غالبيتنا يعرف أن تناول أطعمة صحية مفيدٌ لصحتنا الجسدية ويقلل من أخطار الإصابة بالسكري والضغط والكولسترول والسمنة وأمراض القلب، ولكن الأمر الذي نجهله أن تناول الغذاء الصحي مفيد لصحتنا العقلية والنفسية، ويمكن أن يقلل من خطر الاكتئاب.
الأمراض النفسية وعلاقتها بصحة الأمعاء
بعد أن تجاهلناها كثيراً، سرعان ما أصبحت الأمعاء معترفاً بها على أنها عضو تعادل أهميته أهمية العقل والقلب.
وكما صدق أسلافنا ذات يوم أن الأرض مسطحة حتى وقتٍ قريب، لم نكن مدركين أيضاً ذلك التأثير لأمعائنا على صحتنا العامة والنفسية بشكل خاص.
تسهم الأمعاء السليمة (أو المريضة) في تشغيل مجموعة هائلة من وظائف الجسم، بدءاً من صحة القلب والعقل إلى النوم والهضم والحالة المزاجية.
ما الذي يجعل لأمعائنا وضعاً خاصاً؟
- هناك تريليونات الميكروبات التي تكوِّن النبيت الجرثومي المعوي وهي البكتيريا التي تعيش في أمعائك.
- ينفرد كل شخص بنبيت جرثومي (ميكروبيوم) مقتصر عليه تماماً، كخصلة الشعر أو بصمة الإصبع.
- هناك خصائص نافعة للنبيت الجرثومي عندما يكون متوازناً بصورة ملائمة بين البكتيريا النافعة والضارة.
- فبينما يمكنه الحماية من مسببات الأمراض وتقوية الجهاز المناعي، تُظهر الدراسات أن النبيت الجرثومي الذي يميل نحو البكتريا الضارة يمكنه أيضاً أن يسهم بدورٍ سلبي في القلق والاكتئاب.
العلاقة بين العقل والأمعاء
- يُعدُّ العصب الحائر خط الاتصال الرئيسي بين الأمعاء والعقل.
- أظهرت دراسات وفق موقع Pick the Brain الأمريكي أن هذه العلاقة قد تؤثر على السلوك العاطفي عند وجود بكتيريا مختلفة داخل النبيت الجرثومي المعوي.
- هذه العلاقة التي تسمح للعقل بالتأثير على الأمعاء يمكن أن تسير أيضاً في الاتجاه المعاكس: أي أن تؤثر الأمعاء على العقل؟
- تتغير البكتيريا في النبيت الجرثومي لديك بشكل كبير تبعاً لما تأكله.
- ومع النبيت الجرثومي ضعيف التوازن الذي يُربط الآن باضطرابات الصحة النفسية كالاكتئاب، من الضروري اتباع نظام غذائي صحي يجعل الأمعاء نظيفة.
كيف تؤثر العلاقة بين العقل والأمعاء على حالتك المزاجية؟
- هل كنت تعلم أن 90% من مستقبلات السيروتونين موجودة في أمعائك؟ لذلك بينما تقبلنا جميعاً تلك الفكرة القائلة بأن أدمغتنا كانت القوة المحركة المنتجة للسيروتونين، تبيَّن في الواقع أن أمعاءنا كانت مُسيطِرة منذ البداية.
- الطعام الذي تتناوله يؤثر على بيئة أمعائك ويغيرها، ونظراً إلى أن أمعاءك مرتبطة بعقلك على نحو وثيق، فإن الطعام الذي يؤثر على أمعائك تأثيراً سلبياً سوف يؤثر على عقلك تأثيراً سلبياً أيضاً.
- لا يتعلق الأمر بالطعام فحسب؛ فعندما تتناول نوعاً معيناً من الأدوية، مثل الأدوية المضادة للحساسية أو المضادات الحيوية، من الشائع أن تعاني من الغثيان ضمن الأعراض الجانبية.
- يرجع هذا الغثيان إلى الطريقة التي يؤثر بها الدواء على أمعائك، رغم أنه يستهدف جزءاً مختلفاً من جسدك على الأرجح.
الطعام الملائم لأمعائك ومن ثمّ لعقلك
أياً كان ما تتناوله، فسوف يؤثر سلباً أو إيجاباً على أمعائك، فما الذي يمكنك أن تفعل حيال ذلك؟
- تناول الأطعمة التي تساعد أمعاءك بدلاً من تلك التي تعرقلها، إذ تكشف الأبحاث أن احتمالية تزايد الاكتئاب والقلق تصبح أكبر إذا كنت تتبع نظاماً غذائياً يحتوي على كمية كبيرة من السكر، والكربوهيدرات المكررة والدهون المضافة.
- إذا كان نظامك الغذائي مكوَّناً فقط من حبوب الإفطار والمشروبات الغازية، ما زال بإمكانك إحداث تغيير إيجابي فيما يتعلق بالنبيت الجرثومي بأمعائك.
- النظام الغذائي المكوّن من غذاء كامل والغني بالنباتات يمكنه المساعدة في تحسين أعراض الاكتئاب.
- تغيير نظامك الغذائي كي يحتوي على قدر أكبر من الحبوب الكاملة والمكسرات والأسماك والأنواع الجيدة من اللحوم أن يساعدك في تحسين حالة النبيت الجرثومي في أمعائك، ويحافظ على عمله بشكل طبيعي ويجعلك في حالة نفسية أكثر إيجابية.
العلاقة عكسية أيضاً.. هناك أمراض تصاب بها بسبب حالتك النفسية
هل يمكن أن تؤثر الحالة النفسية السيئة على الأمعاء أيضاً؟ نعم هذا صحيح لأن أحد الأسباب الرئيسية لمرض القولون العصبي هو الضغط النفسي.
القولون العصبي
كما أنّ النظرية الأكثر شيوعاً هي أن سبب مرض القولون العصبي هو اضطراب في تفاعل الدماغ والجهاز الهضمي، ولبعض الأفراد، قد تحدث تشوهات في النبيت الجرثومي المعوي، والتي تؤدي إلى التهابات وتغيرات في وظيفة الأمعاء.
مشكلات الهضم
تحدث مشكلات الهضم أيضاً نتيجة للاكتئاب لأن عقلنا مرتبط بجهازنا الهضمي، وهذا ما يتسبب في آلام المعدة والشعور بالغثيان عندما نكون تحت ضغط أو نشعر بالقلق، أما فى حالة الاكتئاب فيحدث لك غثيان وعسر هضم، بالإضافة إلى حالة من الإسهال أو إمساك.