“عودوا إلى حياتكم الطبيعية”.. الصين تدعو مواطنيها للخروج والتسوق وشراء السيارات بعد “تغلبها” على كورونا

بعثت الحكومة الصينية رسالة الى المواطنين دعتهم فيها إلى بدء الخروج للتسوق والانخراط في الحياة بشكل طبيعي الثلاثاء، 31 مارس/آذار 2020، وذلك بعد شهور من تحذيرهم وحثهم على البقاء في منازلهم بسبب فيروس كورونا، يأتي ذلك تزامناً مع نمو مفاجئ للنشاط التصنيعي الصيني في مارس/آذار، مع بدء عجلة الأعمال بالدوران في أعقاب فترة إغلاق مطولة.

عربي بوست
تم النشر: 2020/03/31 الساعة 14:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/31 الساعة 14:41 بتوقيت غرينتش
هل مرت مدينة ووهان بذروة انتشار كورونا؟

بعثت الحكومة الصينية رسالة الى المواطنين دعتهم فيها إلى بدء الخروج للتسوق والانخراط في الحياة بشكل طبيعي الثلاثاء، 31 مارس/آذار 2020، وذلك بعد شهور من تحذيرهم وحثهم على البقاء في منازلهم بسبب فيروس كورونا، يأتي ذلك تزامناً مع  نمو مفاجئ للنشاط التصنيعي الصيني في مارس/آذار، مع بدء عجلة الأعمال بالدوران في أعقاب فترة إغلاق مطولة.

حسب التقرير الذي نشرته وكالة Bloomberg الأمريكية، فقد بدأت السلطات، في توزيع قسائم الشراء في بعض الأماكن، وحثت الشركات على منح الأشخاص إجازة مدفوعة الأجر وتقديم الدعم لعمليات الشراء الكبيرة مثل شراء السيارات. فيما تعرض وسائل الإعلام المحلية تقارير عن مسؤولين يغامرون بالخروج للاستمتاع بتناول المأكولات المحلية مثل شاي الفقاعات والفوندو وفطائر لحم الخنزير.

مخاوف لدى الصينيين

رغم محاولات السلطات طمأنة المواطنين، لكن العديد من الصينيين ما زالوا مترددين إزاء العودة إلى حياتهم القديمة. إذ إنهم قلقون من ألا يكون الخروج آمناً ومن الضغوط المالية في ظل ارتفاع معدلات البطالة. إلا أن هذه الاستجابة الفاترة لحملة التشجيع على الشراء والاستهلاك بمثابة تحذير للحكومات حول العالم التي تتطلع إلى انتعاش سريع فور انتهاء الإغلاق. ومن المرجح أن تظهر العقبات التي تواجهها الصين الآن في أماكن أخرى.

ويُشار إلى أن مشاهد الموظفين الحكوميين وهم يتناولون الطعام في الخارج ويذهبون للتسوق تمثل خروجاً كبيراً عن سياسة التقشف التي نتجت عن حملة الرئيس الصيني شي جين بينغ غير المسبوقة لمكافحة الفساد، والتي أثارت خوف العديد من الكوادر من ضبطهم وهم يفعلون أي شيء يمكن تفسيره على أنه بذخ في الإنفاق.

أكبر سوق إنفاق استهلاكي في العالم

لكن في المقابل، فالصين بحاجة إلى أن تعود لتصبح صاحبة أكبر سوق إنفاق استهلاكي في العالم الآن بعد أن أعلنت رسمياً نجاحها في احتواء تفشي الفيروس. إذ تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 20.5% في أول شهرين من هذا العام، ولا يملك ما يقرب من نصف بائعي التجزئة الصينيين المسجلين ما يكفي من النقد للاستمرار لستة أشهر أخرى.

ورغم أن وزارة التجارة الصينية قالت يوم الخميس 26 مارس/آذار 2020، إن مبيعات التجزئة توقفت عن التراجع، لكن لا تعد هذه الانتعاشة قوية حيث تعرض الاقتصاد الصيني بالفعل لضربة ثانية من انخفاض الطلب الخارجي وخروج الكثيرين من وظائفهم أو خفض أجورهم.

بصرف النظر عن التوجيه الشامل الذي أصدرته أكبر هيئة للتخطيط الاقتصادي في الصين في 13 مارس/آذار، لم تعلن بكين عن أي إجراءات محددة لزيادة الاستهلاك. وتركت هذه المهمة إلى حد كبير للسلطات المحلية، التي يتعين عليها إقناع ناخبيها بمغادرة منازلهم وإنفاق أموالهم.

إجازات مدفوعة الأجر

في المقابل، ففي إقليم جيجيانغ، شجعت الحكومة الشركات على منح الموظفين إجازة إضافية مدفوعة الأجر لمدة نصف يوم مرة واحدة أسبوعياً على أمل أن يستغلوا هذا الوقت الذي لا يعملون فيه في التسوق والإنفاق.

أما في مدينة نانجينغ، خلع رؤساء البلديات الكمامات وتناولوا وجبة "شعيرية دم البط" التي تشتهر بها المدينة. كما أصدرت الحكومة قسائم شراء بقيمة 45 مليون دولار لإنفاقها على سلع مثل الأجهزة الإلكترونية والأنشطة السياحية أو الرياضية.

في حين خففت مقاطعة خوبي الأسبوع الماضي من الحجر الصحي الشامل القائم منذ أواخر يناير/كانون الثاني، وتخطط لفعل الشيء نفسه في ووهان في 8 أبريل/نيسان، لطمأنة الناس بأنها تمكنت من احتواء الفيروس. ومع ذلك، لا يزال السكان متحفظين، إذ تورد وكالة الأنباء المحلية Caixin تقارير تفيد  بالعثور على حالات غير مسجلة يومياً.

إلى ذلك، وفي مدينة خفي بمقاطعة آنهوى المجاورة، رُفعت القيود عن تناول الطعام بالخارج قبل أسبوعين. لكن وانغ جي، وهو صاحب مطعم، لم يشاهد الكثير من الزبائن يأتون لتناول حساء لحم الضأن الذي يعده مطعمه.

حيث قال: "التأثير النفسي سيظل قائماً. لا أعتقد أن الناس سيخرجون لتناول الطعام كما كانوا يفعلون من قبل".

دوران عجلة الإنتاج 

كل ذلك، يأتي فيما يتصاعد نمو النشاط التصنيعي الصيني بشكل مفاجئ خلال الأيام الماضية  لكن المحللين يرون أن الاقتصاد يبقى محفوفاً بالتحديات، إذ إن فيروس كورونا المستجد يسدد ضربة لحجم الطلب الخارجي تضاف إلى تحذير البنك الدولي من احتمالات توقف النمو، وفق ما قال تقرير لوكالة فرانس برس.

حيث سجل مؤشر مديري المشتريات مستوى فاق التوقعات ليبلغ 52 نقطة لشهر آذار/مارس، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاءات. ويفوق هذا المستوى الذي سجل في الشهر الذي سبقه والذي بلغ 35,7 ويتخطى توقعات دراسة نشرتها بلومبيرغ وقدرتها بـ44,8. وكل مؤشر يفوق عتبة الـ50 يعتبر توسعاً.

فيما قال مكتب الإحصاءات إن الرقم "يؤشر إلى أن أكثر من نصف الشركات المشمولة بالدراسة شهدت تحسناً في استئناف الأعمال والإنتاج مقارنة بالشهر السابق". غير أنه أضاف أن ذلك "لا يعني أن العمليات الاقتصادية في بلدنا عادت إلى مستوياتها الطبيعية".

وبلغ مؤشر مديري المشتريات في القطاع غير الصناعي حالياً 52,3، متخطياً توقعات المحللين.

في حين قال كبير الخبراء لدى المكتب الوطني للإحصاءات تجاو كينغهي إنه على الرغم من انتعاش مؤشر مديري المشتريات في القطاع الصناعي "لا تزال هناك نسبياً ضغوط كبيرة على إنتاج المؤسسات وعملياتها".

ويتوقع الخبراء أن يتراجع المؤشر ليدخل منطقة الانكماش في الشهر المقبل.

تحذيرات من البنك الدولي

من جانبه حذر البنك الدولي الثلاثاء من أن تداعيات الاقتصاد العالمي يمكن أن تتسبب في تراجع نمو الاقتصاد الصيني وصولاً إلى 2,3% هذا العام، مقارنة بـ6,1% في 2019.

حيث قال مسؤول في البنك المركزي الصيني لوسائل إعلام إنه يوصي بأن لا تحدد بكين هدفاً للنمو هذا العام نظراً إلى الشكوك الهائلة التي تواجهها.

من جانبها نقلت صحيفة "إيكونوميك ديلي" الرسمية عن ما جون العضو في لجنة السياسة النقدية في بنك الشعب الصيني، إنه سيكون من الصعب الوصول إلى نمو بنسبة 6%، مضيفاً أن تحديد هدف يمكن أن يحد من التدابير الرسمية للتعامل مع تداعيات الفيروس.

مدير مركز أبحاث الصين الكبرى لدى بنك أو.سي.بي.سي تومي شي حذر من التفاؤل، قائلاً "لا ينبغي أن نتوقع الكثير من هذا الانتعاش القوي". 

أضاف لوكالة فرانس برس "شباط/فبراير كان شهراً سيئاً للصين.. (المصنعون) شهدوا عرقلة كبيرة في الإمدادات بسبب إغلاق المصانع والقيود على التنقل"، معتبراً أن "أي انتعاش بعد شباط/فبراير.. أمر مفروغ منه".

كان لتفشي وباء كوفيد-19 عواقب خطيرة على الإنتاج وعلى عمل الشركات فتسبب بشلل شبه تام للصين في شباط/فبراير، حين لزم مئات ملايين الصينيين منازلهم وسط تدابير حجر صارمة لمكافحة الفيروس.

وأثارت الإجراءات المتخذة بلبلة شديدة في المواصلات وأعاقت إمدادات قطع الغيار والمكونات والمواد الأولية.

صدمة مفاجئة لحجم الطلب

من المرجح أن تشهد الصين "صدمة مفاجئة لحجم الطلب" في نيسان/أبريل قد تكون مؤشراً أكثر أهمية، وفق شي، في وقت يتضاءل الطلب العالمي وتقوم المصانع في الخارج بتعليق عملياتها.

حيث قالت كبيرة خبراء الاقتصاد لدى مجموعة آي.إن.جي المصرفية آيريس بانغ إن طلبات التصدير الجديدة لا تزال دون عتبة الـ50 نقطة في مارس/آذار إضافة إلى الواردات، ما يشير إلى أن الطلب المحلي سجل تعافياً بسرعة أكبر من الطلب الخارجي.

أضافت "أعتقد أن الناس نسوا.. أنه حتى وإن تراجع فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة قد تكون هناك فرصة كبيرة لعودة الحرب التجارية والتكنولوجية"، في إشارة إلى التوتر التجاري المستمر بين الصين والولايات المتحدة.

إلى ذلك فقد قال محللون لدى مركز نومورا، لو تينغ ووانغ ليشنغ ووانغ جينغ، في مذكرة قبيل صدور بيانات مؤشر مديري المشتريات إنهم يتوقعون "بشكل كبير نمواً سلبياً في كافة بيانات الأنشطة تقريباً في مارس/آذار، بالنظر لبطء وتيرة تعافي الشركات والتراجع في حجم الطلب الخارجي".

يذكر أن جائحة كوفيد-19 فرضت عزلاً منزلياً على أكثر من ثلث عدد سكان العالم، ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يلي ذلك ركود هو الأكبر في التاريخ الحديث.

علامات:
تحميل المزيد