تتقدم دول كثيرة بحذر في اتجاه رفع الحجر المنزلي عن مواطنيها، وسط مخاوف من حصول موجة ثانية من الإصابات بفيروس كورونا المستجد، الذي اقترب عدد الإصابات به حتى السبت 9 مايو/أيار 2020 من 4 ملايين شخص حول العالم، فيما ضرب الوباء بصورة خاصة أمريكا التي تواجه نسبة بطالة غير مسبوقة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
عودة للحياة بأمريكا: في الولايات المتحدة تسير الحياة نحو حالتها الطبيعية ببطئ، ويعود لكل من حكام الولايات الأمريكية اتخاذ قرار بشأن رفع الحجر في ولايته، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
شركة آبل العملاقة تعتزم إعادة فتح متاجرها، مغتنمة الإذن الصادر عن حكام إيداهو وكارولاينا الجنوبية وألاباما وألاسكا، ولو أن مهندسي المجموعة العملاقة للتكنولوجيا وقادتها في كاليفورنيا يواصلون في الوقت الحاضر العمل من منازلهم حتى إشعار آخر.
تأتي العودة الطبيئة للحياة الطبيعية في أمريكا، مع بلوغ نسبة البطالة في الولايات المتحدة 14,7% في أبريل/نيسان 2020، بزيادة عشر نقاط عما كانت عليه قبل شهر فقط، غير أن الرئيس دونالد ترامب بقي على ثقته بالمستقبل، فأكد من البيت الأبيض أن هذه الأرقام "كانت متوقعة تماماً" وأن الفيروس "سيختفي بدون لقاح، سيختفي".
فتح متاجر الصين وباكستان: في الصين أيضاً قررت السلطات، الجمعة 8 مايو/أيار 2020، وضمن شروط محددة، إعادة فتح الأماكن العامة، مثل المراكز التجارية والمطاعم ودور السينما والمنشآت الرياضية والمواقع السياحية والمكتبات وغيرها.
من جانبها، تباشر باكستان السبت 9 مايو/أيار 2020، تخفيف القيود المفروضة، فسمحت بإعادة فتح الأسواق والمتاجر الصغيرة، رغم أنه لم يتم احتواء الوباء بعد في هذه الدولة التي تعتبر الخامسة في العالم من حيث عدد سكانها.
وإن كانت حصيلة الإصابات المقدرة بأكثر من 26 ألفاً والوفيات البالغة 599 وفق الأرقام الرسمية تبدو متدنية بالنسبة للتعداد السكاني البالغ 220 مليون نسمة، فهي أدنى بكثير من الأرقام الفعلية ولم يسجل انتشار الوباء تباطؤاً بعد، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
في هذا السياق، أقر رئيس الوزراء عمران خان بذلك، موضحاً أن قرار رفع الحجر المنزلي اتُّخذ للاستجابة لوضع طارئ اجتماعي بالمقام الأول في بلد يعيش حوالي ربع سكانه دون عتبة الفقر وفق البنك العالمي. وقال خان: "نقوم بذلك؛ لأن سكان بلادنا في وضع صعب جداً".
أوروبا تخرج من الحجر: في القارة الأوروبية، بدأت عملية رفع الحجر في بعض الدول، غير أن البلدان الأكثر إصابة بالفيروس لا تزال تتريث، كما أن دول الاتحاد الأوروبي ستبقي حدودها مغلقة، إذ دعت المفوضية الأوروبية، الجمعة، الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي إلى تمديد المنع المؤقت للرحلات غير الضرورية إلى أراضيها حتى 15 يونيو/حزيران المقبل.
كذلك فإن نهاية الأسبوع المنصرم كانت الأخيرة قبل بدء العودة ببطء إلى أوضاع طبيعية في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا (باستثناء برشلونة والعاصمة مدريد) وبلجيكا واليونان ودول أوروبية أخرى، غير أن "الحياة اعتباراً من 11 مايو/أيار لن تكون كما كانت من قبل"، بحسب تعبير رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب.
وتحيط شكوك كثيرة بعملية رفع الحجر المنزلي، فهل تنطوي على مخاطر؟ وما هي الخطوات الواجب اعتمادها تحديداً؟ وهل تحصل موجة جديدة من الإصابات؟
إزاء هذه التساؤلات، ستعمد إسبانيا على سبيل المثال إلى تسريع أو إبطاء آلية رفع الحجر بحسب الوضع في مختلف المناطق، لكن الحكومة قررت، الجمعة 8 مايو/أيار 2020، السماح للحانات والمطاعم بإعادة فتح مساحاتها الخارجية، بشرط ألا تتعدى التجمعات فيها عشرة أشخاص، مع استثناء المناطق الأكثر إصابة بالفيروس وبينها أكبر مدينتين في البلد.
أما في المملكة المتحدة، فمن غير المطروح حتى الآن رفع الحجر المنزلي بالوتيرة ذاتها كما في الدول الأوروبية المجاورة، وقال وزير البيئة جورج يوستيس: "لم نخرج بعد من المأزق"، فيما وجهت الملكة إليزابيث الثانية رسالة إلى البريطانيين بمناسبة ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية قبل 75 عاماً قائلة: "لا تستسلموا أبداً، لا تفقدوا الأمل أبداً".
من جانبها، ستكتفي روسيا، السبت، باحتفالات محدودة أكثر مما كان يوده رئيسها بمناسبة "يوم النصر" عام 1945، في ظل الحجر المنزلي المفروض في العاصمة موسكو حتى نهاية أيار/مايو، وسيقتصر العرض العسكري على الجو، فيما حشد القادة الأجانب الذي كان فلاديمير بوتين يأمل في جمعه لم يعد سوى أمنية من باب الخيال.
كورونا في العالم: مع تعدم وصل العالم حتى الآن إلى علاج مُعتمد لفيروس كورونا، يواصل الفيروس تسجيل المزيد من الضحايا، فحتى صباح السبت 9 مايو/أيار 2020، وصل عدد المصابين بكورونا في أنحاء الأرض إلى نحو 4 ملايين شخص، بينما وصل عدد القتلى إلى نحو 275 ألفاً، وفقاً لجامعة جونز هوبكنز الأمريكية.
تأتي الولايات المتحدة في قائمة البلدان الأكثر تضرراً بالفيروس في العالم، تليها إسبانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وألمانيا.