أبدت منظمة الصحة العالمية تأييدها للتجارب المثيرة للجدل التي تعتمد على إصابة المتطوعين عمداً بفيروس كورونا المستجد، حيث قالت المنظمة إن هذه التجارب تسرّع من عملية تطوير اللقاح، لكنها أصدرت مجموعة من المعايير الأخلاقية الجديدة للقبول بهذا النهج، رغم مخاطره المحتملة على المشاركين.
تجربة مهمة وخطرة: تُعتبر هذه التجارب التي يطلق عليها اسم دراسات التحدي أحد الأساليب الرئيسية المتبعة في تطوير اللقاح، واستخدمها العلماء في لقاحات الملاريا والتيفوئيد والإنفلونزا، ولكن تتوفر علاجات لهذه الأمراض إذا أصيب المتطوع بدرجة خطيرة منها، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 8 مايو/أيار 2020.
أما كوفيد-19، فلم يحدد العلماء جرعة آمنة منه، ولا توجد علاجات مؤكدة إذا لم تسر الأمور كما ينبغي، لذلك فإن هذا النوع من التجارب ينطوي على مخاطر كبيرة، إلا أن العلماء يُجمعون على أهمية مثل هذه التجارب، ومنظمة الصحة العالمية هي أحدث الهيئات التي أشارت إلى دعمها المشروط للفكرة.
يقول البروفيسور نير إيال، مدير مركز أخلاقيات علم الأحياء السكاني في جامعة روتجرز الأمريكية: "يتنامى الإجماع بين كل من فكر في هذه الدراسات جدياً على أهميتها".
في نفس السياق، قالت منظمة الصحة العالمية في توجيه جديد صدر الأسبوع الفائت، إن دراسات التحدي المتقنة يمكن أن تسرع من التوصل إلى لقاح لعلاج كوفيد-19، وتزيد من فرص نجاح اللقاحات النهائية.
شروط للتجربة: لكن منظمة الصحة العالمية وضعت ثمانية معايير يجب استيفاؤها قبل اللجوء إلى دراسات التحدي، مثل قصر المشاركة على الأشخاص الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، وإعلامهم بالمخاطر وموافقتهم الكاملة عليها.
من اللافت أن هذه المعايير لا تستثني إجراء دراسات التحدي في حالة غياب علاج فعال، لكنها تنص على أن المخاطر يمكن أن تندرج "ضمن الحدود القصوى المقبولة" لمثل هذه الأبحاث.
كما أنه من الضروري تحديد جرعة آمنة من كوفيد-19 كافية للتسبب في المرض، ولكن ليس بدرجة خطيرة منه، وثمة فاصل دقيق جداً بينهما، من خلال دراسات أولية عن زيادة الجرعة تدريجياً.
كما يجب إجراء مثل هذه الدراسات في مرافق آمنة، لتجنّب إصابة أي شخص خارج التجربة عن غير قصد، فضلاً عن أن هذه الدراسات ستشكل مستويات غير مؤكدة من المخاطر على المشاركين.
من جانبه، قال البروفيسور أندرو بولارد، الذي يقود تجربة اللقاح الذي يطوره فريق في معهد جينر بجامعة أكسفورد، إنه يوجد "اهتمام كبير" بإمكانية إجراء دراسات التحدي بين أولئك الذين يحاولون تطوير لقاحات لعلاج فيروس كورونا.
وتشهد المملكة المتحدة والولايات المتحدة بالفعل مساعي لتمهيد الطريق أمام دراسات التحدي التي تشمل اختبار زيادة الجرعات في الدراسات على الحيوانات.
إلا أن البروفيسور نير إيال يقول إنه لا بد من تسريع هذه الجهود، مضيفاً: "بسبب العبء الهائل على الصحة العامة الذي من المتوقع أن يشكله كوفيد (…)، لا نريد أن نكون في وضع نقرر فيه رغبتنا في إجراء دراسات التحدي، ثم نضطر إلى الانتظار ثلاثة أشهر، وهو ما يؤدي إلى المزيد من الخسائر في الأرواح".
كورونا في العالم: مع عدم توصل العالم حتى الآن إلى علاج مُعتمد لفيروس كورونا، يواصل الفيروس تسجيل المزيد من الضحايا، فحتى السبت 9 مايو/أيار 2020، وصل عدد المصابين بكورونا في أنحاء الأرض إلى نحو 4 ملايين شخص، بينما وصل عدد القتلى إلى نحو 275 ألفاً، وفقاً لجامعة جونز هوبكنز الأمريكية.
تأتي الولايات المتحدة في قائمة البلدان الأكثر تضرراً من الفيروس في العالم، تليها إسبانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وألمانيا.