بينما تبدأ إيطاليا في العودة إلى العمل هذا الأسبوع برفَع القيود التي وضعت لإيقاف انتشار فيروس كورونا المُستجَد هناك عمال يتبعون مصنع "رومو" للمعكرونة يطلبون إجازةٍ عن العمل.
كان المصنع، الواقع في مدينة بينيفينتو الجنوبية، يعمل على مدار اليوم كل أيام الأسبوع خلال إغلاق إيطاليا، فيما كان العاملون وفق صحيفة Financial Times البريطانية يعملون وردياتٍ إضافية لتلبية الطلب المرتفع على مبيعات مصنعهم.
بالنسبة لكوزيمو رومو، رئيس الشركة العائلية التي تأسَّسَت عام 1846، والبالغ 65 عاماً، كان الانتعاش في المبيعات حلواً ومُراً في آنٍ واحد. ربما كانت شركته تكافح من أجل البقاء، لكن شركاتٍ أخرى في إقليم كامبانيا، وعاصمته نابولي، دُمِّرَت تماماً بفعل الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الإغلاق.
بين الشمال والجنوب: بينما تكبَّد الجنوب الإيطالي ضحايا أقل كثيراً خلال الجائحة، مقارنةً بالشمال الذي يتميَّز بالثراء، يُتوقَّع أن يُخلِّف الدمار الاقتصادي ضرراً أعمق في ذلك القطاع من البلاد الذي تخلَّف عن بقية إيطاليا لعقودٍ من الزمن.
يبرز هذا الانقسام بين الشمال والجنوب في بلدانٍ أخرى من جنوب أوروبا، مثل إسبانيا، ما يفاقم اللامساواة الإقليمية المتنامية لسنواتٍ طويلة. في كلا البلدين، يُتوقَّع أن تتعافى المناطق الشمالية الأغنى سريعاً، بفضل قواعدها الصناعية والزراعية، بينما ستضعف المناطق الجنوبية، المُعتمِدة على السياحة، على الأرجح لفترةٍ أطول.
تبرع بالأكل: كانت شركة رومو تتبرَّع بالمعكرونة والدقيق للفقراء، عبر الكنائس والمنظَّمات الخيرية، لكن السيد رومو يتخوَّف من أن الضرر الاقتصادي الواقع على اقتصادٍ محليٍّ ضعيفٍ بالفعل قد يكون دائماً. قال رومو: "كانت الحكومة بطيئة للغاية في دعم الشركات الصغيرة؛ والبعض منها ببساطة لن يفتح مُجدَّداً. سترتفع مُعدَّلات الفقر".
في الجنوب الإيطالي، انهار قطاع السياحة، ذو الأهمية الكبرى، في الجزر الواقعة قبالة ساحل نابولي، مثل جزيرتيّ كابري وإسكيا. وعلَّق ستيفانو مانزوتشي، عميد قسم الاقتصاد والمالية بجامعة لويس في روما، قائلاً: "من الأرجح أن يكون التعافي الاقتصادي أبطأ كثيراً في الجنوب مِمَّا في الشمال".
أضاف: "في نهاية المطاف، سيصبح جنوب إيطاليا أفقر، وسوف يفاقم ذلك من الانقسام بين الجنوب وبقية البلاد، ذلك الانقسام الذي يسوء على مدار عقودٍ من الزمن".
سجَّلَت منطقة أندلوسيا، إحدى أفقر مناطق إسبانيا وأكثرها اكتظاظاً بالسُكَّان، أكثر من 1300 حالة وفاة من الإصابة بفيروس كورونا المُستجَد، مقارنةً بـ5500 في منطقتيّ كتالونيا، و8500 في مدريد، الأغنى من أندلوسيا.
في إيطاليا، كَسَرَ بعض حُكَّام المناطق الجنوبية التوجيه الرسمي من روما بالإسراع في عودة الأعمال إلى طبيعتها.