قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ مقعداً خلفياً، في إطار تعامل روسيا مع تفشي فيروس كورونا، وأدى مهام عمله عن بعد من مقر إقامته بضواحي موسكو، فيما فوّض سلطاته إلى آخرين، بعد أن قضى عهداً طويلاً يُحكم قبضته على كامل السلطات تقريباً في الكرملين.
مساعدو بوتين في مواجهة كورونا: فُرضت تدابير حجر صحي صارمة وإغلاق حدود محكم عن طريق مساعديه الموثوقين، بمن فيهم عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، ورئيس الوزراء الروسي الجديد ميخائيل ميشوستين، مع اضطلاع مسؤولين بجهود احتواء الفيروس ومواجهة التداعيات الاقتصادية التي خلّفها.
في غضون ذلك، سلّط بوتين تركيزاً أساسياً على تخفيف الضربة الاقتصادية الموجهة إلى الروس خلال مؤتمرات عن بُعد أو خطابات متلفزة بُثت من داخل مكتب خالٍ، وهو وضع صعب، يبدو فيه أنه يدير أزمة كان حريصاً على ما يبدو أن يرفع يده عنها.
بوتين لن ينقذكم: يعد هذا وضعاً غير معتاد في روسيا، حيث تنبع القرارات السياسية من المركز، وحيث يحاول أفراد الشعب الروسي العاديون التصالح مع شح إمدادات الأقنعة الطبية والمشكلات الاقتصادية الناشئة ورتابة الحياة في ظل الحجر الصحي. وقد استصرخت الشركات من أجل الحصول على مزيد من المساعدات الحكومية، بما في ذلك الإفراج عن الاحتياطيات المالية.
عندما سُئلت عن المساعدة الحكومية على المحطة الإذاعية الشهيرة Echo of Moscow، هذا الأسبوع، قالت الصحفية الروسية يفجينيا ألباتس، محررة مجلة New Times المستقلة: "توقفوا عن انتظار بوتين الأسطوري أن يأتي لينقذكم. أنتم فقط من يستطيع أن يفعلها".
خطاب للرئيس الروسي: فيما ألقى بوتين أمس الأربعاء، 8 أبريل/نيسان 2020، خطاباً متلفزاً دعا فيه إلى صرف مكافآت للممرضات والممرضين والطبيبات والأطباء الذين يعتنون بمرضى كوفيد-19، ووصف المدة القادمة التي تتراوح بين أسبوعين لثلاثة أسابيع بأنها "حاسمة" في معركة روسيا ضد المرض.
الرئيس الروسي قال: "أصدقائي الأعزاء.. كل شيء يعبر، وسوف يعبر هذا أيضاً. فقد عبرت بلادنا مراراً اختبارات خطيرة، إذ أزعجها البشناج، والكومان كذلك، وهزمتهم روسيا جميعاً. وسوف نهزم عدوى فيروس كورونا أيضاً، ومعاً سوف نتغلب على أي شيء".
هذا التعليق دفع كثيراً من الروس للدخول إلى الإنترنت للبحث عن أعداء روسيا في القرنين العاشر والحادي عشر، الذين شبههم بوتين بفيروس كورونا.
بوتين يؤدي مهامه عن بعد: كانت تقارير أخرى للكرملين حول أنشطة بوتين أكثر غرابة من هذا. فبعد إبلاغ الصحافة أن بوتين يؤدي مهام عمله عن بعد ولا يصافح أحداً، بث الكرملين فيديو الإثنين، 6 أبريل/نيسان، يُظهر الرئيس وهو يستقبل اثنين من وزرائه في الكرملين، ويبدأ النقاش بمصافحة أيدٍ حميمة. لم يذكر الرجال الثلاثة فيروس كورونا ولو مرة واحدة خلال اللقاء، وهو ما أثار شائعات تفيد بأن اللقاء التُقط في وقت سابق، ثم بُث هذا الأسبوع. وقال الصحفي الروسي البارز أوليغ كاشين إنه بدا كما لو أنه "معلبات"، وهو مصطلح روسي يشير إلى المحتوى المعد سابقاً، الذي يبثه الكرملين أحياناً بعد مرور أيام أو أسابيع على الحدث.
كما ذكر محللون أن نهج بوتين يعكس ما يُتبع في بعض البلاد الأخرى، حيث يضطلع المسؤولون المحليون بمهمة سَن تشريعات صارمة، فيما تقدم الحكومة المركزية حوافز اقتصادية. يمكن أن يقيد مثل هذا النهج من تعرض بوتين للقرارات التي لا تحظى بشعبية ويُبقى على دعم الجمهور.
غير أن المحللة السياسية الروسية تاتيانا ستانوفايا، التي ترأس شركة التحليلات R.Politik، تقول إن هناك احتمالية أخرى، وهي أن بوتين ببساطة لا يرى أن مكافحة الفيروس ضمن مهمته. وأضافت أن جهاز الدولة لسوء الحظ "نسي كيف يتصرف باستقلالية".