وجد حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المتطرف نفسه في موقع الدفاع منذ وقوع الهجوم الإرهابي على مقاهي للشيشة بمدينة هاناو في ولاية هيسن الأربعاء 19 فبراير/شباط، بعد أن انهالت عليه الاتهامات من كل حدب وصوب بالمسؤولية عن الهجوم بشكل غير مباشر.
وأرجع المهاجمون السبب لما قام به الحزب من نشر الكراهية في المجتمع ومعاداة الأجانب أو الألمان من أصول مهاجرة، عبر التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي والبرلمانات.
إعلاميون ينتقدون الحزب
نشر وشارك ساسة وإعلاميون على موقع تويتر يوم الخميس مجموعة من الصور التي تظهر كيف كان الحزب يحرض منذ أشهر عبر أعضائه على محلات "الشيشة بار".
وكتبت أنيته ديترت الصحفية في القناة الألمانية الأولى معلقة على الصور: "في حال لم يرد أحد أن يرى العلاقة (بين الهجوم وحزب البديل لألمانيا)".
وكُتب على إحدى الصور التي نشرها الحزب اليميني: "اغتصاب جماعي في شيشة بار.. القبض على عدة سوريين وإيرانيين"، وعلى أخرى: "(تريدون) رقابة دولة كافية على محلات الشيشة بار؟ نحن لأجلك في البرلمان المحلي (في برلمان شمال الراين فستفاليا)".
وكتبت سوسن شبلي، السياسية البارزة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي في العاصمة معلقة على هذه الصور: "تحريض حزب البديل لألمانيا ضد محلات الشيشة بار، هذه تشكيلة صغيرة منتقاة فقط".
وفي السياق نفسه، اعتبر الصحفي السابق في شبيغل حسنين كاظم أن حزب "البديل" هو ممهد الطريق فكرياً لجريمة هاناو، مضيفاً أن هذا الإرهاب لم يكن مفاجئاً أو حدثاً غير متوقع ولا يمكن الزعم بأنه لم يكن بإمكان المرء أن يعرف بحدوثه، بل كان منظوراً ومتوقعاً.
ورأى الصحفي في القناة الألمانية الأولى راينالد بيكر في تعليق تلفزيوني بُث ليلة الخميس أن جريمة هاناو تظهر وجود صلة بين "مشعلي الحرائق" لدى حزب البديل لألمانيا والعنف اليميني.
وأشار إلى أن تشبيه الزعيم الفخري لحزب البديل ألكسندر غاولاند الهولوكوست بـ "براز طير" في تاريخ ألمانيا، ومطالبة زعيم الجناح القومي للحزب بيورن هوكه بتغيير مقداره 180 درجة في سياسة تذكر الماضي النازي والثرثرة الغبية من قبل زعيمة كتلة الحزب في البرلمان أليس فايدل عن "فتيات الحجاب" (التي تلقت التوبيخ عليها من قبل رئيس البرلمان) والكثير مثله سمم المناخ في البلد وشجع الراديكاليين اليمينيين.
زعماء الحزب يحاولون إظهار الجاني على أنه مختل
وحملت أيضاً جميع الأحزاب السائدة الأخرى في الساحة السياسية الألمانية حزب البديل جزءاً من المسؤولية على الهجوم العنصري، جراء اللغة التي يستخدمها في جداله العنيف معهم.
وطالب الحزب الاشتراكي الديمقراطي بمراقبة الحزب ككل من قبل الاستخبارات الداخلية، بحسب موقع تاغزشاو.
بالمقابل، تسابق قادة حزب "البديل لألمانيا"، كشأن المتحدث باسم الحزب يورغ ميوتن، والرئيسة المشتركة لكتلة الحزب في البوندستاغ أليس فايدل على التأكيد والتركيز على أن مرتكب هذه الجرائم الفظيعة ليس سوى مختل عقلي، محاولين إنكار وجود دافع سياسي أو عنصري للهجوم.
وقال مويتن إن هذا ليس إرهاباً يمينياً أو يسارياً، على حد زعمه، بل جريمة توهمية ارتكبها مجنون، مضيفاً أن أي استغلال سياسي لهذه الجريمة الشنيعة هو خطأ تهكمي.
وذكر ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي ميوتن كيف يستغل هو سياسياً عادة أية جريمة يُشتبه حتى بارتكابها من قبل أجنبي، ضارباً مثالاً بتغريدة له سخر فيها من "حالة فردية" جديدة لجريمة طعن قيل إن المشتبه به ذو بشرة داكنة وذو أصل عربي أو إفريقي.
تغريدة رئيس الحزب تثير الاستياء
وأثارت تغريدة لرئيس حزب البديل في برلين غيورغ بازديرسكي استياء واسعاً صباح الخميس، بعد أن تساءل ساخراً إن كانت هذه هي ألمانيا التي وعدتهم ميركل بها في الحملة الانتخابية في 2017، "ألمانيا نعيش فيها بود وبشكل جيد".
فرد عليه وكيل الوزارة المختص بالاندماج في ولاية برلين الكسندر فيشر: "كلا هذه هي ألمانيا التي ينشر فيها حزب يميني متطرف كل يوم التحريض والخوف"، في إشارة لـ "البديل".
وزعم بازديرسكي لاحقاً -رداً على صحفية- أنه كان موجوداً في الوقفة التي شارك فيها ساسة بارزون من جميع الأحزاب أمام بوابة براندنبورغ، لاستذكار ضحايا هجوم هاناو.
أفكار ومصطلحات مشتركة بين "البديل" ومنفذ الهجوم
وقارن صحفيون بين ما نُقل عن بيان منفذ الهجوم الإرهابي وبين ما يستخدمه حزب "البديل" عادة من مصطلحات يمينية متطرفة.
فقال الصحفي الحر رايك أنديرس إن بيان المنفذ توبياس ر. يبدو في بعض المواضع شبيهاً بكلام بيورن هوكه، سيئ الصيت، ورغم ذلك يجادل الحزب بأن القتل الذي يستهدف تحديداً الأجانب ليس يمينياً متطرفاً.
فذكر أن منفذ هجوم هاناو دعا في بيانه إلى إرسال الألمان الجهلاء أو الضعفاء أو الأغبياء غير القادرين على "حل المشكلة" إلى خارج البلاد. بالمقابل نقل عن الزعيم المتشدد للحزب المذكور هوكه قوله إنهم قد يفقدون بعض أجزاء الشعب الضعفاء أو غير الراغبين في مقاومة الأفرقة أو الأسلمة أو الشرقنة.
وقال شتيفان كوزماني في تعليق على موقع شبيغل، حول مسؤولية حزب "البديل" عن الجريمة، من يحرض على الدوام بمصطلحات كـ "هجرة السكاكين"، و "استبدال الشعب"، يتحمل المسؤولية عندما يحمل أحدهم بالفعل سلاحاً ويقتل المواطنين الذين يجلسون بسلام في شيشة بار، فقط لأنهم يبدون في أعين العنصريين أجانب.
وأكد أنه وإن كان منفذ الهجوم مريضاً نفسياً كما يبدو، لكن لا يمكن التقليل من شأن الهجوم واعتباره جريمة جنونية، لأن كراهية الجاني كانت تبحث عن هدف، يتواجد لدى "حزب البديل العنصري".
مطالب بمنع ظهور سياسيي الحزب في البرامج الحوارية
ووصلت الانتقادات الحادة للحزب إلى حد ظهور دعوات من شخصيات عامة لعدم استضافة ساسة حزب "البديل" في البرامج الحوارية التلفزيونية على القنوات العامة وعدم منحهم بذلك منصة للتقليل من شأن الهجوم أو النأي بأنفسهم عما يجري، كما فعل الممثل ماركوس ميترماير.
وانتقدت الصحفية فيردا أتامان طلب القنوات العامة تعليقات من ألكسندر غاولاند، داعية إلى عدم التحجج بأنه حزب منتخب ديمقراطياً.