في محافظة إدلب السورية، معقل المعارضة، حيث يتواجد ملايين اللاجئين، يتوفر فقط جهاز وحيد للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا، الذي قتل أكثر من 121 ألف شخص حول العالم. ويعيش في المنطقة أكثر من 3 ملايين شخص، أغلبهم فرّوا من مناطق أخرى من سوريا في الحرب التي بدأت قبل تسع سنوات.
إذ يعد جهاز وحيد في مركز محمد شهم مكي الطبي في محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية، ناقوس الخطر الوحيد الذي سينطلق إذا ظهر فيروس كورونا بين ملايين من أكثر الناس في العالم عرضة للتأثر بالوباء.
جهاز وحيد لملايين الناس: يوجد في المختبر الوبائي بالمركز الجهاز الوحيد في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية المجهز لإجراء اختبار الكشف عن الفيروس. وحتى بضعة أيام مضت بلغ عدد الاختبارات التي أجريت في المختبر 120 اختباراً فقط على 300 عينة.
رغم أن نتائج الاختبارات جاءت كلها سلبية يخشى الأطباء ووكالات الإغاثة أن يزيد تكدس النازحين في المنشآت، والمنشآت الطبية التي تعاني مما لحقها من دمار في سنوات الحرب من سرعة انتشار العدوى.
تزايدت وتيرة وصول العينات إلى المختبر، إذ تسلم في اليومين الأخيرين 5000 عينة، رغم أنه لم يتضح عدد الاختبارات التي يمكن إنجازها ومدى سرعة الانتهاء منها.
قال مكي إن الجهاز ليس كافياً لخدمة الجميع، ولذا فإنه يعمل تحت ضغط. وأضاف أنه نظراً لأنه الجهاز الوحيد فإن معايير صارمة تطبق في اختيار العينات.
تحذير من كارثة: قال أحمد الدبس من اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، وهي جمعية خيرية مقرها في الولايات المتحدة وتعمل في أراضي المعارضة، في تصريح لرويترز الشهر الماضي، إنه إذا انتشر فيروس كورونا في الشمال الغربي فستحدث كارثة.
كما أضاف أن عدد الوفيات سيكون كبيراً جداً، وأن العدوى ستنتشر على نطاق واسع والإصابات ستكون بمئات الآلاف. ومن العوامل التي أدت إلى بطء تنفيذ خطط لتزويد مراكز أخرى بأجهزة الكشف عن الفيروس ارتفاع كلفتها والتدريب اللازم لتشغيلها.
مكي أوضح أن المناطق "المحررة" بها نقاط ضعف رئيسية في القطاع الصحي بسبب الحرب و"الاستهداف الممنهج" للمستشفيات والمراكز الصحية.
في الأيام الأخيرة بدأ آلاف السوريين مغادرة مخيمات قرب الحدود التركية، إذ شعر بعضهم بالخوف من أن يصل الفيروس إلى مساكنهم المكدسة، وفضلوا العودة إلى إدلب بعد عودة الهدوء بفضل وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي.
بينما في باقي أنحاء سوريا أعلنت حكومة النظام السوري اكتشاف 25 حالة إصابة بالفيروس وحالتي وفاة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وقد أغلقت الحكومة الشركات وأوقفت رحلات الطيران وفرضت حظر تجول للحد من انتشار الفيروس.
سيناريو مدمر: يرجح مسؤولون أمميون، ومن بينهم روزماري ديكارلو مسؤولة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، احتمال أن يترك فيروس كورونا أثراً مدمراً في سوريا، وكتبت روزماري في تغريدة على تويتر: "إن كان هناك أحد بحاجة -ويا للعجب- إلى سبب لوقف القتال هناك، فها هو"، وفقاً لوكالة رويترز.
أما غير بيدرسون، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، لمجلس الأمن، فقال إنه "بعد عنف رهيب يسود هدوء غير مستقر على الأرض، يواجه السوريون الآن تهديداً مدمراً جديداً، وهو كوفيد 19".
وعندما بدأت الحالات الأولى من كورونا بالظهور في سوريا، قال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إنها ليست "سوى قمة جبل الثلج"، ومن المتوقع أن يكون هناك "تأثير مدمر" لذلك على المجتمعات الضعيفة.
أشار لوكوك إلى أن حوالي نصف مستشفيات الدولة ومرافق الرعاية الصحية كانت تعمل بكامل طاقتها في نهاية عام 2019، لكن ما تحدثت عنه عشرات المنظمات السورية من أرقام عن خسائر القطاع الصحي يشير إلى خسائر أكبر من التقديرات الموجودة لدى الأمم المتحدة.
مناطق المعارضة الأكثر تضرراً: في حال تحولت مخاوف مسؤولي الصحة في العالم بسوريا إلى واقع، فمن المُحتمل أن تكون مناطق المعارضة الأكثر تضرراً، هنالك حيث شهدت المناطق قصفاً متواصلاً على مدار سنوات من طائرات نظام بشار الأسد وروسيا.
أما السيناريو الأكثر سوءاً فتحدث عنه أطباء في المنطقة لصحيفة New York Time، عندما قالوا إنه بحسب التقديرات فمن المُحتمل أن يُصاب في إدلب مليون شخص، وأنه قد يقتل الفيروس ما بين 100 ألف إلى 120 ألف شخص، متحدثين عن حاجة ماسّة لأجهزة التنفس الصناعي.
في هذا الصدد، قال الطبيب عبدالرزاق زقزوق، من منظمة الجمعية الطبية السورية الأمريكية، لصحيفة New York Time: "لسوء الحظ ليس لدينا أماكن للحجر الصحي في شمال سوريا، إذا كانت هنالك أية حالة من فيروس كورونا فإن الوضع سيكون مأساوياً".