تتجه الصين لتبني تدابير قد تكون أخطر لتعقب المزيد من مرضى فيروس كورونا الجديد الذي تسبب في مقتل 900 شخص على الأقل. ووصل عدد الإصابات الناجمة عن الفيروس الجديد إلى 40 ألف شخص، الأحد 9 فبراير/شباط 2020.
تقرير موقع Quartz الأمريكي كشف إن ثلاث مدن صينية على الأقل أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستُوقِف بيع أدوية الحمى والسعال، وهما من الأعراض الرئيسية للفيروس الجديد؛ وذلك لدفع الناس للتوجه إلى المستشفيات لتلقي العلاج بدلاً من العلاج الذاتي والبقاء في المنزل. ومن بين الأعراض الأخرى للفيروس: ألم في العضلات، وضيق في التنفس يمكن بعد ذلك أن يتطور إلى اضطراب حاد في التنفس.
إجبار المرضى على العلاج: ففي يوم الجمعة 7 فبراير/شباط، أعلنت هانغتشو، وهي مدينة تقع شرقي الصين يبلغ عدد سكانها نحو 10 ملايين نسمة وتضم مقرات شركة Alibaba والعديد من عمالقة التكنولوجيا الصينيين الآخرين، أنه بناءً على نصيحة فريق إدارة فيروس كورونا الجديد، ستتوقف جميع الصيدليات في المدينة عن بيع أدوية الحمى والسعال، اعتباراً من اليوم التالي. وسيسري هذا الإجراء طالما بقي مستوى تأهب المدينة للأمراض المعدية عند أعلى مستوياته. وجاء في الإعلان: "يجب على المواطنين الذين يعانون من هذه الأعراض الذهاب إلى المستشفى في أقرب وقت ممكن".
على خطى مدينة هانغتشو، أعلنت مدينتان صينيتان جنوبيتان، هما نينغبو وسانيا اللتان يبلغ عدد سكانهما مجتمعين 8.6 مليون نسمة، خلال بداية الأسبوع الحالي، أنهما ستوقفان بيع أدوية الحمى والسعال؛ لتعزيز فعالية رصد المصابين بالفيروس وعلاجهم. وفي مقاطعة غوانغدونغ الجنوبية، طالبت السلطات الأهالي بتسجيل أسمائهم الحقيقية في متاجر الأدوية حين يشترون هذه الأدوية، حتى يمكن للمسؤولين متابعة تطور الأعراض معهم.
تعليمات صارمة للمرضى: كانت لجنة الصحة الصينية قد ذكرت في الشهر الماضي أنَّ الأشخاص الذين يعانون من الحمى ويظهر لديهم انخفاض في عدد خلايا الدم البيضاء في فحص الدم أو الذين يُشخَّصون بالالتهاب الرئوي، يجب عليهم إجراء اختبار الفيروس في المستشفى. بدورها، أوصت منظمة الصحة العالمية الأشخاص الذين سافروا إلى الصين وظهرت عليهم أعراض الحمى والسعال وصعوبة التنفس بضرورة التوجه فوراً للحصول على الرعاية الطبية، لكن عليهم الاتصال بمقدمي الرعاية الصحية أولاً لإبلاغهم باحتمال إصابتهم بفيروس كورونا الجديد.
لكن يشعر بعض سكان المدن الصينية بالقلق من أن تدفع هذه التدابير الجديدة بعض الأشخاص غير المصابين بالفيروس للذهاب إلى المستشفيات حيث قد يتعرضون لخطر الإصابة. إذ أظهر فحص أجري على مجموعة واحدة من 138 حالة إصابة بالفيروس أنَّ عدداً من هؤلاء المرضى التقط الفيروس من المستشفى. إلى جانب ذلك، قال العديد من الأشخاص عبر حساباتهم على الشبكات الاجتماعية أنهم توجهوا إلى المستشفيات بسبب معاناتهم من الحمى والسعال، لكنهم أعيدوا إلى منازلهم لأنَّ الموظفين مشغولون بالتعامل مع المرضى الآخرين، أو بسبب العجز في أدوات اختبار الحلق.
تذمر من سياسات الحكومة: فمن جانبه، قال أحد مستخدمي منصة Weibo الاجتماعية: "هل هذه السياسة منطقية؟ يمكن للناس أساساً أن يعالجوا الأمراض بالعقاقير بدلاً من الذهاب إلى المستشفيات للحصول على موارد طبية مستنزفة بالفعل، والتعرض لخطر الإصابة من الآخرين الذين لديهم الفيروس".
يأتي هذا الإجراء في الوقت الذي عقدت فيه بكين العزم على احتواء الفيروس الذي تجاوز عدد ضحاياه عدد ضحايا فيروس السارس، الفيروس القاتل الذي انتشر عام 2003 في الصين ومنها إلى جميع أنحاء العالم أيضاً.
بحسب تقارير، تجاهلت بكين المساعدة المقدمة من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC ومن الجائز أنها أجلت زيارة لفريق منظمة الصحة العالمية، وفقاً لصحيفة The New York Times الأمريكية. وذكر التقرير نقلاً عن مسؤولين مجهولين في مجال الصحة العامة ودبلوماسيين أن هذا التردد قد يكون بسبب عدم رغبة القيادة الصينية في أن يعتقد العالم أن بلادها بحاجة للمساعدة. وتوجه فريق منظمة الصحة العالمية إلى الصين اليوم الإثنين 10 فبراير/شباط.
ممنوعون من الخروج: عزلت بكين الملايين من الناس، ومنعتهم من مغادرة مدنهم أو حتى مبانيهم السكنية. كما أرسلت في الأيام الأخيرة أكثر من 11 ألف عامل طبي من جميع أنحاء الصين لمساعدة ووهان. وتفقد سون تشونلان، نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، ووهان يوم السبت 8 فبراير/شباط، وقال إن المدينة "ينبغي ألا تفوت مريضاً واحداً" مصاباً بالفيروس.
فيما قالت وكالة شينخوا إن العاملين بالمجتمع المحلي يتفقدون حالة الحمى المصاب بها الأشخاص المحتجزون في الأحياء، فيما يقرر المسؤولون ما إذا كان هؤلاء الأشخاص سيبقون في الحجر الصحي في مدنهم أم سيرسلون إلى معسكرات الحجر الصحي. وسمحت الصين للأطباء بالتشخيص باستخدام الأشعة المقطعية على الصدر، والتي يمكن أن تكون وسيلة أسرع للتشخيص.
حواجز لغلق القرى: إلا أن الأوامر العليا التي تحث السلطات المحلية على تحقيق أهداف معينة قد تفضي إلى اتخاذ إجراءات صارمة. إذ احتجزت بعض المدن، مثل مدينة هانغتشو، الأشخاص العائدين من المناطق المصابة بالفيروس مثل ووهان في شققهم ووضعت عليها سلاسل معدنية، في حين أقامت بعض القرى حواجز لمنع أي شخص من دخولها.
أما في الفضاء الإلكتروني، قابل الكثيرون التدابير التقييدية على الأدوية بالتشكك. إذ قال أحد مستخدمي Weibo: "لقد أخبرتنا الحكومة من قبل إنه إذا اقتصرت إصابتنا على نزلة البرد أو الحمى، فيجب ألا نذهب إلى المستشفى لتجنب الإصابة بالفيروس. لكنها الآن توقفت عن بيع الأدوية، ما جعلنا نحن الناس العاديين عالقين في المنتصف".