بدأ ألوف النازحين السوريين في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان 2020، العودة إلى ديارهم في محافظة إدلب التي مزقتها الحرب على الرغم من خطر تجدد القتال، وبعضهم مدفوع بالخوف من تفشي فيروس كورونا المستجد في مخيمات اللاجئين المكتظة قرب الحدود التركية.
حيث نزح زهاء مليون سوري من إدلب وريفها في شمال غرب البلاد خلال الاثني عشر شهراً الماضية بعد أن كثفت قوات الجيش السوري، مدعومة من روسيا، حملتها لاستعادة السيطرة على آخر معقل لمقاتلي المعارضة بعد حرب مستمرة منذ تسع سنوات.
توقف المعارك: فيما هدأت المعارك منذ مارس/آذار عندما اتفقت أنقرة، التي تدعم بعض الفصائل المعارضة للرئيس بشار الأسد، على وقف إطلاق النار مع موسكو التي تدعم دمشق بقوة جوية كثيفة.
إلى ذلك، فلم تُسجل حتى الآن أي حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد في شمال غرب سوريا، لكن الأطباء يخشون من أن البنية التحتية الطبية المدمرة في المنطقة والمخيمات المكتظة ستجعل أي تفش للفيروس يتحول بسرعة إلى كارثة إنسانية.
خيارات صعبة: وفي ظل صمود الهدوء المؤقت، يُقيم النازحون بين خيارين أصعب من بعضهما، إما البقاء في مخيمات مكتظة للغاية مع خدمات قليلة حيث يمكن أن يكون الانتشار المحتمل للفيروس مهلكاً، أو العودة إلى بيوتهم مع احتمال تجدد المعارك حولها.
حيث قال أبو عبدو (45 عاماً)، الذي عاد اليوم الأحد مع أُسرته المكونة من سبعة أفراد إلى قرية في ريف إدلب، "حياتنا من خطر إلى خطر تهرب من القصف والنظام والمعارك إلى الزحام والكورونا".
أضاف "نحن هنا أراض زراعية والهواء نقي ونظيف ولا يوجد زحام رغم أنها منطقة خطرة حتى اليوم".
قوافل العودة: فيما ملأت سيارات فان وشاحنات محملة بحشايا نوم وأجهزة منزلية طريقاً متعرجاً صوب الجنوب عبر محافظة إدلب الأحد،12 أبريل/نيسان 2020، مع سعي عائلات، فرت قبل أشهر قليلة بسبب الغارات الجوية، إلى العودة لديارها.
حيث قال النازح فايز العاصي (49 عاماً)، الذي فرّ من جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي قبل شهرين ونصف "لدينا تخوف من تصعيد النظام من جديد ولكن المعيشة في البلدة وفي منزلنا أفضل من هذا النزوح والبهدلة".
من جانبهم قال منسقو الاستجابة، وهي جماعة إغاثة في شمال غرب سوريا، إن 103 آلاف و459 سورياً عادوا إلى بلدات في حلب وريف إدلب منذ وقف إطلاق النار.
وقال النازح زكريا شاويش (25 عاماً)، من بلدة أريحا، جنوبي إدلب "حتى لو كان هناك قصف فنحن لا نخاف من القصف تعودنا.. الجلوس هنا تحت القصف أرحم من النزوح إلى الخيام وعدم امتلاك بيت".
وقف الحرب: كذلك فقد سبق أن قالت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في يوم 24 مارس/آذار 2020، إن هناك حاجة لوقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا حتى تنجح "الجهود الشاملة" في القضاء على فيروس كورونا ومنعه من النيل من السكان المحاصرين.
أضافتا أن السجناء وملايين النازحين، ولا سيما أولئك في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد، مهددون بشكل خاص بعد حرب امتدت لتسع سنوات.
فيما قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسن إن السوريين "معرضون بشدة (للإصابة) بكوفيد-19 (فيروس كورونا)"، ودعا إلى "الإفراج على نطاق واسع عن المحتجزين والأسرى" لأسباب إنسانية.
كما دعا فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى وقف إطلاق النار.
فيما كشف كاربوني أن اللجنة الدولية التي تتخذ من سويسرا مقراً لها طلبت من السلطات السورية السماح لها بالمساعدة في إجراءات الوقاية من العدوى وتوفير مستلزمات النظافة في تسعة سجون مركزية.