تواجه إسرائيل صعوبات في إقناع المتدينين اليهود بالالتزام بتعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية، للحد من انتشار فيروس كورونا. وبحسب معطيات الوزارة، فإن مناطق تواجد المتدينين اليهود، هي الأكثر إصابة بفيروس كورونا.
كما تنتشر الشرطة الإسرائيلية في أحياء المتدينين وعلى رأسها حي "مايه شعاريم" في القدس الغربية، ومدينة بني براك، وسط إسرائيل، ومستوطنة "بيتار عيليت"، غرب مدينة رام الله.
في نهاية عام 2019، قدّر معهد "ديمقراطية إسرائيل"، التابع لجامعة تل أبيب أعداد المتدينين بالدولة، بنحو مليون و125 ألفاً، وهو ما يمثل 12% من عدد سكان إسرائيل البالغ نحو 9 ملايين نسمة.
مناطق المتدينين الإسرائيليين أكثر إصابة بكورونا
لكن نسبة المتدينين المصابين بالفيروس، لا تتناسب مع نسبتهم من إجمالي السكان، حيث قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، الخميس 2 أبريل/نيسان 2020، إن واحداً من بين كل 7 مصابين بفيروس كورونا في إسرائيل هو من المتدينين.
كانت وزارة الصحة الإسرائيلية قد أعلنت، الخميس، ارتفاع العدد الإجمالي للمصابين بفيروس كورونا إلى 6211، بينهم 107 في حالة صحية صعبة. ولكن يتضح أن القدس الغربية ومدينة بني براك تتصدران الإصابات.

فقد أشارت معطيات وزارة الصحة إلى أن 916 من المصابين في القدس الغربية و900 في مدينة بني براك. وبالمقارنة، فإنه في مدينة تل أبيب التي يبلغ سكانها أضعاف سكان مدينة بني براك، تم تسجيل 324 إصابة، بحسب معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية.
استناداً إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الإشكالية الأكبر هي إقناع المتدينين، بالالتزام بتعليمات وزارة الصحة، أسوةً بغيرهم من الإسرائيليين.
فهم أقل وعياً بخطورة الوباء
كتب عميحاي أتالي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية قائلاً: "اعتاد أفراد هذا المجتمع العيش في شقق صغيرة مزدحمة، أكثر من أي قطاع آخر من السكان، كما أنهم أقل وعياً وإلماماً وأقل إدراكاً بكثير، وأقل تعرضاً لوفرة المعلومات عبر الإنترنت خوفاً مما يرونه محتوى سلبياً".
كما أضاف: "كما أنهم يتبعون عن كثب وبفخر تعليمات حاخاماتهم، ويفعلون أي شيء يأمرهم به الموجهون الروحيون".
في تنفيذها لتعليمات وزارة الصحة القاضية بمنع التجمهر، تقوم الشرطة الإسرائيلية بإغلاق الكُنس (دور العبادة) والمدارس الدينية وتمنع الصلوات الجماعية ومشاركة أعداد كبيرة في حفلات الأفراح والجنازات.
يعتبرون هذا تعدياً على معتقداتهم
يُتداول عبر شبكات التواصل الاجتماعي شريط فيديو لطفل من المتدينين يهتف: "نازيون" ثم يبصق ويفتعل السعال باتجاه أفراد من الشرطة الذين دخلوا إلى أحد أحياء المتدينين.
كما تشير البيانات المتتالية للشرطة الإسرائيلية إلى توقيف متدينين، بعد رفضهم الامتثال لتعليمات الشرطة.
فيما قالت الشرطة في تصريح مكتوب: "أوقف أفراد الشرطة 6 مشتبهين أقاموا صلاةً في كنيس بمدينة موديعين عيليت، خلافاً لأنظمة الطوارئ، وبعد عدم امتثالهم لتعليمات الشرطة بالتفرق، رفضوا التعريف عن هويتهم وواجهوا أفراد الشرطة".
شهدت أحياء في القدس الغربية ومدينة بني براك حوادث مشابهة، بحسب بيانات سابقة للشرطة.

الحكومة ترفض عزل مدينة بني براك
إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء: "أوعزت إلى كافة الوزارات بتقديم مساعدات خاصة لمدينة بني براك، إننا نشدد القيود على الحركة والتنقل إلى بني براك، ومنها، وكذلك إلى مناطق أخرى، تفادياً لحالات نقل العدوى".
كما أضاف: "لقد اتخذنا قراراً يقضي بتقليص عمليات الدخول والخروج من المدينة قدر الإمكان، وبالتزامن مع ذلك، نقوم بنقل الأشخاص الذين يمكثون في عزل صحي والمرضى من المنازل إلى الفنادق والنُزل التي تناسب نمط الحياة الفريد الخاص بهذا الجمهور".
قال أيضاً: "نقوم بذلك لتجنب احتمال نقلهم العدوى إلى غيرهم من أفراد العائلة، وأنوّه إلى أن الحركة داخل بني براك ستكون متاحة بناءً على التعليمات المتبعة في أي مكان آخر في البلاد، بمعنى على بُعد 100 متر عن العمارة، وما شابه ذلك".
تابع نتنياهو: "أعلم مدى صعوبة ذلك، لكنه يصبّ في صالح السكان، وليس في صالح صحتهم فحسب بل في صالح حياتهم وفي صالح حياة جميع المواطنين الإسرائيليين".
مخاوف من انتشار الفيروس
نقلت "جيروزاليم بوست"، الخميس، عن مسؤولين في وزارة الصحة الإسرائيلية قولهم: "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن عدد المصابين في بني براك سيصل إلى 1500 بحلول الأسبوع القادم".
إلا أن نتنياهو بدا متفائلاً أكثر وقال، مساء الأربعاء: "أريد الإشارة إلى التحول الإيجابي الذي طرأ على تصرّف جمهور اليهود الأرثوذكس، إذ باتوا يستوعبون جيداً الخطر المرتبط بتفشي فيروس كورونا، فهم يتبعون التعليمات ويتصرفون بمسؤولية وبدعم كامل من الحاخامات".
غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي دخل الخميس الحجر الصحي إثر مخالطته وزير الصحة يعقوف ليتسمان، المُصاب بكورونا والذي هو أصلاً من قادة المتدينين، استدرك: "إلا أنه وللأسف انتشر المرض في أماكن معيّنة بنسبة عدة أضعاف مقارنةً مع أماكن أخرى"، في إشارة إلى تجمعات المتدينين.