نشرت شبكة Fox News الأمريكية، الجمعة 17 أبريل/نيسان 2020، تقريراً كشفت فيه معلومات جديدة عن مختبر ووهان، الذي قالت الشبكة، في وقت سابق من يوم الخميس، إنه متورط في نشر وباء كورونا في العالم بعد خطأ مخبري أصيب من خلاله "المريض صفر" بالفيروس ونقله إلى الخارج.
أول مختبر فيروسات بالصين: الشبكة قالت إن مختبر ووهان هو الأول من نوعه في الصين الذي يبحث مسببات الأمراض البشرية كالفيروسات والبكتيريا، وقد بُني ليتحمل هزات أرضية تصل قوتها إلى 7 درجات على مقياس ريختر، ويعتبر مصدر فخر وابتهاج لمدينة ووهان. فيما يسلط هذا المختبر الضوء على قدرات الصين، ويضع باحثي البلاد في مصاف نظرائهم الأمريكيين والأوروبيين.
المختبر تم بناؤه عام 2003 بعد أن وافقت الأكاديمية الصينية للعلوم عليه وتكلَّف المشروع 44 مليون دولار، فيما استغرق تشغيله أكثر من عقد. وكان التأخر في تشغيل المختبر إلى حوالي 12 عاماً بسبب تعقيدات المبنى الذي يعد أول مختبر في البلاد، ويحظى بتصنيف المستوى الرابع لمعايير الأمان البيولوجي، فضلاً عن مخاوف بعض العلماء، منهم عالم الأحياء الجزيئية الأمريكي ريتشارد إبرايت، المتعلقة بتسرّب فيروس "سارس" سابقاً من مختبرات موجودة في بكين.
الأمان البيولوجي لمختبر ووهان: في 2015، فتح المختبر أخيراً أبوابه. وقال شيا هان، المدرس المساعد لدى معهد ووهان لأبحاث الفيروسات، في تقريرٍ نشرته دورية تصدر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها: "ستضطلع منشأتنا الجديدة، التي تحظى بالتصنيف من المستوى الرابع لمعايير الأمان البيولوجي، بدور تكاملي في منع الميكروبات المسببة للأمراض الخطيرة والتحكم فيها".
بحسب الشبكة الأمريكية، فإن المختبر، الذي يُطبِّق معايير الأمان البيولوجي من المستوى الرابع، هو المنشأة التي تحظى بأعلى تصنيف من حيث مستوى احتواء الفيروسات والميكروبات ومنع تسرّبها.
إذ بُني التصنيف، الذي يمتد من المستوى الأول إلى الرابع، على أساس الكائنات الحية الدقيقة التي تُجرى عليها الأبحاث. على سبيل المثال، يُصنَّف المختبر، المُجهز بإعدادات أساسية والذي يبحث فيروسات وبكتيريا غير مميتة وتشكل حداً أدنى من التهديد على حياة العمال والبيئة المحيطة، غالباً ضمن المستوى الأول لمعايير الأمان البيولوجي.
ويتعامل العلماء في المختبرات المصنفة ضمن المستوى الرابع من معايير الأمان البيولوجي، مثل المختبر الموجود في ووهان، مع أمراض أو فيروسات وبكتيريا خطرة للغاية ويمكن أن تسبب الوفاة للبشر.
العمال يطبقون في هذه المختبرات احتياطات وتدابير سلامة استثنائية، من بينها تنقية الهواء ومعالجة المياه والنفايات قبل مغادرتها المختبر. ويجب أن يرتدي العمال بذلات حماية بها أجهزة لتقنية الهواء، وأحذية ذات عنق طويل، وأقنعة للوجه، ويجب أيضاً الاغتسال وتغيير ملابسهم قبل وبعد كل نوبة عمل.
غير أن مسؤولاً سابقاً رفيع المستوى في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن المختبر مُجهز فقط للتعامل مع بكتيريا وفيروسات أقل خطورةً، ما أثار قلق أجهزة الاستخبارات.
اختبارات لسارس وإيبولا والإيدز بالمختبر: رغم أن منشأة ووهان هي الأولى من نوعها في الصين، كان هناك توسع في إنشاء المختبرات ذات المستوى الرابع لمعايير الأمان البيولوجي عبر الولايات المتحدة وأوروبا خلال الـ15 عاماً الماضية. ولدى الولايات المتحدة حالياً 10 مختبرات، أكبرها هو منشأة موجودة في مدينة أتلانتا وتبلغ مساحتها 95 ألف قدم مكعب، وتكلف بناؤها 480 مليون دولار.
بينما يُشار إلى أنه لا توجد قواعد دولية تحكم السلامة البيولوجية، قالت منظمة الصحة العالمية إن هناك حوالي 54 مختبراً مجهزاً بإعدادات مشددة لاحتواء الميكروبات في 24 دولة.
ومنذ تشغيله، أجرى مختبر ووهان أبحاثاً على فيروسات مثل سارس، وإيبولا، وفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز"، والفيروس المسبب لحمى لاسا في غرب إفريقيا، وكوفيد-19، المرض الذي سببه فيروس كورونا.
متعاون مع جامعات دولية: ويعمل مختبر ووهان بالتعاون مع جامعات مختلفة حول العالم مثل جامعة فاخينينجن في هولندا، وجامعة مونبلييه 2 في فرنسا. كما تربطه بجامعة تكساس علاقات لصيقة، ويحصل على مساعدة من مختبر جالفستون الوطني في كلية الطب بجامعة تكساس، بالإضافة إلى منظمات أخرى.
بينما نهض المختبر بدور كبير في التعرف على المرض المتفشي في الصين وتحديده بأنه نوع جديد وغير معروف مسبقاً من فيروس كورونا، تراجعت أهمية هذا الإنجاز أمام نظريات تفيد بأن أول عدوى بالفيروس حدثت نتيجة لحادثة في المختبر.
نقاط ضعف إدارية هائلة بالمختبر: وقال جوردون تشانغ، الخبير في الشؤون الخارجية، في مقال رأي نُشر مؤخراً في موقع Fox News: "يعتقد العديد من الصينيين أن الفيروس إما أُطلق سراحه عمداً أو تسرَّب عن طريق الخطأ من معهد ووهان لأبحاث الفيروسات، وهي منشأة تحظى بتصنيف المستوى الرابع لمعايير الأمان البيولوجي"، مضيفاً: "هذا المختبر، المعروف بأنه يجري دراسات على فيروسات كورونا، ليس بعيداً عن السوق، الذي حُدد في البداية كمصدرٍ لتفشي الوباء".
إلا أن سلسلة من البرقيات الدبلوماسية المصنفة بأنها "حساسة لكن غير سرية"، حذَّر فيها مسؤولون في السفارة الأمريكية من أن المختبر يعاني من نقاط ضعف إدارية هائلة، ما يشكل تهديدات صحية خطيرة، وحذروا واشنطن بضرورة التدخل في الأمر.
كما حذرت أول برقية، حصلت عليها صحيفة The Washington Post الأمريكية، من الدراسات التي يجريها المختبر على فيروسات كورونا التي تحملها الخفافيش، وبشكل خاص، من خطورة اندلاع جائحة جديدة تشبه وباء "سارس" إذا ما انتقلت الفيروسات إلى البشر.
أبحاث خطيرة أجريت به: ووردَ في برقية، يعود تاريخها إلى 19 يناير/كانون الثاني، وكتبها مسؤولان من أقسام الصحة، والعلوم والبيئة في السفارة الأميركية، واللذان تقابلا مع علماء من معهد ووهان لأبحاث الفيروسات: "خلال التفاعل مع العلماء في مختبر ووهان لأبحاث الفيروسات، لاحظ المسؤولون (الأمريكيون) أن هذا المختبر الجديد يعاني من نقصٍ حاد في التقنيين المُدرَبين بشكلٍ ملائم والمحققين الضروريين لإدارة هذا المختبر، الذي يحتاج إلى إجراءات مشددة لاحتواء الميكروبات، بطريقة آمنة".
ورأت البرقية أن الولايات المتحدة ينبغي أن تمنح الباحثين في مختبر ووهان مزيداً من الدعم، لأن الأبحاث التي تُجرى على فيروسات كورونا المرتبطة بالخفافيش مهمة وخطيرة.
فيما قدم شي، رئيس المشروع البحثي، ورقة بحثية في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أوضحت أن الخفافيش المسماة بـ"حدوة الحصان"، التي جُمعت من إقليم ووهان، هي على الأرجح من نفس فصيلة الخفافيش، التي كانت السبب وراء فيروس سارس في 2003.
رغم الأدلة التي تشير إلى خطورة الممارسات التي تُجرى داخل مختبرات ووهان، قال كبار قادة الجيش الأمريكي، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين رفيعي المستوى، لشبكة Fox New، إن تفشي فيروس كوفيد-19 لم يحدث بسبب تسربه من معمل ولا نتيجة لحرب بيولوجية.