أن يجلب الفيروس إحساساً بالوحدة، ويضع حداً للعداء الذي يستشعره الوافدون الجدد في بعض الأحيان.
أضاف: "الآن ونحن نرى مهاجرين ولاجئين في الخط الأمامي، آمل أن يدفع ذلك الناس على المستوى الدولي إلى إجراء نقاش بشأن قيمة المهاجرين واللاجئين في مجتمعاتهم المستضيفة لهم".