الدول العربية برأس القائمة.. تحذيرات من كارثة نقص الغذاء التي تهدد ملايين الناس بسبب كورونا

حذّرت الأمم المتحدة من أن وباء فيروس كورونا يهدد بالتسبب في نقص الغذاء لدى مئات الملايين من الناس حول العالم، ومعظمهم في إفريقيا.

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/03 الساعة 17:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/03 الساعة 21:19 بتوقيت غرينتش

حذّرت الأمم المتحدة، الجمعة 3 أبريل/نيسان 2020، من أن وباء فيروس كورونا يهدد بالتسبب في نقص الغذاء لدى مئات الملايين من الناس حول العالم، ومعظمهم في إفريقيا، ممن يعتمدون على استيراد المواد الغذائية والتصدير لدفع تكاليفها.

لكن الأمر قد لا يقتصر فقط على إفريقيا، إذ شهدت كل الدول التي أصابها الفيروس تقريباً، وضمن ذلك في المنطقة العربية، تهافتاً على الشراء بدافع الفزع لاحتياجات منزلية أساسية مثل مستحضرات التنظيف وورق التواليت، وشاع مشهد أرفف المتاجر الخالية من البضائع.

يضاف إلى ذلك قلق من أن تتحرك بعض الحكومات لتقييد تدفق المواد الغذائية الأساسية، لتضمن لشعوبها كفايتهم في وقت أربك فيه الوباء العالمي سلاسل الإمداد.

وضع غير مسبوق

كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، عارف حسين، قال خلال مؤتمر صحفي عبر الفيديو من روما: "بوجه عام، نواجه صدمة في الإمدادات عندما نكون أمام أزمة جفاف، أو صدمة في الطلب مثلما يحدث في ظل الركود، ولكننا اليوم نواجه كليهما". وأضاف: "أن نشهد هاتين الأزمتين في الوقت نفسه وعلى نطاق عالمي؛ فهذا ما يجعله حقاً وضعاً غير مسبوق".

ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، تغذي تجارة الأرز وفول الصويا والذرة والقمح 2.8 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، وضمن ذلك 212 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي المزمن، و95 مليوناً يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

كما حذَّرت الوكالة التابعة للأمم المتحدة، في تقرير نُشر الجمعة، من أن "العواقب الاقتصادية ستكون مدمرة بالنسبة لعديد من الدول الفقيرة أكثر من المرض نفسه".

الجميع سيتضرر

القارة الأكثر تعرضاً للتهديد هي إفريقيا، ولا سيما إفريقيا جنوب الصحراء، التي استوردت أكثر من 40 مليون طن من الحبوب في عام 2018. ويعد الصومال وجنوب السودان الأكثر تعرضاً لتعطيل إمدادات الحبوب، بينما تعتمد دول أخرى، مثل أنغولا ونيجيريا وتشاد، على صادراتها لدفع ثمن الواردات الغذائية. 

كما أن الدول المصدرة للنفط مثل إيران والعراق، وكذلك اليمن وسوريا اللتين مزقتهما الحرب، هي أيضاً من بين أكثر الدول المهددة بنقص الغذاء.

إذ قال برنامج الأغذية العالمي: "إذا تم تزويد الأسواق العالمية للحبوب الأساسية بشكل جيد بالسلع وكانت الأسعار منخفضة بشكل عام، فيجب أن تنتقل المواد الغذائية من مخازن الحبوب في العالم إلى أماكن استهلاكها. ولكن تدابير الاحتواء المطبقة لمكافحة كوفيد-19 بدأت تطرح معوقات".

https://www.youtube.com/watch?v=GEW7xAL0Lo0

بينما تواجه موانئ التصدير مشكلات لوجيستية هنا وهناك، بسبب الحركات الاحتجاجية في الأرجنتين والبرازيل على سبيل المثال.

كما أن قطاع الحبوب بفرنسا "يواجه نقصاً في اليد العاملة والشاحنات؛ نظراً إلى تزايد الطلب على الصادرات والإقبال على الشراء من جراء الهلع".

فيما يُخشى من ارتفاع الأسعار من جراء المشتريات الهائلة الضخمة من قِبل تجار رئيسيين أو حكومات؛ خوفاً من انقطاع سلسلة التوريد.

في الوقت الحالي، تميل أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الزيوت والحبوب واللحوم ومنتجات الألبان إلى الانخفاض بشكل حاد، بسبب احتمالات الركود الاقتصادي، وفقاً للمؤشر الشهري لأسعار المواد الغذائية الذي نشرته، الخميس، منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).

الناس بدأوا يشعرون بالقلق

قال فين زيبيل خبير الاقتصاد الزراعي في بنك أستراليا الوطني: "بدأ الناس يشعرون بالقلق". وأضاف: "إذا بدأ كبار المصدرين يُبقون على الحبوب في بلادهم، فسيُقلق ذلك المشترين حقاً. إنه أمر مفزع وغير رشيد، لأن العالم بالأساس به وفرة من الغذاء".

فقد اتخذت فيتنام، ثالث أكبر مصدّر للأرز، وكازاخستان، تاسع أكبر مصدّر للقمح، بالفعل خطوات لتقييد بيع هاتين السلعتين الأساسيتين، وسط مخاوف بشأن مدى توافرها محلياً.

بينما دخلت الهند، أكبر مصدّر للأرز في العالم، لتوها فترة حظر تجول ستستمر ثلاثة أسابيع، وهو ما أوقف عدة قنوات للخدمات اللوجيستية. وفي روسيا، دعا اتحاد منتجي الزيوت النباتية إلى تقييد بيع بذور دوار الشمس. وتباطأ إنتاج زيت النخيل في ماليزيا، ثاني أكبر منتج له.

على صعيد الاستيراد، أعلن العراق احتياجه إلى مليون طن من القمح و250 ألف طن من الأرز بعد أن نصحت "لجنة أزمة" بزيادة المخزون الاستراتيجي من الغذاء. وأثارت هذه الخطوات مجتمعةً قلق تجار المنتجات الزراعية من تعطل إمدادات الغذاء بلا ضرورة.

وهو ما جعلهم يتهافتون على الشراء

فقد ظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت، تكدساً للراغبين في الحصول على البصل، وهو ما يظهر ندرة المحصول في الأسواق، وسط مطالب بتدخل حكومي لإنهاء الأزمة، والحد من مثل هذه التجمعات، التي قد تتسبب في انتشار فيروس كورونا.

وفق المقاطع المتداولة، فإن عشرات الأشخاص تكالبوا على محصول البصل بأحد الأسواق، في حين تجمع آخرون في طوابير مكدسة، في وقت تكثف فيه الكويت من جهودها للحد من التجمعات والإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا.

بينما أوردت صحيفة "الراي" الكويتية معلومات عن استياء مواطنين ومقيمين من اختفاء البصل والثوم من الأسواق. وأضافت أنه رغم الجهود المبذولة لتوفير البصل كسلعة أساسية، فإن التهافت على شرائه بكميات كبيرة دون مراعاة الحاجة الفعلية، أدى إلى نقصانه بشكل كبير.

كما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعدة صور ومقاطع فيديو تُظهر بعض الزبائن وهم يتصارعون في السوبر ماركت للحصول مثلاً على ورق مرحاض أو قطعة صابون… إلا أن "الصورة" كانت مُغايرة تماماً في بلد أوروبي.

فقد أوردت صحيفة "شتوتغارتر تسايتونغ" الألمانية أن عشرات من الهولنديين اصطفوا أمام الحانات والمقاهي، من أجل شراء كمية من القنب الهندي -أي الحشيش- تكفيهم في الأيام القادمة، وذلك بعد إعلان الحكومة الهولندية إغلاق المدارس والحانات والمطاعم والمقاهي، بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا.

كما نقلت الصحيفة الألمانية عن شخص اصطف أيضاً، أمام أحد المقاهي للحصول على الحشيش، قوله: "ربما لن نتمكن من الحصول على القنب الهندي في الأسابيع القادمة، لذلك سيكون من الأفضل الحصول على البعض منه الآن والحفاظ عليه في المنزل". وأضافت الصحيفة أن العشرات سارعوا واصطفوا في طوابير لشراء الحشيش، بعد دقائق قليلة من إعلان الحكومة قرارها إغلاق بعض المحلات في البلاد.

أما في ألمانيا، فقد ذكرت مجلة "فوكوس" أن شخصاً حاول شراء 50 عبوة طحين من سوبر ماركت بالقرب من مدينة أوسنابروك الألمانية. وأضافت أن الرجل وضع هذه الكمية الكبيرة من الطحين في عربة التسوق؛ أملاً في الحصول عليها بأكملها. لكن الموظفين أوضحوا له أن بإمكانه الحصول على 20 عبوة طحين فقط، في حين يتحتم عليه إعادة العبوات الـ30 الباقية إلى مكانها، من أجل أن يستفيد منها بقية الزبائن.

وأشارت "فوكس" إلى أن الرجل رفض وأصر على اقتناء كمية الطحين بأكملها؛ وهو ما أدى إلى حدوث جدال بينه وبين الموظفين، وأضافت أنه اضطر في النهاية إلى ترك البضاعة بأكملها في السوبر ماركت. وبدأت الشرطة تحقيقاتها مع الرجل، الذي يؤكد أنه لم ير أي إشعار يمنعه من الحصول على عدد كبير من المواد الغذائية.

الكويت تقترح إنشاء شبكة أمن غذائي موحدة في الخليج 

الوضع المضطرب بسبب تفشي كورونا دفع الكويت إلى اقتراح إنشاء "شبكة أمن غذائي" موحدة على مستوى دول الخليج العربية، على غرار شبكة الربط الكهربائي، لتحقيق الأمن الغذائي لهذه الدول. 

إذ قالت وزارة التجارة الكويتية في بيان صحفي، إن الاقتراح قدمه الوزير خالد الروضان خلال الاجتماع الاستثنائي لوزراء التجارة في مجلس التعاون الخليج والذي تم اليوم عبر "الاتصال المرئي"، وناقش الآثار الاقتصادية لوباء فيروس كورونا. 

كما اقترحت الكويت إنشاء خطوط سريعة في مراكز الجمارك؛ لضمان انسيابية وعبور المنتجات الأساسية للمعيشة كالمواد الغذائية والطبية، مع عقد اجتماعات دورية لوزراء التجارة ووكلائهم؛ لمناقشة الوضع الراهن. 

الغذاء بعيد عن متناول كثيرين في سوريا

بينما قال ممثلو برنامج الأغذية العالمي في سوريا، إن سكان بعض مناطق البلاد في حاجة ماسة لدعم إنساني، بعد أن أدت إجراءات العزل العام بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد إلى تقييد شديد لحركتهم وقدرتهم على المحافظة على سُبل كسب رزقهم.

البرنامج أوضح أن الحصص الغذائية يجري توزيعها؛ للتأكد من قدرة من يفقدون عملهم أو يُجبَرون على البقاء في المنزل على إطعام أطفالهم.

إذ قالت كورين فليشر، المديرة القُطرية لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا: "بعد تسع سنوات من الصراع لم يبقَ للشعب السوري شيء ليتأقلم مع هذا التهديد الجديد وتأثيره على معيشة الناس. فالمتاجر مغلقة والمطاعم مغلقة والناس فقدوا مصادر كسب رزقهم. والآن أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى، أن يضمن برنامج الأغذية العالمي توافر وجبة غذائية لأطفال هؤلاء الناس".

وأطلق برنامج الأغذية العالمي حملات توعية مختلفة، في حلب وإدلب والمخيمات المحيطة بها، لتشجيع الناس على اتباع توجيهات التباعد الاجتماعي.

في مراكز توزيع الأغذية بحلب، تظهر النساء اللواتي يتلقين حصص خبز، وهن يحافظن في الطوابير على مسافات تفصل بينهن. وفي مناطق أخرى جعل برنامج الأغذية العالمي شاحنات الإمدادات الغذائية تصل إلى أقرب مكان ممكن للمنازل.

ومع تعليق الدراسة، يقول برنامج الأغذية إنه أوقف برنامج التغذية المدرسية، ويعمل على اتخاذ إجراءات بديلة لضمان تغذية مأمونة لأطفال المدارس.

ويوضح البرنامج أن تقديراته تشير إلى أن إجراءات العزل العام ذات الصلة بمرض (كوفيد-19) الذي يسببه الفيروس ستؤثر على زهاء ثمانية ملايين سوري، وهو الأمر الذي يجعلهم يعانون من نقص الأمن الغذائي.

تحميل المزيد