البيان الختامي لمؤتمر الأزهر كان جيداً، لكنه لا يتعلَّقُ بالتجديد! لأسباب كثيرة ليس من أهمها اشتمالُه على مصطلحاتٍ سياقية أو ماضوية من عينة: (أهل الحِلِّ والعقد – الرَّعِيّة – أولياء الدم – عقد الأمان)!
فما التجديدُ الحَرِيُّ بالأزهر؟
التجديدُ: أن يقوم شيخ الأزهر بتعيين سيدة وشاب وأجنبي لا يحمل الجنسية المصرية في منصب وكيل الأزهر، التجديدُ أن يُنهِيَ الأزهرُ قطيعته التاريخية مع الفنون بأشكالها المختلفة.
التجديدُ أن يُموّلَ الأزهرُ مجموعةً من الأفلام السينمائية والكارتونية التي ترصدُ صوراً من حياة الصحابة والتابعين وآل بيت النبوة، لتقديمها في إطارٍ عصريٍّ يناسب الشباب والأطفال.
التجديدُ أن تختبرَ الامتحاناتُ في المعاهد والكليات الأزهرية قدرات الطالب النقدية والتحليلية والجدلية، بدلاً من السردية والإنشائية والتلقينية.
التجديدُ أن يتم إدخال كتب عبدالوهاب المسيري، وعلى شريعتي، وعلي عزت بيغوفيتش، وداود أوغلو، ومالك بن نبي إلى مناهج التعليم في الأزهر، فضلاً عن مؤلفات شكسبير، وغوستاف لوبون، وديل كارنيغي، ومايلز كوبلند، وبرتراند راسل، وفريدريك إنجلز، وجورج هيغل، وفولتير، وسارتر، وديكارت، وكانط، وجان جاك روسو، وتولستوي وآرثر ميللر.
التجديدُ أن يدرس طالب الأزهر لغتين أجنبيتين إجبارياً، وألا يُمنح الباحثون درجتي الماجستير والدكتوراه إلا بعد كتابة فصلٍ كامل ضمن أطروحتهم البحثية بلغة أجنبية.
التجديدُ أن تُخصَّص ميزانيةٌ مناسبةٌ لإرسال الطلاب المتفوقين في زياراتٍ سياحية للدول الأجنبية، تشملُ برامجها زيارة المعابد والكنائس والأديرة، فضلاً عن التبادل الثقافي، مع التركيز على كندا وأستراليا والدول الاسكندنافية.
التجديدُ أن يصعد خطيب المنبر يوم الجمعة، ليتكلمَ في فضل التشجير والحفاظ على المرافق العامة، ومزية الإنفاق في التنمية، لا سيما بناء المدارس والمستشفيات ومراكز البحث العلمي.
التجديدُ أن يقتطع الأزهرُ ميزانيةً معقولةً لإنشاء مراكز الفكر والتخطيط الاستراتيجي (Think tanks)، في عشر عواصم عالمية على الأقل، بحيث يضمُّ إليها خبراء الإدارة والفلسفة والاجتماع والاقتصاد من الجنسيات المختلفة.
التجديدُ أن يصدر الأزهر تفسيراً مبسطاً للقرآن الكريم بحيث يتناسبُ مع روح العصر وقضاياه المُلِحَّة، وكتاباً ميسراً في الفقه الإسلامي يختصرُ الخلافات المذهبية في صورة بنود مُرقَّمة تُسهِّلُ الرجوع إلى الأحكام بأدلتها المعقولة والمنقولة، ويشتملُ على أبواب عصرية بخلاف التبويبات الرتيبة والتفريعات المُمِلَّة التي انتهجتها كتب الفقه التقليدية القديمة (العبادات-المعاملات-المناكحات-الجنايات)، مع إعداد الكتابين في صورة تطبيقٍ إلكتروني على الهواتف الذكية.
التجديدُ أن ينشئ الأزهرُ كلية متخصصة في الدراسات القانونية المقارنة، تتولى إعداد موسوعة في القانونين المدني والجنائي، على غرار مجلة الأحكام العدلية ودراسات السنهوري باشا وقدري باشا وعبدالقادر عودة، وذلك في صورة بنود قانونية آمرة، بحيث تكون مرجعاً يستعينُ به القُضاة في أحكامهم الرسمية أو العُرفية!
التجديدُ أن يتخيّرَ الأزهرُ مائة من تلامذته الألمعيين النوابغ، ثمّ من خلال دورات تدريبية مكثفة، قوامُها تكوين كوادر قادرة على افتتاح قنواتٍ دَعَويّة على يوتيوب وساوند كلاود، بُغية تقديم البرامج المتخصصة في مقاومة الإلحاد والرد على اللادينيين بطريقة عصرية وبلغة رشيقة وموضوعية.
هذه الأمثلة وغيرُها، مما ينبغي لمؤسسة عريقة في وزن وموثوقية الأزهر الشريف أن تضطلع به في عصر ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل.
حسام الدين عوض كاتب وباحث في الشؤون الإسلامية ومقيم بأوروربا، حاصل على بكالوريوس الهندسة الكهربية بجامعة عين شمس، ودبلوم الدراسات الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وماجستير إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.