يبدو أن انتشار فيروس كورونا في مصر يفوق ما هو معلن وسط حالة من التكتم، ليس فقط حول الأعداد الحقيقية للإصابات، ولكن طبيعة الشخصيات المصابة أيضاً، وذلك بعد الإعلان عن وفاة أحد قيادات القوات المسلحة المصرية مساء الأحد 22 مارس/آذار 2020.
وأذاعت وسائل الإعلام المصرية بياناً عاجلاً أفادت فيه بوفاة اللواء أركان حرب خالد شلتوت، بفيروس كورونا، وذلك خلال اشتراكه في أعمال مكافحة الفيروس بالبلاد، على حد وصف البيان.
لكن اللواء شلتوت ليس هو القيادة العسكرية الوحيدة المصابة بفيروس كورونا، فقد حصل "عربي بوست" على معلومات مسربة من إدارة الخدمات الطبية بالجيش المصري تؤكد وجود إصابات أخرى مؤكدة ضمن قيادات الجيش.
إصابات مؤكدة بكورونا في الجيش المصري
وحسب المصادر التي رفضت الكشف عن نفسها، هناك 4 قيادات كبيرة أصيبت بهذا الفيروس منذ يوم 9 مارس/آذار 2020، بينما يصل عدد المشتبه بهم في ذلك الوقت إلى 11 قيادة وضابطاً.
وحصل "عربي بوست" على وثيقة تحتوي على قائمة المصابين والمشتبه بهم في ذلك التاريخ، ومعظمهم يعمل في الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة المصرية.
ووفقاً للوثيقة، فإن اللواء أركان حرب خالد شلتوت كما جاء اسمه ومنصبه العسكري في القائمة هو اللواء أركان حرب خالد فتحي شلتوت وهو رئيس أركان إدارة المياه بالقوات المسلحة، تم أخذ عينة للتحليل منه وخلصت النتيجة بأنه إيجابي ومصاب بفيروس كورونا.
أما القيادة الثانية، بحسب الوثيقة، فهو اللواء أركان حرب شفيع عبدالحليم داوود، ويشغل مدير إدارة المشروعات الكبرى بالهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، ونظراً لحساسية منصب القيادتين وبعد الاشتباه في تعرضهم لفيروس كورونا تمت إحالتهم إلى المستشفيات العسكرية التابعة للجيش حفاظاً على السرية، حيث تم التأكد من إصابته بفيروس كورونا.
أما القيادة الثالثة التي تأكدت إصابتها بفيروس كورونا فهو اللواء أركان حرب محمود أحمد شاهين رئيس أركان إدارة الهندسيين العسكريين، ويأتي أخيراً اللواء محمد السيد فاضل الزلاط مساعد مدير إدارة المشروعات.
وتوضح الوثيقة أن القيادات الـ4 دخلوا إلى المستشفى في نفس اليوم 9 مارس/آذار 2020.
قيادات أخرى مشتبه بها
وتضم القائمة مجموعة أخرى من القيادات والضباط الذين دخلوا إلى المستشفى أيام 5 و7 و9 و10 مارس/آذار، لكن لم توضح الوثيقة نتيجة الاختبار، ولم يستطع "عربي بوست" التأكد مما إذا كان أي من هؤلاء أصيب بالفعل بفيروس كورونا بعد إجراء الاختبارات المعملية.
ومن بين هؤلاء الضباط المشتبه في إصابتهم كل من اللواء خالد مبارك حسين من المكتب الاستشاري للهيئة الهندسية، والعميد أسامة محمد عبدالحميد من إدارة المشروعات الكبرى، والعقيد محمد جمال الدين محمد من الهيئة الهندسية.
كما ضمت القائمة عدداً من المشتبه بهم لمخالطتهم المصابين، وتتوزع أماكن عملهم بين المجمع الطبي للقوات المسلحة بالمعادي، ومستشفى الجلاء العسكري، وإدارة المشروعات الكبرى.
يأتي هذا الأمر في الوقت الذي ما زالت السلطات المصرية تتعامل بمنتهى السرية وعدم الشفافية في إعلان حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
ومن بين ما تخفيه السلطات المصرية هو إخفاء الحقائق حول ما إذا كانت هناك إصابات بين صفوف الجيش المصري أم لا، رغم أن دولاً كبرى أعلنت بكل شفافية عن إصابات بين جنودها وقيادات جيشها.
جرس إنذار في القوات المسلحة
أما عن ملابسات اكتشاف إصابة اللواء شفيع داود، فبحسب ما كشفته مصادر عسكرية لـ "عربي بوست"، فكانت مع ظهور آثار الإعياء والتعب الشديد وارتفاع درجة الحرارة أثناء اجتماع له مع اللواء محمود أحمد شاهين، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واللواء/ خالد شلتوت رئيس أركان إدارة المياه بالهيئة الهندسية.
وتم الكشف على الثلاثة داخل إحدى مستشفيات الحميات نظراً لتشابه أعراض كورونا مع ما ظهر عليهم، ثم نقلوا بعد ذلك إلى مستشفيات القوات المسلحة حفاظاً على السرية.
وبحسب المصادر، فإنه فور التأكد من الإصابات صدر أمر لكافة العاملين في إدارتي المشروعات والمهندسين العسكريين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتسليم أنفسهم للمعامل المركزية التابعة للقوات المسلحة فوراً وإخضاعهم لفحوصات فيروس كورونا، حيث تم نقلهم بأتوبيسات تابعة للقوات المسلحة من أماكن عملهم وخدمتهم.
ووفق كشف الأسماء المسرب فقد تم اكتشاف إصابة 3 ضباط بالهيئة الهندسية بالفيروس لتزيد الأمور تعقيداً بحيث تستدعي الحاجة الطبية فحص جميع من خالطوا المصابين سواء داخل المؤسسة العسكرية أو خارجها من أفراد أسرة وأقارب وأصدقاء وجيران وبالتبعية من خالطوا مخالطي المصابين.
الكلية الحربية تحت الحجر
وكان "عربي بوست" كشف نقلاً عن مصادر متطابقة أن طلاب الكلية الحربية في مصر يخضعون للحجر الصحي منذ 10 أيام بعد ظهور 5 حالات اشتباه لطلبة داخلها، فيما بدأت رئاسة أركان الجيش المصري في اتخاذ إجراءات وقائية للحد من انتشار فيروس كورونا داخل المؤسسة العسكرية المصرية.
أحد أولياء أمور الطلبة المتواجدين داخل الكلية الحربية قال لعربي بوست (نتحفظ على ذكر اسمه لحماية سلامته الشخصية) إن القوات المسلحة فرضت حجراً صحياً على الكلية بشكل كامل بعد الاشتباه في وجود 5 حالات بدت عليهم أعراض فيروس كورونا، وهو ما أكده مصدر عسكري أيضاً.
وتتخذ القوات المسلحة المصرية إجراءات صارمة للحد من انتشار الوباء في صفوف القوات المسلحة، إذ قال مصدر عسكري بإحدى وحدات الجيش المصري لـ "عربي بوست" إنه قد تم إصدار تعليمات سرية للغاية من رئيس هيئة الأركان بالقوات المسلحة المصرية، لاتخاذ إجراءات للحد من انتشار كورونا داخل صفوف القوات المسلحة.