رفض السودان قراراً من جامعة الدول العربية تعرب فيه عن دعمها للقاهرة في المفاوضات مع أديس أبابا بشأن سد النهضة الإثيوبي، وهو الموقف الذي أثار دهشة الجامعة العربية وأقلق السلطات المصرية.
حسب تقرير موقع Al-Monitor الأمريكي حظي مشروع القرار الذي طرحته مصر بموافقة جميع الدول أعضاء الجامعة، وهي 22 دولة، ما عدا السودان. واستشهدت مسودة بيان أولية بالحقوق التاريخية لكل من مصر والسودان في مياه النيل. لكن في خطوة مفاجئة، طلب السودان حذف اسمه من البيان، محتجاً بأنَّ مصر لم تشاوره في الأمر مسبقاً.
لكن، نفى مصدر من الجامعة العربية، تحدث مع موقع Al-Monitor الأمريكي شريطة عدم الكشف عن هويته، صحة تصريح السودان بأنَّ مصر لم تتشاور معه، وأصر على أنَّ البعثة الدبلوماسية السودانية في القاهرة تسلَّمت نص مشروع القرار في 1 مارس/آذار، أي قبل أربعة أيام من الاجتماع. وقال المصدر: "لكننا لم نتلق أي رد من الجانب السوداني قبل الاجتماع".
ووقَّعت مصر مسودة الاتفاق، بخلاف السودان الذي اختار الانحياز لصف إثيوبيا؛ مما أثار استياء جارتها الشمالية.
من جانبه، قال الأمين العام لهيئة الطاقة والتعدين والكهرباء والتنظيم السودانية، تيجاني آدم، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية: "ترفض الخرطوم رفضاً قاطعاً تدويل قضية سد النهضة. إن تدويل النزاع لن يفيد البلدان المعنية وسيزيد من تعقيد الأمور ويؤخر الحلول المتوقعة".
في هذه الأثناء، رفض المحللون المصريون ووسائل الإعلام الموالية للحكومة لدرجة كبيرة موقف السودان "المثير للجدل" إزاء السد الإثيوبي، قائلين إنه أظهر تحيزاً واضحاً من جانب الجار الجنوبي لمصر لصالح إثيوبيا. وانتقدت مقالة افتتاحية نشرها موقع "رأي اليوم" الإخباري، المملوك للقطاع الخاص، في 5 مارس/آذار، قرار الحكومة العسكرية السودانية بالابتعاد عن الحظيرة العربية والإعلان صراحةً عن خيارها بالانحياز إلى إثيوبيا ضد مصر في جامعة الدول العربية. وكانت بعض الأسئلة المكتوبة بالخط العريض فوق الافتتاحية: "من مصلحة من التواطؤ (مع إثيوبيا) لتجويع ملايين المصريين؟ من يقف وراء هذا التحول الدراماتيكي في الموقف الرسمي للسودان؟".
من جانبه، رد الصحفي السوداني محمد مصطفى جامع على الانتقاد في مقال افتتاحي نُشِر على موقع "سما" الإخباري السوداني. وكتب يقول: "السودانيون متحدون في موقفهم بشأن سد النهضة، وهو موقف يتماشى مع الهدف الثوري المتمثل في (وضع) مصالح السودان أولاً".
لكن جمال بيومي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، ألقى باللوم في تمهيد السودان للانفصال عن الدول العربية على "نقص خبرة الحكومة الجديدة في السودان". وأشاد بيومي برد مصر على الإجراء ووصفه بأنه "متوازن" و "صحيح دبلوماسياً".
قال بيومي لموقع Al-Monitor إنَّ مصر أرسلت رئيس المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، إلى السودان بعد محاولة الاغتيال الفاشلة الأخيرة لحياة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك. ففي 9 مارس/آذار، نجا رئيس الوزراء السوداني من انفجار -يُعتقَد على نطاق واسع أنه كان محاولة اغتيال- وقعت بالقرب من موكبه أثناء توجهه إلى مكتبه في الخرطوم.
وأضاف بيومي: "كان الغرض من هذه الخطوة إرسال رسالة واضحة إلى الخرطوم مفادها أنَّ مصر تساند الحكومة الانتقالية في الخرطوم في مواجهة الإرهاب، وأنَّ الدولتين تتشاركان ما هو أكثر من مجرد حدود، فمصيرهما مشترك".