أظهرت دراسة حديثة في صناعة النفط، أنَّ إمدادات النفط العالمية قد تنخفض بما يزيد على 6% بحلول نهاية العقد الحالي، بسبب تأجيل الاستثمارات التي أطلقتها شركات الطاقة عقب جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID-19).
تقرير نشرته مجلة Forbes الأمريكية قال إن الأسابيع الماضية شهدت تحول أسعار النفط إلى السالب، بالتزامن مع تخفيضات في رأس مال الصناعة ونفقات التشغيل. ويُتداول مؤشرا خام غرب تكساس الوسيط وبرنت القياسيين عند مستويات أقل بـ80% و60% على التوالي منذ بداية عام 2020، بناءً على توقعات مروعة لمستويات الطلب على النفط الخام في ظل دخول عديد من الدول في حالة إغلاق بسبب فيروس كورونا.
نتيجة لاضطراب بالسوق تقول شركة Rystad Energy المختصة بشؤون الطاقة ومقرها العاصمة النرويجية أوسلو إنَّ تأجيل قرارات الاستثمار النهائية بشأن مشروعات النفط والغاز من المتوقع أن يؤدي لتقليص الإمدادات العالمية لكلا الموردين الطبيعيين بنسبة 5.6% بحلول عام 2025. ومن غير المفاجئ أنَّ معظم الانكماش المرتبط بقرارات المشروعات طويلة الأمد سيأتي على الأرجح من حقول النفط الصخري الأمريكية.
تُقدِّر الدراسة أيضاً أنَّ ما قيمته 195 مليار دولار من المشروعات غير المرتبطة بالموارد الصخرية قد تواجه تأجيلات على مدار الفترة نفسها، يتصادف أنَّ معظمها سيكون في استثمارات جديدة في تطوير حقول ومكثفات الغاز.
ليس النفط وحده: لن يكون ركود السوق مقتصراً بحال من الأحوال على شريحة نفط أو غاز واحدة، بل على الأرجح سيصل إلى مختلف الشرائح؛ إذ تلقَّت مشروعات الغاز الطبيعي المُسال ضربة من التراجع في الطلب العالمي. ويقول محللو شركة Rystad: "انهيار الأسعار وتراجع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المُسال يؤجل قرارات الاستثمار النهائية لسبع محطات للغاز الطبيعي المُسال عالمياً".
من الناحية الجغرافية، يُرجَّح أن تشهد حقول الشرق الأوسط الغنية بالنفط أكبر تراجع إقليمي. وتشير التقديرات الأولية الإجمالية لتراجع سوق مشروعات النفط والغاز العالمية، إلى أنَّ الإنتاج على الأرجح سيتراجع بنسبة 6.3% بحلول عام 2030، مقارنةً بما كان متوقعاً قبل انهيار الأسعار الذي تسبب به انكماش الطلب الناتج عن فيروس كورونا.
تأتي هذه التوقعات في الوقت الذي تستعد فيه الشركات الوطنية النفطية للدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، والتي تُجمِّد الكثير منها خططها الاستثمارية حالياً، لتنفيذ تخفيض تاريخي في إنتاج النفط يصل إلى 9.7 مليون برميل يومياً، في محاولة لإحداث التوازن في السوق.
شركات النفط العالمية، بدءاً من إكسون موبيل ووصولاً إلى رويال داتش شل، هي الأخرى علَّقت مشروعاتها، وخفَّضت الإنتاج بشدة في الحقول الصخرية الأمريكية، وقلَّصت عملياتها في منشآت المصب (التكرير والتوزيع) لمواكبة التراجع في السوق.
جرى الإعلان عن تخفيضات في الإنتاج، تنفذها حالياً أكبر 5 شركات نفط من حيث رأس المال السوقي –وهي مجموعة تقودها شركتا إكسون موبيل وشل- بمتوسط 23% من حيث التخفيضات على رأس المال المذكور في التقارير المالية الصادرة قبل انتشار جائحة فيروس كورونا عالمياً. وتوقعوا المزيد من التخفيضات والمزيد من المعاناة مع دخول السوق الأسبوع المقبل موسم إعلان تقارير الأرباح الربعية.