قال مسؤولون أمريكيون إنّ الولايات المتحدة ستشرع في سحب أنظمة باتريوت المضادة للصواريخ من المملكة العربية السعودية، وتدرس خفض قدراتها العسكرية الأخرى داخل البلاد، ما يُمثّل نهاية للحشد العسكري واسع النطاق لمواجهة إيران في الوقت الحالي، كما يقول تقرير لصحيفة the wall street journal الأمريكية.
كما يتزامن قرار سحب جزء من القوات الأمريكية من السعودية مع دعوات داخل إدارة ترامب والكونغرس بضرورة معاقبة السعودية، على خلفية "حرب النفط" الأخيرة التي أشعلتها المملكة في صراعها مع روسيا، وتأثيرها على الشركات النفطية الأمريكية.
انسحاب عسكري أمريكي: التقرير الذي نُشر مساء الخميس 7 مايو/أيار 2020، أوضح أن الولايات المتحدة ستسحب أربع بطاريات صواريخ باتريوت من السعودية، إلى جانب عشرات العسكريين الذين وصلوا إلى المملكة في أعقاب سلسلةٍ من الهجمات على المنشآت النفطية السعودية، العام الماضي، وفقاً لما أفاد به عددٌ من المسؤولين الأمريكيين. وجاءت تلك الهجمات على خلفية الأعمال العدائية التي وقعت طوال أشهر.
الصحيفة الأمريكية أوضحت أن البنتاغون استند في قرار خفض الوجود العسكري إلى تقييمات بعض المسؤولين الذين رأوا أنّ طهران لم تعُد تُمثّل تهديداً مُباشراً للمصالح الاستراتيجية الأمريكية.
بينما لم يستجب المسؤولون السعوديون لطلبات التعليق على الفور. في حين أنكرت إيران مُشاركتها في الهجمات على المنشآت النفطية السعودية.
هناك أولويات أخرى: يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنّ نشر المعدات والعسكريين لردع إيران -بالتزامن مع ضربة يناير/كانون الثاني التي قتلت القائد الإيراني قاسم سليماني- فاجأ طهران تماماً. وفي هذه الأثناء، تُكافح إيران ضد تفشّي فيروس كورونا على أراضيها.
بينما يعتقد مخطّطو البنتاغون في الوقت ذاته أنّ الموارد العسكرية الأمريكية المحدودة -التي تشمل السفن الحربية وأنظمة صواريخ باتريوت- يجب أن تُخصّص لأولويات أخرى، منها جهود مواجهة توسّع النفوذ العسكري الصيني في آسيا بحسب المسؤولين الأمريكيين.
كما أضافوا أنّ بعض المسؤولين الأمريكيين لا يزالون قلقين حيال أنّ خفض الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط قد يفتح الباب أمام تحديات جديدة من إيران، خاصةً في ظل تواصل حملة الضغط الاقتصادي التي تفرضها إدارة ترامب على طهران.
أردف أحد المسؤولين: "إنّ الضغوط الضمنية على إيران، وميلها للحلول العسكرية بوصفها المنفذ الوحيد لتخفيف تلك الضغوط لا تزال قائمةً، في ظل تواصل حملة الضغط الأقصى. ومع استمرار حملة الضغط الأقصى أشعر أنّنا سنحتاج إلى رادعٍ قوي لمنع إيران من التصرّف والتجاوز في المنطقة".
ماذا عن معاقبة السعودية؟ كانت وكالة "رويترز" قد نشرت الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً على السعودية لخفض إنتاج النفط، لافتة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدَّد السعوديين في حال عدم الاستجابة بسحب الدعم العسكري.
وأحدث الأدلة المباشرة على ذلك هو ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن الولايات المتحدة تعتزم سحب قسم من جنودها من الخليج، بعد أن أرسلتهم خلال فترة التوتر مع إيران.
تحت عنوان "يمكن لترامب استخدام الخيار النووي (التهديد) لكي يجعل السعودية تدفع ثمن حرب النفط" قال سايمون واتكينز في مجلة "أويل برايس" إن الرئيس دونالد ترامب يفكر بكل الخيارات المتوفرة لديه من أجل معاقبة السعوديين على حرب أسعار النفط، في وقت أدى فيه انهيار أسعاره إلى إحداث ضرر كبير لصناعة النفط الأمريكية.
كما أضاف أن الرئيس الذي راقب الشهر الماضي الانخفاض المهين لأسعار نفط غرب تكساس المتوسط ودخولها منطقة السالب، بات يفكر في كل الخيارات المتوفرة لديه، حسب مسؤولين بارزين مقربين له تحدثوا إلى "أويل برايس" في الأسبوع الماضي.
وعلق واتكينز أن ما يُغضب الولايات المتحدة ليس انخفاض أسعار نفط غرب تكساس قبل نهاية العقود المؤجلة، لحين استئناف دول أوبك+ خفض الإنتاج بكميات كبيرة، ولا الضرر الذي أحدثته حرب الأسعار على صناعة النفط الصخري، بل لأن السعودية بات ينظر إليها في داخل المؤسسة الأمريكية كدولة خانت علاقة صداقة طويلة بين البلدين.
أمريكا تتجنّب الحرب: انخرطت الولايات المتحدة وإيران في هجمات انتقامية بعضهما ضد بعض، مع اختلاف شدتها على مدى السنوات، وقد تجنبت كلتاهما حتى اللحظة الراهنة تصعيداً لا يمكن السيطرة عليه برغم حوادث على شاكلة إسقاط الطائرة "إيران إير" الرحلة رقم 655 عام 1988، التي خلّفت وراءها 274 قتيلاً، واغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في وقت سابق من هذا العام.
بغض النظر عن نظريات البجعة السوداء والبجعة الرمادية المحتملة، ثمة سيناريو أرجح يشير إلى أن رغبة الولايات المتحدة في تقليل التزامها تجاه دول الخليج، وزيادة الشكوك لدى الخليج من الوثوق بالولايات المتحدة بوصفها ضامناً أمنياً إقليمياً، ووجود عالم جديد تكافح فيه دول الخليج والدول الغربية من أجل التعامل مع التداعيات الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، ستخلق جميعها بيئةً أكثر مُلاءَمة للترتيبات الأمنية متعددة الأطراف.
هو سيناريو يمكن أن يقلل من خطر وقوع حرب، حتى لو بدت التعددية في حالة تراجع على المستوى العالمي.