تغريدة واحدة لمستشار مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلي والإعلامي إيدي كوهين كانت كفيلة بإشعال نقاشات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي حول مصير الأسد، ومستقبل سوريا، وإمكانية ترشح "فهد المصري"، أو كما بات يسمى "سادات سوريا" لرئاسة الجمهورية.
فقد صرح كوهين في تغريدة على تويتر أنّ تموز (يوليو) سيشهد نهاية الأسد، وأنّه سيتم اختيار رئيس جديد، وتساءل: "هل سيكون فهد المصري الرّئيس الجديد لسوريا"؟
فمن هو فهد المصري، وكيف رد على تغريدة كوهين، وما موقفه من إسرائيل؟
من هو فهد المصري؟
فهد المصري سوري من مواليد 1970، ولد في حي الميدان الدّمشقي من أسرة محافظة، درس الأدب العربي في جامعة دمشق ولم يكمل دراسته، وهاجر إلى أوروبا واستقرّ في فرنسا منذ 24 عاماً.
حصل المصري على درجة الماستر في الإعلام في باريس، ودرس في معهد الدراسات الشّرقية اللغة والحضارة الفارسية.
يروّج محبو المصري أنّه بدأ نضاله منذ كان طفلاً حين شتم حافظ الأسد وطرد من المدرسة، ثمّ طرد من الجامعة للسبب نفسه.
ولعل السوريين يدركون أن في هذه الأقوال الكثير من المغالطة، فلم يكن عقاب من يشتم الأسد مجرد الطرد من المدرسة أو الجامعة.
قيل أيضاً إن فهد المصري اعتقل ثلاث مرّات، وتعرض لاعتداءات جسدية من أنصار النظام السوري في باريس، إثر كتاباته في مجلة "المنتوف" التي أصدرها عام 2005، وأوقف صدورها بعد ثلاثة أعوام بسبب قلة التمويل.
فهد المصري في ظل الثورة السورية
عمل المصري مذيعاً في بداية الثّورة السّورية بلندن، وظهر متحدثاً باسم القيادة المشتركة للجيش الحرّ.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، أعلن تأسيس جبهة تضم قيادتين سياسية وعسكرية تحت اسم جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا.
ويبدو واضحاً من ذلك التاريخ أن المصري لا يعارض التقارب العربي الإسرائيلي، فقد وجه باسم جبهة الإنقاذ الوطني، في 15 ديسمبر/كانون الأول 2016، رسالة مفتوحة للشعب الإسرائيلي حول السلام بين إسرائيل وسوريا الجديدة.
وعام 2017 انتخب المصري رئيساً للمكتب السياسي، بينما انتشر 35 من أعضاء الجبهة ليكونوا ممثلين رسميين لها في 35 دولة في أنحاء العالم.
واستطاعت جبهة الإنقاذ التي أسسها المصري الحصول على اعتراف رسمي بها من أمريكا في عام 2019، حيث اعتبرتها الولايات المتحدة جزءاً من نضال الشعب السوري.
رد فهد المصري على تغريدة إيدي كوهين
بعد أن انتشرت تغريدة كوهين، رد عليه المصري قائلاً:
"أولاً علينا أن ندرك أن الدكتور إيدي كوهين هو باحث وأستاذ جامعي في جامعة بار إيلان وليس مجرد مغرد وناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، هو باحث معتبر في أحد أهم مراكز الأبحاث الإسرائيلية، ومن المعروف أن مراكز الأبحاث والأجهزة في أغلب الدول تلجأ لقياس الرأي العام لدى جماهير وشرائح معينة من الناس واستطلاع الآراء بطرق مختلفة لاستشفاف الرأي والمزاج العام.
سوريا بلد محوري وأساسي في الشرق الأوسط على حدود إسرائيل، ومن الطبيعي أن تلجأ لعدة وسائل لمعرفة المزاج السوري العام، لاسيما أن حكم الأسد أوشك على الانتهاء.
إسرائيل تعلم تماماً من هو فهد المصري، وتعرف تماماً ماهية وطبيعة مشروعه السياسي لسوريا الجديدة، وتعلم تماماً طبيعة علاقاتي واتصالاتي الدولية من أجل بناء سوريا جديدة، وبناء مرحلة تاريخية جديدة لسوريا والمنطقة، بعد سقوط منظومة الشعارات الكاذبة والأوهام.
لماذا أطلق عليه لقب "سادات سوريا"؟
لم يسقط الأسد بعد، ولم يعلن فهد المصري ترشحه للرئاسة، ومع ذلك هناك من استبق الأحداث وأطلق على المصري لقب "سادات سوريا".
لم يحصل المصري على هذا اللقب فقط بسبب تغريدة إيدي كوهين المثيرة للجدل، ولكن كذلك بسبب انفتاح المصري التام والعلني على السلام مع إسرائيل.
فقد توجه المصري سابقاً بخطاب متلفز إلى الشعب الإسرائيلي في العام 2016، وصرح أنه لا يمانع من لقاء شخصيات سياسية إسرائيلية، إذا كان هذا اللقاء يدعم مشروعه السياسي لسوريا الجديدة، ولا يمانع من طرح خارطة طريق للسلام بين سوريا وإسرائيل.
كما أنه التقى بعدة شخصيات إسرائيلية في باريس، إذ قال في أحد لقاءاته:
"التقيت بالكثير من الشخصيات الإسرائيلية المهمة خارج إسرائيل في فرنسا ودول أخرى، وكنت سعيداً بالكثير من اللقاءات، مثل لقائي مع الرئيس الراحل شيمون بيريز، ولقائي برئيس الحكومة السابق إيهود باراك، وكذلك رئيس جهاز الموساد السابق داني ياتوم، وكذلك الحالي، وقيادات بارزة من الأمن القومي".
وأضاف: "أتطلع أن يكون هناك شركاء لنا مثل الراحل الكبير إسحاق رابين".
آراء الشارع السوري
اختلفت الآراء حول فهد المصري، الذي طُرح اسمه مؤخراً كبديل للأسد، فالبعض يراه أحد المعارضين الذين يحق لهم كما يحق لغيرهم الترشح للرئاسة، ويجدون أن فكرة إسقاط الأسد والترشح من بعده ليست مادة للسخرية أو التهكم.
والبعض يجدون فيه عميلاً إسرائيلياً لن يكون أفضل حالاً من بشار الأسد، وسيخطو على خطى الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في التطبيع مع إسرائيل.
فيما لم يأخذ البعض الآخر الموضوع بعين الجدية من أساسه، واعتبره مجرد فقاعة إعلامية لا طائل منها، ولا هدف لها سوى الهرج والمرج.