حملة منظَّمة على تويتر تزعم اندلاع “ثورة جياع” بالمغرب.. أصابع الاتهام تتجه للإمارات، ومغاربة يردُّون: “شكراً العثماني”

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/15 الساعة 17:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/15 الساعة 17:05 بتوقيت غرينتش
سجال بين ريس الحكومة المغربية وصديق الملك عزيز آخنوش/رويترز


لليوم الثالث على التوالي، تصدَّر هاشتاغ " شكراً العثماني"، نسبة إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، قائمةَ هاشتاغات الـ"تويتر" المغربي؛ بعد تعرُّضه لحملة من قِبل تغريدات خارجية، تتهمه بـ"تجويع الشعب المغربي" في ظل جائحة كورونا، بالإضافة إلى "فشل الحكومة المغربية في احتواء الأزمة وعدم إيلاء الشعب عناية".

تفاصيل القصة تعود ليوم الأحد الماضي، عندما فوجئ آلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، خاصة في تويتر، بصعود وسم "المغرب" بقوة في "التويتر" العربي، وتداول عدد من التغريدات، من حسابات مجهولة، تروِّج لفكرة "معاناة الشعب المغربي من الجوع" بسبب الجائحة، و"فشل الحكومة المحسوبة على الإسلاميين في احتواء الأزمة".

عدد من التقارير الصحفية المغربية وجهت أصابع الاتهام إلى جهات تابعة للإمارات، لها مصالح عدائية للمغرب، كما أن خبيراً مغربياً صرح لـ"الأناضول" بأن هذه الجهة التي تستهدف المغرب حالياً، سبق أن هاجمت تركيا وقطر أيضاً.

ثورة جياع؟

حساب يحمل اسم "جهان يوسف" ويضع صورة امرأة محجبة لا تظهر ملامحها جيداً، وضع صورة لرئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني، وكتب عليها معلقاً: "إلى متى سيستمر إهمال العثماني وحكومته الفاسدة وعدم توفير الغذاء للشعب؟.. لقد ظهرت حقيقة العثماني للجميع".

جولة قصيرة في حساب "جهان يوسف"، ستجده كان قد كتب في وقت سابق، هذه التدوينة: "الله يحفظ دولة الخير الإمارات، تقوم بإرسال طائرة مساعدات طبية إلى إثيوبيا؛ لدعمها في مواجهة فيروس كورونا".

فكرة حساب "جهان" نفسها استُعملت في مئات من الحسابات الأخرى، ولو بعبارات مختلفة، لكنها تشترك في معطيَين أساسيين: الأول يتمثل في التحذير من ثورة جياع "قادمة لا محالة للمغرب"، وتمجيد أو إشادة سابقة بالإمارات، وهو الأمر الذي دفع عدداً من الصحف المغربية إلى ربط هذه الحملة بما يُعرف بـ"الذباب الإلكتروني الإماراتي".

صحيفة "الصحيفة" المغربية أشارت في تقرير لها، إلى أن هذه التدوينات اعتمدت على "سكريبت واحد"، وقالت الصحيفة إن "التغريدات المروِّجة للخطاب المذكور، تتحدث كلها عن (غياب المؤن) وعن اقتراب (ثورة الجياع)، وتحميل المسؤولية المباشرة لـ(حكومة سعد الدين العثماني) التي (لم يكن على ملك المغرب الوثوق بها)، باعتبارها (فاسدة) و(ضعيفة)، قبل أن تربطها بجماعة الإخوان المسلمين".

بدت تلك الحسابات، حسب الصحيفة نفسها، كأنها تعتمد على "سكريبت" واحد، حيث لم تجتهد في "إبداع" أفكار مختلفة حول "الأزمة" المزعومة التي يعيشها المغرب؛ بل ركزت جميعها على فكرة "غياب المواد الغذائية".

سبق أن هاجمت قطر وتركيا

في السياق نفسه، ذهب غسان بن الشيهب، وهو باحث مغربي متخصص بمنصات التواصل، إلى اعتقاد أن "الذباب الإلكتروني التابع للإمارات هو من كان خلف هذه الحملة المستهدِفة للمغرب"، وفق تصريح لوكالة الأناضول للأنباء.

الباحث المغربي أوضح أنَّ بحثاً أنجزه بيَّن "أن هذه الحسابات سبق أن هاجمت قطر وتركيا، في حين تشيد بالإمارات"، كما أن "80 بالمئة من الحسابات انطلقت في يوم وتاريخ واحد".

وأكد أن هذه الحسابات تروِّج لفكرة أساسية هي أن "حكومة المغرب فشلت في محاربة كورونا، ولا تهتم بالشعب".

من جانبها، قالت صحيفة "العمق" المغربية، إن "حملة الهجوم على العثماني وحكومته شنتها حسابات إماراتية في وقت متزامن، منذ الإثنين، وذلك بعد انتهاء جلسة مجلس النواب التي عرفت مساءلة رئيس الحكومة عن التدابير الوقائية من كورونا، وهو ما اعتبره مصدر مقرب من العثماني (حملة تهجُّم مدبَّرة من طرف ما يُعرف بالذباب الإلكتروني في الإمارات)؛ من أجل النيل وشيطنة العثماني ومعه المغرب ككل".

ردٌّ مغربي

وأطلق إعلاميون وناشطون في المغرب حملة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ للرد على هجوم"الذباب الإلكتروني" 

الإعلامي المغربي محمد لشيب قال لـ"الأناضول"، إن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، "شرَّف المملكة بتدبيره الحكيم والصارم لمرحلة الوباء".

كما نشر عدد من الإعلاميين والناشطين صوراً للعثماني وعاهل البلاد محمد السادس، معبِّرِين عن اعتزازهم بالقرارات المتخذة لمواجهة الجائحة.

وانضم عدد من الإعلاميين ومشاهير "السوشيال ميديا" إلى الحملة المدافعة عن العثماني والمغرب، كان آخرهم، الإعلامي في القناة "الثانية" صامد غيلان، الذي نشر شريط فيديو، تم تداوله على نطاق واسع، ينتقد فيه هذه الحملة، وكذا التعاطي الإعلامي معها في عدد من البلدان، خاصةً "الإعلام الجزائري".

صامد غيلان قال إنه "كان يتوجب على قناة النهار الجزائرية أن تلتزم بالمهنية في تعاطيها مع هذه التغريدات، ومعروفٌ على المغاربة أنهم يعتمدون على الفلاحة ومن أكثر البلدان الفلاحية في المنطقة، وليس على النفط؛ ومن ثم فإن البلدان النفطية هي من وجدت نفسها في أزمة غذاء في أزمة كورونا وليس المغرب".

الإثنين، قال العثماني إن التدابير الاستباقية التي اتخذتها الرباط لمواجهة كورونا، جنَّبت المملكة آلاف الضحايا.

وأوضح أن من الإجراءات المتخذة توقيف الدراسة، وتقديم دعم مالي للأسر المحتاجة، التي فقدت عملها، إضافة إلى أخرى متعلقة بمساعدة المسنين، وإيواء المشردين، ودعم عمال الشركات المتوقفة.

أزمات متلاحقة بين البلدين

هذه التطورات تأتي في ظل الحديث عن تدهور غير مسبوق في العلاقات بين المغرب والإمارات، والذي يرجع بشكل رئيسي إلى الموقف العلني الذي كشف عنه المغرب من الأزمة الخليجية، بعد أن فضَّل عدم قطع علاقاته مع قطر، والتزام "الحياد".

الشهر الماضي، أجمعت جُل الصحف المغربية على  "أزمة دبلوماسية غير مسبوقة اندلعت بين المغرب والإمارات؛ حيث سحب المغرب سفيره في أبوظبي محمد آيت وعلي، بداية الشهر، والذي ظل في منصبه أكثر من 9 سنوات، كما تم استدعاء القنصلَين المغربيَّين في دبي وأبوظبي".

حسب المصادر ذاتها، فإن "الرباط قامت أيضاً بإفراغ سفارتها (في أبوظبي) من جميع المستشارين والقائم بالأعمال؛ وهو ما قلل من تمثيليتها الدبلوماسية بشكل كبير".

كما أرجعت التقارير الإعلامية سبب هذا التطور، نقلاً عن مسؤول مغربي لم تذكر اسمه، إلى موقف الإمارات التي لم تعيِّن إلى الآن سفيراً لها لدى المغرب، منذ نحو عام.

العلاقات بين البلدين، حسب المصادر نفسها، "تمرُّ بفتور تعكسه مؤشرات عديدة، على رأسها عدم وجود سفير للإمارات في الرباط منذ أكثر من عام، وهو الأمر الذي عزز الأزمة بينهما ودفع المغرب إلى سحب سفيره من أبوظبي".

وأشارت إلى "أبوظبي غاضبة من العلاقات الجيدة التي تربط المغرب وقطر، الدولة المحاصَرة من قِبل السعودية والإمارات".

تحميل المزيد