أعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية، المُعترف بها دولياً، الإثنين 18 مايو/أيار 2020، عن سيطرتها على قاعدة "الوطية" الجوية الاستراتيجية، التي تُعد آخر معقل رئيسي للجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر في غرب العاصمة الليبية طرابلس، ليمثل ذلك أحدث خسارة له في المعارك التي يخوضها ضد قوات الحكومة.
اللواء أسامة جويلي، آمر غرفة العمليات المشتركة، قال في تصريح لقناة "فبراير" الليبية، إن "قوات عملية بركان الغضب تسيطر بالكامل على قاعدة الوطية الجوية".
كذلك نقلت القناة عن الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب"، مصطفى المجعي، قوله، إن "عملية تحرير الوطية هي بداية لعمليات عسكرية أوسع وأشمل".
أشار المجمعي، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول، إلى أن السيطرة جاءت سريعة، و"ذلك نظراً لانسحاب أغلب الميليشيات التي كانت بداخل القاعدة (140 كلم جنوب غرب طرابلس)".
تأتي السيطرة على القاعدة بعد سلسلة من الضربات الجوية التي وجهتها قوات حكومة الوفاق لخصومها، وبحسب بيانات لعملية "بركان الغضب"، فإن سلاح الجو التابع للحكومة شن عشرات الغارات على القاعدة منذ بداية مايو/أيار الجاري، واستهدفت تمركزات لقوات حفتر في الوطية.
وكانت الحكومة قد اعتبرت، في نهاية أبريل/نيسان 2020، أن "الوطية" أخطر القواعد التي يستخدمها المتمردون في عدوانهم على العاصمة، وعملت الدول الداعمة لحفتر على أن تكون قاعدة إماراتية، على غرار "قاعدة الخادم" بالمرج (شرق).
أهمية قاعدة الوطية: تكمن أهمية قاعدة الوطية في موقعها المحصن طبيعياً، حيث شيّدها الأمريكيون خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) في منطقة بعيدة عن التجمعات السكانية، وأقرب منطقة مأهولة تبعد عنها 25 كلم، ما يجعل أي هجوم كبير على القاعدة مكشوفاً أمام طائراتها الحربية ومدفعيتها الثقيلة.
هذا ما يفسّر فشل حشود عملية فجر ليبيا (تحالف لمدن غرب ليبيا) في اقتحام القاعدة طيلة عامين (2014-2016)، رغم احتشادها على بعد 30 كلم منها، وتبلغ مساحة القاعدة نحو 50 كلم مربعاً.
تُعتبر "الوطية" ذات أكبر بنية تحتية عسكرية من بين القواعد الليبية، حيث تستطيع القاعدة الجوية استيعاب وإيواء 7 آلاف عسكري، وبُنيت القاعدة على أساس التحصينات المحيطة بها (التضاريس الجغرافية)، بالإضافة إلى أن القاعدة تمتلك أكبر تحصينات خارجية بين القواعد الليبية.
تمثل القاعدة مركزاً للحشد وتهديداً لمدن الساحل الغربي، فضلاً عن أنها نقطة انطلاق الطائرات التي كانت تُغير على العاصمة طرابلس، قبل تحييدها، منذ إطلاق قوات الحكومة عملية "عاصفة السلام" في 25 مارس/آذار 2020.
تعد السيطرة على الوطية مهمة لتأمين مدن الغرب الليبي التي حررتها حكومة الوفاق، ولكنها أيضاً ذات أهمية بالغة للتفرغ لمعركة ترهونة، التي تمثل مفتاح هزيمة حفتر جنوبي طرابلس.
كذلك فإن السيطرة على قاعدة الوطية ستتيح عدة مزايا لقوات الحكومة، أهمها تأمين مدن الساحل، وعزل قوات حفتر في القرى النائية بالجبل الغربي (الصيعان والعربان)، وإنهاء أي تهديد للعاصمة من المحاور الغربية والجنوبية الغربية.
الأهم من ذلك بالنسبة لحكومة الوفاق منع حفتر والدول الداعمة له من إرسال تعزيزات عسكرية للقاعدة من شأنها قلب المعركة في الساحل الغربي، والعودة إلى المربع الأول.