لم تتوصل تركيا وروسيا إلى اتفاق حول إدلب، بعد لقاء جمع مسؤولين من البلدين الثلاثاء 18 فبراير/شباط 2020 في العاصمة الروسية موسكو، حيث رفضت أنقرة خططاً ومقترحات قدمتها موسكو حول إدلب، كما أكدت مواصلة إرسال تعزيزاتها العسكرية لسوريا، ما يُعد مؤشراً آخر على أن الفجوة لا تزال كبيرة بين البلدين حول ما يجري شمال سوريا.
لماذا الحدث مهم؟ من المُحتمل أن يشهد الشمال السوري تصعيداً أكبر خلال الأيام القليلة المقبلة على خلفية عدم الاتفاق الروسي التركي حول إدلب، حيث تدعم موسكو قوات الأسد بهجومها على المحافظة الواقعة شمال غرب البلاد، بينما تقدم أنقرة دعماً لفصائل من المعارضة هناك، كما أنها لوّحت بعمل عسكري ضد نظام بشار الأسد لإجبار قواته على العودة لما بعد النقاط العسكرية التركية في إدلب.
تفاصيل أكثر: المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، قال في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول، إن "محادثات أنقرة وموسكو بخصوص إدلب لم تتمخض عنها أي نتيجة مرضية حتى الآن، وأن تركيا لم تقبل بالورقة والخريطة المقدمتين لها في هذا الشأن".
لم يكشف المسؤول التركي تفاصيل عن الخطة والورقة الروسيتين المقدمتين لبلده، لكن روسيا تحاول تعزيز نفوذ النظام في الشمال وتثبيت وجود قواته في المناطق التي سيطرت عليها في هجومها الأخير، حيث تقدمت في مناطق هامة مثل سراقب – في إدلب – التي تُعد نقطة لقاء الطريقين الدوليين M5 وM4، وبلدات في ريف حلب الغربي.
لكن أنقرة تريد من النظام أن يتراجع عن المناطق التي سيطر عليها والتي يوجد في بعضها نقاط مراقبة للجيش التركي أصبحت محاصرة الآن، وتقول أنقرة إن على النظام أن يعود لحدود "اتفاق سوتشي".
قالن أشار إلى أن المفاوضات بين تركيا وروسيا ستستمر، وأن المواضيع العالقة بين الجانبين "لن تُحل إلا بالمباحثات"، لكنه في نفس الوقت أكد أن أنقرة تعتبر حدود مواقع نقاط المراقبة، ووقف الأسد وحليفه الروسي لهجماتهما بشكل فوري من محددات اتفاق سوتشي.
تهديد تركي: رغم تأكيد قالن استمرار المفاوضات مع الجانب الروسي، فإنه حذر مجدداً من المساس بنقاط المراقبة التركية في إدلب (عددها 12)، وقال: "أقولها لكل الأطراف بما فيها الدول الضامنة لاتفاق سوتشي، في حال تعرض الجنود الأتراك لأي هجوم فإننا سنرد بأشد الطرق على الفور أياً كان الطرف المهاجم".
كذلك شدد المسؤول التركي على أن بلاده لن تقبل "بتغيير مواقع نقاط المراقبة التركية في إدلب"، مضيفاً أن الجيش التركي سيرد بأشد الطرق في حال تعرض عناصره في إدلب لأي هجوم، تماماً كما فعل مؤخراً، وأكد أن بلاده ستواصل إرسال تعزيزات عسكرية لقواتها في سوريا.
انتقاد لروسيا: في سياق متصل، ردّ قالن على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن إدلب والموقف التركي، وقال إن تصريحات "لافروف لا تمت للواقع على الأرض بصلة، لا من قريب ولا من بعيد. بحثنا ذلك استناداً إلى الخرائط وبشكل واضح ومفصل مع الوفد الروسي الذي زارنا الأسبوع الماضي. يبدو أنّ السيد الوزير زوِّد بمعلومات منقوصة أو خاطئة".
أشار قالن أيضاً إلى أن الجانب الروسي يدّعي تعرض قاعدة حميميم لهجمات، ورد قائلاً: "قاموا بتزويدنا بمجموعة أرقام تتعلق بعدد الهجمات وهجمات أخرى بطائرات بدون طيار. نحن نسألهم سؤالين رئيسيين: أولاً هل من قتلى سقطوا في هذه الهجمات؟ لا يوجد. ثانياً إن كانت منطقة حميميم تتعرض للهجوم لماذا تشنون عملية عسكرية كبيرة بهذا الحجم في شرق حلب وجنوبها؟".
أضاف قالن في هذا السياق أن "العمليات العسكرية التي يشنها النظام في الأشهر الثمانية الأخيرة لا علاقة لها بقاعدة حميميم، وإنما ذريعة لشن العمليات".
المشهد العام: دفع التقدم السريع لقوات النظام في إدلب آخر معقل كبير لمقاتلي المعارضة، قرابة 700 ألف شخص إلى النزوح عن بيوتهم والاتجاه صوب الحدود التركية المغلقة، وتقول تركيا التي تستضيف بالفعل 3.6 مليون لاجئ سوري إنه لا يمكنها استيعاب المزيد.
يأتي الهجوم على إدلب على الرغم من وجود اتفاق توصلت إليه تركيا وروسيا وإيران في مايو/أيار 2017، لإقامة "منطقة خفض التصعيد" بإدلب، في إطار اجتماعات أستانا المتعلقة بالشأن السوري.
في عام 2018، توصلت روسيا وتركيا أيضاً إلى اتفاق في سوتشي يقضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، لكن أياً من الاتفاقات لم تُنفذ.