أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة 8 مايو/أيار 2020، رفضها التصويت على مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقفٍ لإطلاق النار في مختلف النزاعات في العالم، لمساعدة البلدان على مكافحة وباء كورونا، بعد يوم واحد من موافقتها عليه، وذلك بسبب نصِّه على تقديم الدعم للمنظمات الدولية، بما فيها منظمة الصحة العالمية.
مفاوضات شاقة: بعد شهرين من المفاوضات الشاقة حول نص المشروع الفرنسي التونسي، قالت البعثة الأمريكية لممثلي الدول الـ14 الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن، إن "الولايات المتحدة لا يمكنها دعم المسودة المطروحة حالياً.
هذه العرقلة تجعل الهيئة الدولية للسلام والأمن صامتة في مواجهة وباء أسفر حتى الآن عن وفاة أكثر من 270 ألف شخص في العالم.
منظمة الصحة: دبلوماسيون أوضحوا لوكالة الأنباء الفرنسية أن اللغة التي استُخدمت في مشروع القرار لوصف منظمة الصحة العالمية هي سبب تحرُّك الولايات المتحدة لمنع التصويت.
يتضمن النص الأخير لمشروع القرار الحاجة إلى وقف الأعمال العدائية في مناطق النزاعات وإلى "توقف إنساني" للسماح للحكومات بمعالجة الوباء بشكل أفضل بالنسبة للأكثر معاناة.
كما يدعو كل الأمم إلى "تعزيز التنسيق" بينها في مكافحة الفيروس، وإلى "الضرورة الملحَّة لدعم جميع الدول والكيانات ذات الصلة ضمن نظام الأمم المتحدة، بما فيها وكالات الصحة المتخصصة، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية وتلك المتفرعة عنها".
دبلوماسيون قالوا إن هذه العبارات التي تشير إلى منظمة الصحة العالمية بدون ذكرها صراحة، كانت تسوية تمَّ التوصل إليها بين الصين والولايات المتحدة ليل الخميس/الجمعة، لكن واشنطن عادت وتراجعت عن موافقتها ورغبتها في التصويت.
تبرير: مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية قال: "من وجهة نظرنا، يجب على المجلس إما تبنِّي قرار يقتصر على دعم وقف إطلاق النار، أو قرار أوسع يتناول بالكامل الحاجة إلى تجديد التزام الدول الأعضاء الشفافية وقابلية المحاسبة في إطار كوفيد-19".
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتَّهم مراراً منظمة الصحة العالمية بالتهاون بشأن خطورة الوباء عند ظهوره في الصين. وكان يفترض أن تسمح الإجراءات التي قطعت واشنطن مسارها لراعيتَي النص (فرنسا وتونس)، بطرحه للتصويت.
صراع في الأروقة: في الوقت الذي تتهم فيه واشنطن المنظمة التابعة للأمم المتحدة بعدم انتهاج الشفافية والتأخر في تحذير العالم من تداعيات كورونا، تسعى بكين للتشديد على أهمية المنظمة في مكافحة الجائحة.
كانت واشنطن قد هددت باستخدام حق النقض (الفيتو) إذا وردت أي إشارة صريحة إلى منظمة الصحة العالمية، بينما لوحت بكين بالفيتو إذا لم يرد ذكر هذه المنظمة الدولية قبل أن توافق على الصيغة الأخيرة.
محاولة أخيرة: من جانبه، يدفع الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش باتجاه وقف لإطلاق النار في النزاعات منذ 23 مارس/آذار، مناشداً كل الأطراف وقف القتال والسماح للدول التي تشهد حروباً بمكافحة فيروس كورونا المستجد.
أصحاب المشروع ما زالوا متمسكين بضرورة إقراره، فقد صرَّح السفير الفرنسي في الأمم المتحدة نيكولا ريفيير بأنه يرغب "بالتأكيد في مواصلة المحاولات من أجل التوصل إلى اتفاق، إذا كان ذلك ممكناً". أما نظيره التونسي قيس القبطني فصرح بأن المناقشات مستمرة "لإقناع الأمريكيين"، متعهداً بالتوصل إلى إجراء تصويت.