أعلن المحامي السوري أنور البني أن ضابطي مخابرات سورية سيمثلان أمام القضاء الألماني، الخميس 23 أبريل/نيسان 2020، لمحاكمتهم في قضايا الاعتقال والتعذيب تحت مبدأ "الولاية القضائية العالمية".
البني أكد في مقابلة مع فرانس برس، الإثنين 20 أبريل/نيسان، أن الجلسة التي ستعقد أمام محكمة كوبلانس الألمانية ستشكّل "رسالة مهمة" إلى المسؤولين السوريين ومن نفذوا الانتهاكات بحق المعتقلين، مفادها "أنك لن تفلت من العقاب، لذا فكر في الأمر".
أحد هذين الضابطين يدعى أنور رسلان، وهو الأرفع رتبة بينهما، قد شارك في اعتقال المحامي البني عام 2006 من أمام منزله في دمشق بتهمة المشاركة في نشاطات سياسية.
ولاية قضائية عالمية: تأتي هذه الخطوة ضمن نطاق الولاية القضائية العالمية، التي تطبقها عدة دول بينها ألمانيا وفرنسا، ويسمح لدولة ما بمقاضاة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان تنفيذ جريمتهم.
ورغم أن البني لم يعد قادراً على ممارسة مهنته في ألمانيا، لكن الناشط الذي يحظى بتقدير كبير في أوساط 700 ألف لاجئ سوري في ألمانيا، نجح في إقناع الضحايا بالإدلاء بشهادتهم.
فقد أوضح المحامي الألماني باتريك كروكر، الذي يمثل ستة أطراف مدعية مدنية سورية قد تنضم إليها امرأتان، أن "القضية ليست قضية انتقام بل قضية معرفة الحقيقة".
أضاف المحامي أن هؤلاء الضحايا الذين لجؤوا إلى دول أوروبية مختلفة "يريدون للعالم أن يعرف ماذا حدث هناك".
تاريخ مقلوب: العقيد السابق رسلان انشق عن الجيش السوري في عام 2012 قبل أن يصل إلى ألمانيا في 26 تموز/يوليو 2014.
قبل الانشقاق شارك رسلان في اعتقال البني خلال أيار/مايو 2006 من أمام منزله في دمشق وسجنه لمدة خمس سنوات حتى إطلاق سراحه في 2011 عند بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا.
وشاءت سخرية الأقدار أن يلتقي البني برسلان في منفاه في برلين، حيث صودف أن يقيما في مبنى طالبي اللجوء نفسه بالمدينة التي وصلا إليها بفارق شهرين.
ويستذكر البني وهو يدخن سيجارة إلكترونية: "لقد قلت لنفسي إني أعرف هذا الرجل لكنني لم أتعرف عليه فوراً".
وبعد بضعة أشهر، صادفه مرة أخرى في أحد المتاجر الكبرى، ولكن هذه المرة تمكّن من التعرف عليه.
جهد كبير: في عام 2016، عندما باشر البني العمل مع محامين لجمع الأدلة، علم أن المحققين الألمان يتابعون عن كثب قضية أنور رسلان، الذي اعتقل أخيراً في برلين في شباط/فبراير 2019.
واستطاع المحامي الستيني خلال خمس سنوات ونصف من إقامته في برلين جمع قدر كافٍ من الأدلة والشهادات ضد مسؤولين سوريين لإتاحة البدء بالملاحقات القضائية.
ويتهم القضاء الألماني الآن أنور رسلان بالمسؤولية عن مقتل 58 شخصاً وتعذيب ما لا يقل عن 4000 آخرين من نيسان/أبريل 2011 إلى أيلول/سبتمبر 2012، في فرع الخطيب الأمني، الذي كان يديره في دمشق.
"وحشي للغاية": المحامي كروكر أكد أن جميع من سيدلون بشهادتهم في المحكمة "عانوا من سوء معاملة جسدياً وأحياناً بشكل وحشي للغاية وعلى مدى فترة طويلة".
أما جريمتهم فكانت "على سبيل المثال، المشاركة في المظاهرات أو تصوير تجمّع أو جمع الأدوية للمصابين خلال المظاهرات".
ورغم فرارهم إلى أوروبا، لا يزال الرعب يخيم على الضحايا الذين غالباً ما يفضلون التزام الصمت خوفاً من مغبة التعرض لأقاربهم في سوريا أو خشية من تهديدات عملاء سوريين محتملين في أوروبا.
لم تنتهِ المعركة بعد بالنسبة إلى أنور البني الذي أشار إلى أن نحو 1000 سوري "متورطين في جرائم ارتكبها النظام السوري" متواجدون في أوروبا حالياً، "بدون أن يساورهم القلق".
وسيتحدث الضحايا في كوبلنس أيضاً نيابة عن أولئك الذين لن يتمكنوا من الحضور، بحسب كروكر، الذي أوضح "إما لأنهم ما زالوا مسجونين أو خائفين، أو لا يمكنهم الوصول إلى أوروبا وإما ماتوا جراء التعذيب".
مناشدات: اللجنة السورية لحقوق الإنسان طالبت في بيان الأسبوع الماضي الإفراج عن كافة المعتقلين في السجون السورية والذين يقدر عددهم بـ 85 ألف معتقل؛ وذلك خوفاً من خطر انتشار فيروس كورونا في ظروف اعتقالية صعبة جداً.