تحوَّل ائتلاف استمر ثلاث سنوات، بين أوبك وروسيا، الجمعة 6 مارس/آذار 2020، إلى اختلاف بعد رفض موسكو دعم تخفيضات نفطية أعمق، للتعامل مع تفشي فيروس كورونا، وردّ أوبك بإلغاء جميع القيود على إنتاجها. بينما حذرت منظمة أوبك من أن الوضع الراهن قد يتسبب في واحدة من أسوأ الأزمات.
هوت أسعار النفط عشرة بالمئة، إذ جدد هذا التطور المخاوف من شبح انهيار الأسعار في 2014، عندما تنافست السعودية وروسيا على الحصص السوقية مع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، التي لم يسبق لها مطلقاً المشاركة في اتفاقات الحد من الإنتاج.
فقدَ خام برنت نحو ثلث قيمته منذ بداية العام الجاري، إذ هوى إلى 45 دولاراً للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ 2017، مما يضع الدول الشديدة الاعتماد على النفط وعديداً من الشركات النفطية تحت ضغط كبير، في الوقت الذي يترنح فيه الاقتصاد العالمي، بسبب تفشي الفيروس الذي أضعف نشاط الأعمال وجعل الناس يُحجمون عن السفر.
قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، للصحفيين بعد محادثات مطولة بمقر أوبك في فيينا، الجمعة: "اعتباراً من أول أبريل/نيسان، ليست هناك قيود، سواء على أوبك أو المنتجين من خارجها".
لدى سؤاله عما إذا كانت لدى السعودية خطط لزيادة الإنتاج، قال وزير الطاقة بالمملكة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، للصحفيين: "سأترككم تتساءلون".
قد تكون لانهيار المحادثات تبعات أكبر تأثيراً، إذ كانت السعودية وروسيا تستخدمان محادثات النفط لبناء شراكة سياسية أوسع نطاقاً بكثير خلال السنوات القليلة الماضية، بعد دعم كل منهما بشكل فعال طرفاً مناوئاً للذي يدعمه الآخر في الحرب السورية.
قال بوب مكنالي، مؤسس "رابيدان إنرجي جروب": "رفضُ روسيا دعم تخفيضات الإمداد الطارئة سيقوّض على نحو فعال وخطير، قدرة (أوبك+) على لعب دور المنتِج الذي يضبط استقرار أسعار النفط".
أضاف مكنالي: "سيمزق على نحو خطير، التقارب الروسي السعودي المالي والسياسي الناشئ. النتيجة ستكون زيادة في تقلُّب أسعار النفط والتقلبات الجيوسياسية".
مهلة أخيرة
انهارت المحادثات بعد أن قدَّمت أوبك عملياً مهلة أخيرة لموسكو الخميس، إذ أتاحت لها الاختيار بين قبول اتفاق بتخفيضات أكبر بكثير من المتوقع، وعدم وجود اتفاق، على الإطلاق.
تقلصت توقعات نمو الطلب في 2020، لكن موسكو تقول منذ فترة طويلة، إنه من المبكر جداً تقييم الأثر، وقالت مصادر إن نوفاك بعث بالرسالة نفسها الجمعة.
وزراء المنظمة قالوا الخميس، إنهم يساندون تخفيضات نفطية بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً إضافية حتى نهاية 2020، بالإضافة إلى مد أجَل تخفيضات قائمة تبلغ 2.1 مليون برميل يومياً. وكان ذلك سيعني خفض ما إجماليه 3.6 مليون برميل يومياً تقريباً من السوق، أي ما يوازي 3.6 بالمئة من الإمدادات العالمية.
رفضت موسكو الاقتراح الجمعة، قائلةً إنها ترغب فقط في مد تخفيضات "أوبك+" الحالية، البالغة 2.1 مليون برميل يومياً، والتي من المقرر انتهاؤها مع نهاية مارس/آذار.
قالت أوبك إنه إما كل شيء وإما لا شيء؛ ومن ثم سينتهي أجَل جميع القيود بنهاية الشهر، وهو ما يعني أنه سيكون بوسع أعضاء أوبك والمنتِجين من خارجها، نظرياً، الضخ كما يحلو لهم في سوق متخمة أصلاً.
الكرملين قال الجمعة، إن الرئيس فلاديمير بوتين لا يعتزم التحدث مع القيادة السعودية، وهو إعلان حطَّم الآمال في إمكانية اقتناص اتفاق، على مستوى الزعماء.
وقال بيورنار تونهاجن، من "ريستاد إنرجي": "هذا تطوُّر غير متوقع، أسوأ بكثير من أسوأ تصوراتنا، وسيُوجد واحدة من كبرى الأزمات في تاريخ أسعار النفط".