علماء يكتشفون أدلة على وجود “مجتمعات مجهولة” بين البشر القدماء

وجد العلماء أدلة على وجود "مجتمعات مجهولة" غامضة بين البشر القدامى الذين عاشوا في قارة إفريقيا قبل نحو نصف مليون عام.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/02/13 الساعة 18:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/13 الساعة 18:19 بتوقيت غرينتش
آثار الأسلاف المجهولين ظهرت عندما حلل الباحثون الجينوم الوراثي من سكان غربي إفريقيا/ رويترز

وجد العلماء أدلة على وجود "مجتمعات مجهولة" غامضة بين البشر القدامى الذين عاشوا في قارة إفريقيا قبل نحو نصف مليون عام والذين لا يزال البشر يحملون جيناتهم حتى وقتنا هذا، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية.

أوضح التقرير الذي نشرته الصحيفة، الأربعاء 12 فبراير/شباط 2020، أن آثار الأسلاف المجهولين ظهرت عندما حلل الباحثون الجينوم الوراثي من سكان غربي إفريقيا، ووجدوا أن ما يصل إلى خُمس الحمض النووي الخاص بهم أتى من أقارب غير معروفين.

يشك علماء الوراثة في أن أسلاف سكان غربي إفريقيا الحديثين قد اندمجوا قبل عشرات الآلاف من السنوات، مع البشر البائدين الذين لم يُكتشفوا بعد، مثلما تزاوج الأوروبيون القدماء مع البشر البدائيين.

أصل قديم غير معروف لبعض الأجناس

سريرام سانكارارامان، المتخصص بعلم الأحياء الحاسوبي والذي قاد البحث بجامعة كاليفورنيا في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، قال: "في كل نماذج البشر الغرب أفريقيين التي فحصناها، كانوا جميعاً من أصل قديم غير معروف".

عكس اليوم، كان العالَم فيما مضى موطناً لعديد من الأجناس أو الأجناس الفرعية من البشر. وعندما تعثر بعضهم ببعض، لم يكن التزاوج أمراً غير وارد. نتيجة لذلك، يحمل أوروبيّو العصر الحديث عدداً ضئيلاً من جينات الإنسان البدائي، في حين يحمل الأستراليون الأصليون والبولينيزيون والميلانيزيون جينات من فصيلة الديسوفانس، وهي مجموعة أخرى من البشر البائدين.

لمحت دراسات سابقة إلى أن أناساً قدماء آخرين كانوا يجوبون إفريقيا ذات يوم، لكن دون أي حفريات أو حمض نووي للاستدلال على ذلك، إذ كافح الباحثون لمعرفة المزيد عنهم.

حصل كل من آرون دورفاسولا وسريرام سانكارارامان على 405 جينومات من أربعة من سكان غرب أفريقيين واستخدموا تقنيات إحصائية؛ لمعرفة ما إذا كان من المحتمل حدوث تدفق للجينات الناتجة عن التهجين في الماضي البعيد. وأشار التحليل إلى أن ذلك قد حدث في كل حالة.

مضى العلماء في تمشيط الجينوم الإفريقي بحثاً عن أجزاء الحمض النووي التي بدت مختلفة عن الجينات البشرية الحديثة. سمح لهم هذا باستخراج التسلسلات التي جاءت على الأرجح من قريب قديم. وبمقارنة هذه الجينات بجينات مأخوذة من البشر البدائيين ومن فصيلة الديسوفانس، خلصوا إلى أن الحمض النووي لا بد من أنه يأتي من مجموعة غير معروفة من البشر البائدين.

قال سانكارارامان: "يبدو أنهم أحدثوا تأثيراً كبيراً على جينوم الأشخاص الحاليين الذين دراسنا جيناتهم. إذ يمثلون من 2٪ إلى 19٪ من أصلهم الوراثي". وقد جاءت المجموعات الأربع التي شملتها الدراسة من ثلاثة بلدان: اثنتان من نيجيريا، وواحدة من كل من سيراليون وغامبيا.

الفرق بين البدائيين والحديثين مئات الآلاف من السنوات

صحيح أن النتائج بعيدة كل البعد عن أن تكون قطعية، لكن وفقاً لأفضل تقديرات العلماء، يفصل بين المجتمعات المجهولة غير المُسجلة وأسلاف البشر البدائيين والبشر الحديثين ما بين 360 ألف ومليون سنة. وتكاثرت إذن المجموعة التي ربما تضم 200 ألف فرد مع أسلاف سكان غربي إفريقيا الحديثين في مرحلة ما، خلال السنوات الـ124 ألفاً الماضية.

لكن سانكارارامان قال إن التفسيرات الأخرى ممكنة. إذ ربما كانت هناك موجات متعددة من التزاوج على مدى آلاف السنين، أو عدد من المجتمعات المختلفة التي لها أقارب من البشر البائدين غير المعروفين حتى الآن. قال سانكارارامان: "من المرجح أن تكون الصورة الحقيقية للأمر أكثر تعقيداً مما نعرفه". نُشرت تفاصيل البحث في دورية Science Advances العلمية.

يحرص الباحثون الآن على التعمق في الجينات القديمة والتوصل إلى طبيعتها. ومن بين الاحتمالات القائمة أن سكان غربي أفريقيا احتفظوا بالحمض النووي، لأنه ساعدهم على البقاء والتكاثر.

إذ قال جون هوكس، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة ويسكونسن ماديسون، الذي لم يشارك في البحث: "من الممتع والمفيد دائماً رؤية الباحثين يطبقون أساليب جديدة لمحاولة التوصل إلى فكرةٍ أفضل عن شكل السكان القدماء"، مضيفاً: "إنها لحظة مفعمة بالحماسة، لأن هذه الدراسات تفتح نافذة توضح لنا أن هناك الكثير لنعرفه عن أجدادنا، أكثر مما نظن. ولكن في الواقع فإن معرفة من كانوا هؤلاء الأجداد، وكيف تفاعلوا، وأين وُجدوا سوف تتطلب أعمالاً ميدانية للعثور على بقاياهم الأحفورية والأثرية".

كما أضاف هوكس: "لا نعرف الهيئة التي كان عليها هؤلاء السكان الأفارقة. من المغري أن نبدأ بالتكهنات، لكن يجب القول إنه من المبكر للغاية معرفة الحقيقة. إذ إننا لم نكتشف ما يكفي من الحفريات في معظم إفريقيا لنقول إننا نعرف ما الذي كان موجوداً هناك".

تحميل المزيد