رفض مجلس الشيوخ الأمريكي، الجمعة 31 يناير/كانون الثاني 2020، بأغلبية ضئيلة، استدعاء شهود أو عرض وثائق جديدة في المحاكمة الجارية للرئيس دونالد ترامب، ممهّداً بذلك الطريق أمام إجراء تصويت نهائي يوم الأربعاء المقبل، يتوقّع أن يُبَرّأ خلاله ترامب من التهمتين الموجّهتين إليه.
المشهد عن قرب: بأغلبية 51 مقابل 49، أحبط مجلس الشيوخ -الذي يسيطر عليه الجمهوريون- جهود الديمقراطيين الرامية لاستدعاء مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض جون بولتون، ومستشارين كبار آخرين للرئيس إلى المحاكمة، للاستماع إلى إفاداتهم.
صوّت سيناتوران جمهوريان هما ميت رومني وسوزان كولينز مع الديمقراطيين لصالح استدعاء الشهود والوثائق، لكنّ صوتيهما لم يكونا كافيين للوصول إلى أغلبية الـ51 صوتاً لإقرار الطلب.
فور هذا الانتصار على خصومه الديمقراطيين، قال زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إنّ "السيناتورات سيتشاورون الآن مع مدّعي مجلس النواب ومحامي الرئيس لتحديد الخطوات التالية، في الوقت الذي نعدّ فيه لاختتام المحاكمة في الأيام المقبلة".
تاريخ النطق بالحكم: لاحقاً أفادت وسائل إعلام أمريكية عدّة، نقلاً عن مصادر برلمانية، أنّ المحاكمة ستستأنف مجدّداً الإثنين، 3 فبراير/شباط 2020، للاستماع على مدى يومين إلى المرافعات الختامية والتداول بالحكم، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
سيكون التصويت على التّهمتين الموجّهتين إلى ترامب، وهما استغلال سلطته، وعرقلة عمل الكونغرس، وبحسب وسائل إعلام أمريكية فإن هذا الإجراء سيفضي إلى تبرئة الرئيس منهما، نظراً إلى أنّ إدانته تحتاج إلى أكثرية الثلثين، في حين أن الجمهوريين، حلفاء ترامب في المجلس، يتمتعون بالأكثرية في المجلس.
بذلك، سيصبح ترامب ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يُحال إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بقصد عزله من منصبه، ويُبَرّأ من التُّهم الموجّهة إليه.
ماذا يقول القانون؟ ينص الدستور الأمريكي على وجوب أن يؤيد ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ، أي 67 من أصل مئة، عزل الرئيس، وهو سقف لا يستطيع المعسكر الديمقراطي المعارض لترامب بلوغه، كونه لا يملك سوى 47 صوتاً في المجلس.
من جهته يستعجل ترامب الذي يخوض حملة إعادة انتخابه طيّ هذا الملف، وأفاد قريبون منه أنه يأمل تبرئته، قبل أن يُلقي خطابه التقليدي عن حال الاتحاد مساء الثلاثاء المقبل أمام الكونغرس.
كما أن شبكة FOX ستجري مقابلة معه غداً الأحد، قبيل بدء المباراة النهائية لبطولة كرة القدم الأمريكية مع مشاركته في شريط دعائي لهذا الحدث، الذي يستقطب مئة مليون مشاهد.
انزعاج من الديمقراطيين: يرى كبير المدعين، النائب الديمقراطي آدم شيف، أن تبرئة ترامب ستعني "تطبيعاً لعدم احترام القانون".
بدوره، قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، إن تبرئة ترامب "لا تعني شيئاً" إذا رفض أعضاء المجلس استدعاء شهود إضافيين، وستكون "ثمرة محاكمة مزورة".
عودة إلى الوراء: كان الديمقراطيون قد وجهوا الاتهام إلى ترامب، في 18 ديسمبر/كانون الأول 2019، بفضل غالبيتهم في مجلس النواب، وجرت جلسات التحقيق في أجواء محمومة، وتخللها جدل حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين.
خلال المحاكمة أمام مجلس الشيوخ، اتهم المدعون الديمقراطيون الرئيس، بأنه طلب من أوكرانيا التحقيق في شأن جو بايدن، خصمه المحتمل الأبرز في انتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فضلاً عن تجميده مساعدة عسكرية حيوية لهذا البلد.
أكد المدعون أن ترامب استغل منصبه لـ "تشويه سمعة" منافسه، وممارسة "الغش" على حساب مصالح الولايات المتحدة، وأضافوا أنه بذل ما في وسعه لعرقلة التحقيق في الكونغرس، بعدما كشف أمره مخبرٌ في الاستخبارات، ما شكل انتهاكاً للدستور.
من جهته نفى ترامب وفريق المحامين المدافعين عنه تلك الاتهامات، وكان الرئيس الأمريكي قد اعتبر محاكمته بمثابة "انقلاب".