استنفار وتحركات كبيرة شهدتها محافظة إدلب والحدود التركية الموازية سبقت هجوم قوات المعارضة على شرق إدلب بمشاركة قوات خاصة تركية وغطاء مدفعي كثيف يوم الخميس 20 فبراير/شباط 2020.
في الليلة السابقة للهجوم كانت التحركات على الأرض في صفوف كل من القوات التركية على الحدود وقوات المعارضة داخل المحافظة تشير بوضوح إلى قرب وقوع عملية عسكرية كان قد أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد قوات النظام الروسي.
مشاهد الاستنفار والاستعداد كانت تبدو واضحة للعيان، وذلك من خلال تعزيز المواقع العسكرية التركية بالقرب من الحدود السورية بمدافع ثقيلة ومنصّات صواريخ متوسطة المدى موجهةً نحو سوريا، حسبما ذكرت مصادر عسكرية في قوات المعارضة السورية.
وأوضحت المصادر تواصل إرسال تركيا التعزيزات العسكرية والقتالية والدبابات وراجمات الصواريخ إلى منطقة إدلب ضمن أرتال عسكرية على مدار الساعة، وانتشارها في أكثر من 38 نقطة عسكرية أنشأتها أنقرة خلال الأيام الماضية.
عمليات تمهيدية للجيش الوطني والفصائل الثورية
وذكر القيادي في الجيش الحر المدعوم من تركيا، محمد الشيخ، أن قوات تابعة للجيش الوطني والفصائل الأخرى شنت هجوماً برياً واسعاً ضد قوات النظام في منطقة النيرب وسراقب وكفر بطيخ شرقي إدلب عقب تمهيد ناري كثيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ وسط اشتباكات مباشرة بين الطرفين.
وأضاف الشيخ أن قوات الجيش الوطني تمكنت من تدمير 4 دبابات وعدد من الآليات العسكرية للنظام في مناطق النيرب وسراقب وكفر بطيخ، وقتل أكثر من 35 عنصراً من الأخيرة بينهم ضابط برتبة عميد ركن.
كما تم إسقاط طائرة استطلاع روسية في أجواء منطقة النيرب شرقي إدلب، فيما لا تزال المواجهات مستمرة حتى الآن وسط انهيار في صفوف قوات النظام.
منصات صواريخ وأجهزة تشويش
وذكر الخبير العسكري في المعارضة السورية، منير السلوم، أن تركيا نشرت في الساعات الماضية منظومات "كورال" للتشويش الراداري، بالإضافة لمنصات أخرى للتشويش اللاسلكي داخل الأراضي التركية بالقرب من الحدود السورية، وقرب مدينة جسر الشغور غربي إدلب.
وتستطيع هذه المنظومات التي دخلت الخدمة في تركيا عام 2016 التشويش على الطائرات في نطاق 200 كيلومتر.
وقامت أنقرة بتجهيز منصات صاروخية ومدفعية ثقيلة داخل الحدود التركية المقابلة لسوريا مثل صاروخ "سوم كروز" التركي عالي الدقة المخصص لإصابة الأهداف الثابتة والمتحركة على مسافة 250 كيلومتراً، وصواريخ "سام آي آر" أرض-جو ومداه أكثر من 250 كيلومتراً.
كذلك منصات صواريخ "بوباي" بمدى 150 كيلومتراً، ومدفعية "هاوتزر" عيار 155 ميللميتراً، وراجمات "سكاريا" عيار 122 ميللميتراً، وراجمات "كاسرجا" 300 ميلليمتر القادرة على إصابة أهدافها على بعد 40 كيلومتراً، وراجمات صواريخ يلدرم الباليستية التي تطلق 40 صاروخاً في الثانية الواحدة، وصاروخ بورا الباليستي بمدى 280 كيلومتراً.
وأضاف السلوم أن تركيا أرسلت ما يقارب 400 دبابة ومدرعة وعدداً من راجمات الصواريخ ومدفعية ثقيلة إلى النقاط العسكرية التركية خلال الأيام الماضية، وانتشرت على طول خط التماس المقابل مع قوات النظام في المناطق التي تقدمت إليها بريفي إدلب الشرقي وحلب الغربي.
جاءت هذه التجهيزات في إطار التحضير التركي لإطلاق عملية عسكرية ضد قوات النظام السوري لإجبارها على العودة إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية الـ 12 في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية، والتي كانت قوات النظام تتقدم إليها مما جعل جميع النقاط التركية شبه محاصرة.
استنفار في الجيش الحر
عبدالرزاق العمر، القيادي في الجيش الوطني المدعوم من تركيا والذي يشارك في العملية العسكرية التركية، أوضح أن الوحدات والفصائل التابعة للجيش الوطني السوري أعلنت حالة استنفار قصوى لعناصره وتحضيرات عسكرية وقتالية وتعزيز المواقع العسكرية المتقدمة "بأعداد كبيرة من المقاتلين والآليات المدرعة".
جاءت هذه الاستعدادات بعد فشل التوصل لاتفاقات بين الجانب التركي ونظيره الروسي الذي من شأنه إجبار قوات النظام على التراجع إلى حدود اتفاق سوتشي ضمن مناطق خفض التصعيد.
استفزازات روسية ضد تركيا والأخيرة ترد
وقبل ساعات من هجوم قوات المعارضة شنت مقاتلات حربية روسية 8 غارات جوية على منطقة التوامة غربي حلب، حيث المواقع العسكرية التركية في تلك المنطقة، وغارات مماثلة استهدفت المواقع العسكرية التركية في جبل الأربعين بالقرب من مدينة أريحا جنوب إدلب.
وذكر الناشط الميداني في إدلب، فؤاد الحسين، أن القيادات العسكرية أوضحت أن روسيا بدأت بهذا الأمر استفزاز القوات التركية على الأرض.
وبالفعل ردّت تركيا على مواقع قوات النظام والميليشيات المساندة في منطقة الشيخ عقيل غربي حلب ومواقع جبل التركمان بريف اللاذقية بأكثر من 20 صاروخاً ما أدى إلى مقتل 30 عنصراً من قوات النظام.
وكان الرئيس التركي صرح بأن عملية عسكرية ستقوم بها القوات التركية ضد قوات النظام ما لم تنسحب قبل نهاية الشهر الجاري إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية. بالمقابل ردّت روسيا بدعمها عمليات النظام حتى السيطرة الكاملة على محافظة إدلب.
وعلى الصعيد الإنساني قال الناشط في المجال الإنساني، محمود خيرو، إن حالة من الخوف والهلع أصابت النازحين في مخيمات الشمال السوري، لا سيما أن عمليات النظام الأخيرة باتت قريبة جداً من هذه المخيمات بعد سيطرة قواته على معظم ريف حلب الغربي ومناطق وسعة شرقي إدلب.
وبدأت قوات النظام مؤخراً بقصف المناطق المحيطة بمخيمات النازحين التي تضم حوالي 4 ملايين نازح، ما أسفر عن استشهاد عدد من المدنيين وجرح آخرين في مخيمات الدانا ومحيطها بالقرب من الحدود التركية.