كشف الممثل الأمريكي الخاص لشؤون سوريا ومبعوث التحالف الدولي لمحاربة داعش، جيمس جيفري، أن افتقار إيران إلى السيولة المالية بفعل العقوبات الأمريكية دفعها إلى كبح جماح بعض قواتها بسوريا، وذلك في ظل الحديث عن خطوات تقوم بها طهران خلال الفترة الأخيرة في سوريا، تخص إعادة تموضع جنودها هناك.
حيث أوضح جيفري بالقول: "لقد رأينا الإيرانيين يتراجعون عن بعض أنشطتهم الخارجية وما شابه ذلك في سوريا، بسبب مشاكلهم المالية صراحةً… وذلك يتعلق بالنجاح الهائل لسياسات العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على إيران، إذ إن لها تأثيراً وفاعلية حقيقية على الأوضاع في سوريا"، وفق التقرير الذي نشره موقع Al-Monitor الأمريكي، الثلاثاء 12 مايو/أيار 2020.
قوات إيران: وفي حديث أمام لجنة افتراضية عبر الفيديو، استضافها مركز "هدسون" الأمريكي للأبحاث بواشنطن، أبرز جيفري التقارير التي تفيد بأن القوات المدعومة من إيران قلَّصت وجودها بسوريا، وهو جزء من أسباب الانقطاع في حالة القتال التي كانت مستمرة.
فيما أشار جيفري إلى أنَّ وقف إطلاق النار الذي عُقد في أوائل مارس/آذار 2020، بوساطة من روسيا الداعمة لبشار الأسد، وتركيا الداعمة لبعض الجماعات المعارضة التي تسعى للإطاحة به، ما زال صامداً إلى حد كبير في محافظة إدلب المحاصرة.
لكن جيفري عاد ليربط أيضاً التخفيف الظاهر في حدة التوترات بحملة "أقصى ضغط" التي تمارسها إدارة ترامب على إيران، مشيراً إلى أن جائحة فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة شلّت الاقتصاد الإيراني.
تحركات تكتيكية: وقال جيفري: "نحن نرى بعض تراجعٍ للقوات التي تقودها إيران. بعض تلك التحركات تكتيكي، لأنهم لا يقاتلون في الوقت الحالي، لكنها ناجمةٌ أيضاً عن افتقارهم إلى المال".
وبالإضافة إلى تأكيد الهزيمة الدائمة لقوات تنظيم داعش، تقول إدارة ترامب إنها تحتفظ بالقوات الأمريكية في سوريا لمواجهة التوسع الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لإسرائيل.
وتأتي تعليقات جيفري، الأربعاء، وسط تقارير متداولة في وسائل الإعلام الإسرائيلية تفيد بأن إيران شرعت في تقليص كبير لوجودها العسكري في سوريا، وأغلقت كثيراً من قواعدها بجميع أنحاء البلاد بعد التصعيد الأخير للغارات الجوية الإسرائيلية.
ومع ذلك، فإن جيفري رفض هذه التقارير إلى حد كبير، خلال مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي، وشدد فيه على أن التحركات الأخيرة للقوات الموالية لإيران لا تمثل تغييراً استراتيجياً كبيراً لإيران والقوات المتحالفة معها في سوريا.
التزام استراتيجي: وقال جيفري: "ما لم نره –وأنا أشدد على ذلك- هو أي التزام إيراني استراتيجي بعدم محاولة استخدام سوريا كقاعدةِ إطلاق ثانية للأسلحة بعيدة المدى ضد إسرائيل، وكقناةٍ -ضمن الهلال الشيعي الشهير- لإمداد حزب الله بمزيد من الصواريخ الأشد فتكاً والأكثر دقة، مرة أخرى، لتهديد إسرائيل".
إلى ذلك، يمكن أن تواجه إيران، التي تعاني بالفعل من جراء العقوبات، جولةً أخرى من العقوبات الاقتصادية بموجب ما يسمى "قانون قيصر". وهو القانون الذي يقضي بمعاقبة الحكومات والشركات الخاصة التي تقدم الدعم للنظام السوري وسيدخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران 2020، ويعوّل المسؤولون في الإدارة الأمريكية على أن الضغوط المالية ستجبر حلفاء الأسد على إعادة تقييم وجودهم المستمر في سوريا.
فيما لخَّص جيفري رؤيته بالقول: "وصفتي ما زالت هي نفسها [الاستمرار في الضغوط الاقتصادية]"، مضيفاً أنه يجب على الولايات المتحدة "العمل مع العالم العربي وأوروبا لضمان عدم تذبذب أي شخص –كما قالت مارغريت ثاتشر ذات مرة- بشأن العقوبات".