حوّل المتظاهرون في العراق منطقة كانت مكباً للنفايات ومليئة بالقاذورات على ضفة نهر دجلة في العاصمة بغداد، إلى شاطئ جميل برمال ذهبية، أصبح مقصداً للشباب العراقيين الذين يحتجون منذ أشهر على النخبة الفاسدة في البلاد، وفق تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
التقرير الذي نُشر الخميس 27 فبراير/شباط 2020، يوضح أنه في شهر ديسمبر/كانون الأول، حدث شيء جديد. وصلت شاحنات إلى المكان عند الفجر، وغطت الأرض برمال ذهبية، ثم جاءت مظلات حمراء وصفراء. ولأول مرة منذ سنوات، أصبح لبغداد شاطئ أصحابه هم الناس وليس الحكومة.
في مدينة مزدحمة وفوضوية، أصبح هذا الشاطئ الواقع على ضفة النهر والذي أقامه محتجون شباب، ولقبوه بـ"شاطئ التحرير"، مكاناً عاماً استثنائياً حيث يمكن للشباب الاسترخاء والتجمع، ليلعبوا الكرة الطائرة وكرة القدم، أو ليرقصوا في الرمال على أنغام الموسيقى. يجلب المراهقون الشيشة ويمرّرونها فيما بينهم وهم يتبادلون الأحاديث. وفي الليل، تجد الأسماك على الشواء.
الشاطئ الجديد هو مجرد طريقة واحدة من عدة طرق غيرت بها انتفاضة العراق وجه وسط مدينة بغداد.
فبالقرب منه، تحولت ساحة التحرير من دائرة مرورية مزدحمة إلى معسكر للاحتجاج، وصولاً إلى جسر الجمهورية، الذي كان قد أغلق في أعقاب مواجهات بين شرطة مكافحة الشغب والمتظاهرين منذ عدة أشهر، لتُجبر السلطات على إغلاقه وتوجيه حركة المرور إلى الطرق القريبة التي أصبحت مزدحمة أكثر من المعتاد.
لكن على الرمال أسفل أقدامهم، الأمور هادئة، ولمن لم يكن يعرف، فإن هذا بيان سياسي للجميع.
تقول نوف عاصي، الناشطة البالغة من العمر 30 عاماً، وهي تشاهد غروب الشمس على الشاطئ في أحد الأيام: "لقد عشنا طوال حياتنا كبغداديين ونحن نعتقد أن بغداد المدينة أدارت ظهرها للنهر".
الناشطة العراقية أضافت: "بغض النظر عن إلى متى سيبقى، فإن هذا المكان سيُتذكر دائماً باعتباره "رسالة صريحة" للسياسيين العراقيين الذين تملكوا السلطة من خلال نظام سياسي فاسد في غالب أحواله جرى تشكيله في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على البلاد في عام 2003″.
رسالة مفادها: "خلال 16 عاماً، لم تمنحونا سوى الحرب والموت. أمَّا ما نقوم به هنا فهو إعادة الحياة إلى بغداد، نحن من فعلنا كل هذا".