هل سبق أن طاردتك مجموعة من اللصوص الملثمين في غابة مظلمة، وبينما تجري هارباً منهم تتسارع دقات قلبك وتتعرق بالرغم من أنك ترتجف من البرد، ثم تقع فجأة في هوة عميقة جداً لتفتح عينيك وتكتشف أنه مجرد كابوس؟
أحلام كهذه وغيرها طاردتنا جميعاً، وأكاد أجزم أننا جميعاً نتمنى لو كان بإمكاننا التحكم بها أو إيقافها، أو على الأقل أن ندرك أننا نحلم كي لا نصاب بهذا الذعر أثناء النوم.
بحث العلماء فعلاً في إمكانية قدرتنا على التحكم بكوابيسنا وتحويلها إلى أحلام ممتعة، وسنورد إليكم في هذا المقال ما خلصوا إليه، بحسب ما ورد في موقع Live Science الأمريكي، لكن دعونا أولاً نتعرف على ما يسمى "اضطراب الكابوس" ونفهم المرحلة التي تحدث فيها الأحلام فعلياً:
ما هو اضطراب الكابوس؟
تُعتبر الكوابيس تجربة لا بد أن يمر بها كل منا، لذلك لا يصنف الأطباء الكوابيس العرضية على أنها مشكلة ينبغي التصدي لها.
لكن تبدأ هذه الكوابيس بتشكيل مشكلة حقيقية عندما تصبح أكثر كثافة، فالبعض تأتيهم الكوابيس باستمرار وتؤثر سلباً على نمط حياتهم اليومي، في هذه الحالة فنحن أمام ما يسمى بـ "اضراب الكابوس".
اضطراب الكابوس هو نوع من أنواع اضطراب النوم الذي يحدث بسبب التعرض إلى صدمة، أو قلق، أو بسبب تناول أدوية مُعينة، ويتعرض فيه المصاب إلى رؤية الكوابيس بشكل شبه يومي مما يجعله غير قادر على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي.
ومن حسن الحظ أن هذا النوع من الاضطراب قابل للعلاج، إذ يوجد بعض الأدوية والأنظمة العلاجية التي تساعد على تخطي هذا "اضطراب الكابوس" وفقاً للأكاديمية الأمريكية لعلاج اضطرابات النوم.
مرحلة نوم حركة العين السريعة
بالرغم من أن علاج اضطرابات النوم متاح، فإن الكوابيس لا تزال مجالاً معقداً، ولا يزال الباحثون يجاهدون في فهمها.
لكن ما يدركه العلماء يقيناً حتى الآن هو أن أغلب الأحلام تحدث فعلياً خلال مرحلة من النوم تُسمى نوم حركة العين السريعة.
تنتج هذه المرحلة في الغالب أحلاماً لأفعال لا نقدر على فعلها في الواقع، مثل الطيران.
إذ تُظهر الفحوصات أن أدمغة البشر خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة تُشبه أدمغة البشر المستيقظين.
يبدأ البشر عادةً مرحلة نوم حركة العين السريعة بعد 90 دقيقة تقريباً من ذهابهم إلى النوم، وفي بعض الحالات، يبدو أن الجسم يكون مستيقظاً خلال هذه المرحلة.
حيث تبدأ في التنفس أسرع وبصورة أكثر انتظاماً، مع ارتفاع في كل من معدل نبضات القلب وضغط الدم، فيبدو وكأن الجسم يستعد للقيام بالحركة، لكن البشر قد طوروا بالفعل آلية متقنة لحماية أنفسهم من الحركة التي قد تكون مؤذية خلال النوم.
كما يتقلص نشاط العضلات حينما نبدأ مرحلة نوم حركة العين السريعة، وإلا كنا سنُمثَّل أحلامنا على أرض الواقع ونحن نائمون.
هل يمكن التحكم بالكابوس أو حتى إيقافه؟
على الرغم من قصور البحث العلمي في هذا المجال، تقترح بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يستطيعون التحكم بكوابيسهم أو إيقافها دون الحاجة إلى الاستيقاظ، هم فقط من قد يحملون في جعبتهم الإجابة المناسبة لهذا السؤال.
ورغم ذلك، حافظت البحوث العلمية المنشورة خلال العقد الماضي على إبقاء احتمالية إيجاد علاج قد يُساعد الأشخاص الذين يُعانون من الكوابيس المستمرة، على أن يتمكنوا من إيقاف كوابيسهم أو التحكم بها أو إدراك أنهم يحلمون على الأقل، وذلك وفقاً لمراجعة نُشرت عام 2019 في دورية Frontiers in Psychology.
ووفقاً للطبيب سيرغيو آرثرو موتا- روليم، الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في الجامعة الاتحادية في ريو غراندي دو نورتي في مدينة ناتال بالبرازيل، فإن إحدى الاستراتيجيات التي من الممكن أن يتبعها أولئك الذين يعانون من الكوابيس تعرف بتقنية "الاستيقاظ والعودة للنوم" (Wake Back to Bed).
كل ما عليك فعله هو ضبط المنبه على 30 دقيقة قبل الوقت الذي تستيقظ فيه عادةً من النوم.
لكن لا تنهض من الفراش عندما ينطلق المنبه، بل فكّر في حلمٍ واضح حتى تعود مجدداً إلى النوم.
أوضح آرثرو أن هذه الاستراتيجية غير مضمونة، لكنها تزيد بالفعل من احتمالات قدرتك على التحكم بأحلامك، مضيفاً أنه من الجيد التحدث عن هذا الأمر مع أحد ما قبل التجربة بيوم، لأن الأحلام قابلة للتوقع.
قال آرثرو أيضاً: "أسهل طريقة لإيقاف الكابوس هي أن تستيقظ من النوم في اللحظة التي تُدركه فيها. مع ذلك، تُشير بعض الأدلة إلى احتمالية استمرار الكابوس مع التغلب على الخوف من خلال إدراكك بأنك لست مُعرضاً لخطر جسدي، إذ أفاد المشاركون في إحدى الدراسات بإمكانية تحويل الكابوس إلى حلم ممتع".
وأضاف آرثرو: "لعل العائق الجلي أمام قدرتنا على التحكم بأحلامنا هو أن هذه القدرة ليست شائعة بين الناس. على الرغم من أننا جميعاً اختبرنا في مرحلة ما القدرة على التحكم بأحلامنا ولا سيما كوابيسنا، إلا أن متوسط احتمالية حدوث ذلك للشخص لا تتعدى 10 مرات طوال حياته".
لماذا لا تزال الأبحاث قاصرة في هذا المجال؟
أحد الأسباب التي أدت إلى ضآلة البحث العلمي حول توفير إمكانية للتحكم بالكوابيس، هو أن الباحثين لا يزالون في المراحل الأولى لكشف أغوار هذا العلم.
مع ذلك يوجد بعض التقدم، على سبيل المثال، ذكرت مجموعة من الباحثين عام 2014 أن استخدام ترددات معينة من التحفيز الكهربي يمكن أن يعمل على زيادة احتمالية الحالم لإدراكه بالحلم.
وبكل الأحوال في حال حصل وألحقت الضرر بنفسك أثناء مشاهدتك للكوابيس فينبغي عليك طلب المساعدة الطبية.
إذ من المرجح أن يتم تحويلك إلى اختصاصي نوم للحصول على تقييم أدق.