تخطط الصين إلى اتخاذ خطوات لترسيخ صناعة الفراء الواسعة لديها، والتي تمثل أحد مصادر اقتصاد البلاد، الأمر الذي يثير القلق من انتشار فيروس كورونا بين الحيوانات التي تتجمع معاً في مساحات صغيرة، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Independent البريطانية، السبت 9 مايو/أيار 2020.
قتل الحيوانات: الصحيفة أشارت إلى أن وزير الزراعة الصيني، هان تشانغفو، اقترح إعادة تصنيف حيوانات المنك، وكلاب الراكون، والثعالب الفضية والزرقاء على أنها حيوانات أليفة، بدلاً من التصنيف الذي تحظى به الآن بوصفها حيوانات برية.
تقول جماعات الضغط المعنية برعاية الحيوانات إن التغيير يرمي إلى حماية الصناعة من الضغط الدولي لإنهاء إنتاج الأنواع البرية بسبب جائحة فيروس كورونا.
تُربي الصين 50 مليون حيوان وتقتلها في مزارع الفراء سنوياً، بحسب الجمعية الدولية للرفق بالحيوان، التي أرسلت خطاباً إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ، تعترض فيه على الخطة التي لا تزال في مرحلة المشاورات.
يشير الخطاب الذي نشرت فحواه الصحيفة البريطانية، إلى أن حيوانات المنك اكتُشفت إصابتها بمرض كوفيد-19 في مزارع الفراء بهولندا، واكتُشفت كذلك إصابة كلاب الراكون في سوق حيوانات برية بمدينة شنغن الصينية بمرض سارس، وهو نوع آخر من فيروسات كورونا.
كذلك أشار الخطاب إلى أن الحيوانات التي تحتشد مع بعضها في ظروف غير صحية وقاسية ومجهدة، مثل مزارع الفراء، تكون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفيروسية، وأن هذه "الظروف المروعة" موجودة في جميع قطاعات تجارة الأحياء البرية.
ويضيف الخطاب: "إنهاء تجارة الأحياء البرية لجميع الأغراض، بما فيها إنتاج الفراء، والأدوية، وقطاعات السياحة/الحيوانات الأليفة، سوف يقلل خطر وقوع جائحة أخرى بدرجة كبيرة".
من جانبها تتمسك بكين بهذه الصناعة المُهمة لاقتصادها، حيث أشارت دراسة صينية إلى أن هذه الصناعة تساوي 389 مليار يوان صيني (حوالي 59.55 مليار دولار).
خوف من الأمراض الحيوانية: تقول الدكتورة تيريزا تيليسكي، نائب رئيس الجمعية الدولية للرفق بالحيوان، إن هناك "دليلاً واضحاً على أن بعضاً من هذه الأنواع يمكنها أن تكون مضيفة وسيطة للفيروسات، مثلما حدث مع كوفيد-19، وهو ما يدعونا لأن نستحثّ حكومات العالم على وقف تجارة الأحياء البرية".
هذه المخاوف نابعة من كون أغلب الأمراض حيوانية المصدر في العصور الحديثة، بدءاً من جائحة الإنفلونزا عام 1918، كانت ذات أصول حيوانية، ويمكنها نقل العدوى إلى أنواع أخرى.
من جانبه، قال بيتر لي، الخبير في السياسات الصينية، إن صناعة الفراء في البلاد توفر فرص عمل لـ7.6 مليون شخص، لكن الرقم يمكن أن يكون مبالغاً فيه؛ لأن ما لا يقل عن حوالي نصف هؤلاء كانوا عمالاً موسميين أو بدوام جزئي أو مُعينين للعمل بالساعة.
تُشير الصحيفة البريطانية إلى أن الصين أغلقت المشاورات العامة، الجمعة 8 مايو/أيار 2020، وسوف ينظر مسؤولو الزراعة في الردود.
انتقادات للصين: بعدما تحول فيروس كورونا إلى جائحة وصلت لدول العالم، واجهت بكين انتقادات من حكومات ومنظمات بسبب أسواق الحيوانات البرية، فعلى الرغم من أنه حتى الآن لم يتوصل العلماء بشكل قطعي إلى معرفة أصل الفيروس، فإن ترجيحات تشير إلى تسربه من سوق لبيع الحيوانات البرية في مدينة ووهان الصينية، والتي مثلت البؤرة الأولى في العالم لانتشار الفيروس.
كان موقع قناة Fox News الأمريكية، قد ذكر في أبريل/نيسان 2020، أن الحكومة الصينية سمحت بإعادة فتح بعض أسواق الحيوانات البرية في البلاد، لكن القناة أشارت إلى أن سوقاً للحيوانات في مدينة ووهان لا يزال مغلقاً.
أما مجلة Newsweek الأمريكية، فنقلت تصريحاً لمراسل صحيفة Daily Mail الذي زار سوقاً للحيوانات البرية في مدينة دونغ غوان جنوب الصين، وتحدث عن أن هذه الأسواق عادت للعمل بعد شهرين من إغلاقها.
أما عن المشاهد داخل الأسواق، فيقول نولز إنه "يتم حشر الكلاب والقطط الخائفة في أقفاص صدئة. ويتم بيع الخفافيش والعقارب كدواء تقليدي. وتقع الأرانب والبط المذبوح جنباً إلى جنب، على أرضية حجرية مغطاة بالدم والقذارة وبقايا الحيوانات".
كورونا في العالم: تجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا المُستجد حول العالم، الأحد 10 مايو/أيار 2020، حاجز 4 ملايين شخص، لتأتي الولايات المتحدة على رأس قائمة البلدان الأكثر تضرراً بالفيروس، إلى جانب عدد من الدول الأوروبية.
سمح التراجع في أعداد الإصابات والوفيات، الذي سُجل على مدى الأسابيع الماضية، بإطلاق عملية رفع للقيود في عدد من الدول، لاسيما في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، بعد الثمن الاقتصادي الكبير الذي دفعته الدول الأوروبية، وسط مخاوف من موجة ثانية للفيروس.