تعتزم إسرائيل بناء حيٍّ يهودي في القدس الشرقية على أرض من المقرر أن تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية بموجب خطة السلام أو ما يعرف إعلامياً بصفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحضور بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، وتسكنها حالياً حوالي 15 عائلة فلسطينية.
حسب تقرير صحيفة Haaretz الإسرائيلية، نشرته الثلاثاء 18 فبراير/شباط 2020، فمنذ عشرة أيام، بدأت وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية في إعداد الخطة الرئيسية للحي الجديد. ومن المقرر أن يقع الحي في الطرف الشمالي للقدس على اليابسة بالقرب من مطار عطروت السابق، وسيمتد حتى الجدار العازل الذي سيكون الحد الفاصل بين الحيِّ الجديد وحيِّ كفر عقاب الفلسطيني. ومع أنَّ كفر عقاب يُعَد جزءاً من القدس، فإنَّه يقع على الجانب الآخر من الجدار.
خطة بناء حي يهودي على أراض فلسطينية: تشمل الخطة حوالي 310 فدادين (ما يقرب من 1254 كيلومتر مربع) من الأراضي، ومن المتوقع أن تضم من 6900 إلى 9 آلاف وحدة سكنية. وتتضمَّن الخطة 300 ألف متر مربع من المساحات التجارية و45 متراً مربعاً للأنشطة الأخرى، إلى جانب فندق، وخزان مياه ومرافق أخرى.
الى ذلك تنقسم ملكية الأرض بين الدولة والصندوق القومي اليهودي وعدد كبير من الأفراد، معظمهم من الفلسطينيين. ونظراً إلى تعدُّد مُلاَّك الأراضي المزمع إقامة الحي عليها، يتعين إعادة تخصيص ملكية الأرض، وهي عملية يمكن تنفيذها دون موافقة المُلَّاك، حسب ما ذكر وثائق التخطيط.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الخطة لا تُحدّد صراحةً هوية السكُان المُزمع تخصيص الحيِّ لهم، لكنَّها تشمل معابد وحمامات طقوس دينية يهودية، مما يوضح أنَّه مخصصٌ للسكان اليهود الإسرائيليين. ويوجد حالياً عدد من العائلات الفلسطينية التي تعيش في المنطقة المخططة للحي الجديد، إلى جانب مسجد.
قصة آخر حي يهودي: يُذكَر أنَّ إسرائيل لم تبنِ، ولم تُخطِّط لبناء، أي حيٍّ جديد لسكان القُدس العَرب منذ عام 1967. وكانت فكرة بناء حيٍّ لليهود الأرثوذكس المتطرفين في هذه المنطقة محلّ دراسةٍ في الماضي، لكنَّ الحريديم رفضوا الفكرة لأنَّ الحي سيكون بعيداً عن الأحياء اليهودية الأخرى، ولأنه يقع بين الجدار العازل ومنطقة عطروت الصناعية. وكان آخر حي يهودي أقامته إسرائيل في القدس الشرقية هو حيِّ هارحوما في عام 1991.
يتضمن الفصل الخاص بالقدس في خطة ترامب للسلام قسماً بعنوان "منطقة سياحية خاصة". وتنص الخطة على أنه "ينبغي على دولة إسرائيل السماح لدولة فلسطين بتطوير منطقة سياحية خاصة في عطاروت، في منطقة معينة يتفق عليها الطرفان".
هذه المنطقة، وفقاً لخطة السلام، "يجب أن تكون منطقة سياحية عالمية ويجب أن تدعم سياحة المسلمين إلى القدس ومواقعها المقدسة"، وسوف تشمل المطاعم والمحال التجارية والفنادق والمراكز الثقافية وغيرها من المرافق السياحية، إلى جانب "أحدث وسائل النقل العام التي توفر سهولة الوصول من وإلى الأماكن المقدسة".
خطوات غير مسؤولة لنتنياهو: لا تناقش "صفقة القرن" أين ستكون هذه المنطقة السياحية الخاصة بالتحديد، لكن الحي الجديد المخطط له يمتد عبر كل المساحة المتبقية غير المبنية في عطاروت بين المنطقة الصناعية وحاجز الفصل.
من جانبه قال أبيب تاتارسكي، الباحث في منظمة "عير أميم" اليسارية غير الربحية: "مع اقترابنا من الانتخابات، يروج (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو لخطوات غير مسؤولة على نحوٍ متزايد. إن بناء حي ضخم خارج الخط الأخضر يشكل محاولة لخلق حقائق لا رجعة فيها على الأرض. لا يمكن لإسرائيل مواصلة فعل كل ما تريد إلى الأبد. عاجلاً أم آجلاً، ستفهم إسرائيل والفلسطينيون أن التوصل لاتفاق لوجود عاصمتين في القدس أمر جيد لنا جميعاً. وبإحباط مثل هذا الاحتمال من خلال خطوات مثل بناء حي ضخم، فإن نتنياهو يلحق الضرر بالقدس وسكانها".