بدأت السنة الصينية الجديدة السبت 25 يناير/كانون الثاني 2020 باعتبارها واحدة من أهم العطلات في بعض الدول الآسيوية، والتي عادة ما تبدأ مع البدر الثاني بعد الانقلاب الشتوي؛ وهذا العام وفق التقويم الصيني هو عام الفأر. ولكن لماذا يختلف تقويم الصين مع تقويمات العالم، وكما تقويماً يوجد أصلاً؟
في التقويم الغريغوري أو الميلادي، وهو التقويم المدني المعمول به في معظم البلدان يتغير رأس السنة الصينية كل عام، مثلما تتغير تواريخ العطلات مثل عيد ديوالي الهندوسي، وعيدي الفطر والأضحى.
سبب اختلاف هذه التقويمات هو اختلاف طرق تتبع الوقت وتقويمات العالم نظراً لوجود ثقافات ولغات كثيرة.
ويوجد حوالي 40 تقويماً عالمياً؛ ولكن كل هذه التقويمات يمكن تصنيفها تحت 3 أنواع وهي:
- التقويم القمري
- التقويم الشمسي
- التقويم الشمسي والقمري
ومع ذلك، فإن التقويمات الأكثر شهرة في جميع أنحاء العالم هي؛ الميلادي (الغريغوري)، والتقويم الهجري (الإسلامي) والصيني.
حركة الشمس والقمر والنجوم أساس لتقويمات العالم
يكشف كل تقويم شيئاً يتعلق بكيفية ارتباط الأشخاص الذين أنشأوه بالعالم من حولهم، مع الحفاظ على الهويات والذكريات الثقافية الغنية.
وتتبع معظم التقاليد التي تستند إلى الوقت حركة الشمس والقمر والنجوم. بينما تنظر أخرى في الأحداث الموسمية مثل الحشد الخريفي للديدان البحرية، الذي جرت العادة بأنه المسؤول عن تحديد مسار كل عام في جزر تروبرياند قبالة غينيا الجديدة، أو إزهار فصيلة من الأشجار الحمرية تعرف باسم "Immortelle Trees" فتتفتح مئات من الزهور القرمزية اللون الصغيرة المتوهجة، مما يشير إلى بداية موسم الجفاف في ترينيداد.
الأعراف الاجتماعية واختلاف الثقافات سبب اختيارها
يقول أستاذ الأنثروبولوجيا كيفن بيرث في كلية كوينز لصحيفة NewYork Times إنه مع أي تقويم، يكون السؤال الأساسي هو أي من آلاف، إن لم تكن ملايين، الدورات في العالم التي يجب اتباعها.
وأضاف أن التقويمات "يحددها دائماً هذا الخيار الثقافي"، لذا فإن استخدام نظام ما دون الآخر هو في النهاية عُرف اجتماعي، بصرف النظر عن مدى دقة التقويم أو تطوره من الناحية العلمية.
على سبيل المثال، تستمر السنة الشمسية، أي الوقت الذي تستغرقه الأرض في مدار الشمس، حوالي 365 يوماً، بينما تدوم السنة القمرية، أو الـ12 دورة الكاملة حول القمر، حوالي 354 يوماً.
أيهما أدق.. الشمس أم القمر؟
بسبب هذا التضارب، لا يتماشى التقويم المستند إلى القمر فقط، مثل التقويم الإسلامي أو الهجري، مع المواسم. قد يأتي شهر رمضان في الصيف في سنة ما، ثم في الشتاء لسنوات بعدها.
ولتصحيح الانحراف الموسمي، فإن التقويم الصيني والهندي واليهودي والكثير من التقويمات الأخرى هي شمسية قمرية.
وفي تلك التقويمات لا يزال الشهر يُحدد حسب القمر، لكن يُضاف شهر إضافي بشكل دوري للبقاء على مقربة من السنة الشمسية.
إن التقويم الشمسي مفيد للمجتمعات الزراعية والسمكية، وتلك التي تستخدم العلف، إذ تحتاج كلها إلى التخطيط مسبقاً للأوقات المحددة من العام.
لكن التقويم الذي يستند إلى الشمس فقط، مثل الغريغوري، لا يخبرك شيئاً عن مراحل القمر.
يتطلب التقويم الهجري التقليدي مراقبة الهلال المبكر لبدء شهر جديد، وبالتالي يشجع على الانتباه إلى الكون.
لا يمكن تتبع التقويم الغريغوري في السماء، وهذا قد يكون السبب في أن الكثير من الغربيين لديهم وعي أقل بالقمر والظواهر الطبيعية الأخرى.
الأبراج تعزز شعور الارتباط بالكون
قال هوانغ يوان، وهو أستاذ في قسم المرافق العامة المكتبية بجامعة ويسترن كنتاكي إن العطلات الصينية عادة ما تؤكد على وحدة الأسرة وتكريم السلف، الأمر الذي يتماشى مع أهمية بر الوالدين.
تُبنى الكثير من التقويمات القديمة، مثل الصينية وتلك الخاصة بمنطقة وسط أمريكا، على قراءة البخت، مع وصفات للوقت المناسب لبناء منزل والزواج والجنازة وغيرها من أحداث الحياة.
وأشارت برت هارت، وهي مُنجمة تعيش في فيلادلفيا، إلى اعتقادها بأنه يمكن للأشخاص الانجذاب إلى التقويمات القائمة على الأبراج، لأنهم يسعون إلى شعور أعظم بالوقت والنظام في الكون.
والتقويم الحالي انعكاس لاستعمار الأوروبيين
في السياق التاريخي، يمكن للبقاء على صلة بتقويم بديل أن يمثل شكلاً من أشكال مقاومة التيار الرئيسي أو الحفاظ على هوية بمعزل عنه.
وعندما يُفرض تقويم على مجتمع ما، فإنه عادة ما يتعلق بالسياسة والسلطة. وقال الدكتور ستيرن إن القدرة على "تحديد موعد بدء السنة أو تحديد احتفال ديني في وقت معين، يمكن أن يكون مفيداً لمرجعية سياسية".
وقال الدكتور بيرث إن التقويم الغريغوري لم يُستخدَّم إلا بصفته معياراً عالمياً لنحو قرن، وهذا "انعكاس إلى حد كبير للتجارة والاستعمار الأوروبيين". لقد أُدرج الآن في هندسة الحاسوب، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن لتقويم آخر أن يسود يوماً ما.
يعلق الدكتور بيرث في مكتبه تقويماً هجرياً منذ العام الغريغوري 2014. عليه، يصادف عيد الميلاد يوم 3 ربيع الأول، أي اليوم الثالث من الشهر الثالث من ذاك العام الهجري.
وقال إنه يحب التذكير بأن "الإجازات التي تعتقد أنها ثابتة في الواقع تتحرك، والتي تعتقد أنها تتحرك هي في الواقع ثابتة. وهذا يوضح كم تتعلق هذه الأشياء بالثقافة أكثر منها بالطبيعة".
هل حان الوقت لتقويم جديد؟
يجادل بعض الخبراء بأن إحدى أفكارنا التي عفى عليها الزمن هي أننا نعيش في عام 2020. وهذا يشوه وجهة نظرنا للتاريخ، وإلى أي مدى وصلنا.
إذ اقترح العالم سيزار إميلياني أو قيصر إميلياني في عام 1993 نظرية تطالب بتحول البشرية إلى التقويم الهولوسيني.
يبدأ التقويم الهولوسيني قبل 12.000 عام، عندما شهدت البشرية تغييرات جذرية، وتحديداً في مدينة أريحا بفلسطين، وهي أول مدينة مسورة معروفة.
من هذه النقطة بدأت البشرية في بناء عالم جديد على رأس القديم، لذلك اقترح Cesare إملياني إضافة 10 آلاف سنة إلى التقويم الغريغوري، ما يسهل عملية التقويم الجيولوجي، وتقويم علم الآثار وعلم تحديد أعمار الأشجار والتقويم التاريخي، كما يعتمد هذا العصر على حدث ذي ارتباط أكثر كونيةً من ميلاد المسيح، وفق ما تشير الأطروحة.