تضمنت الخطة الأمريكية لما تسميه واشنطن "الحل النهائي" للقضية الفلسطينية والمعروفة باسم "صفقة القرن"، العديد من المقترحات الغريبة التي بسببها سيكون التوصل إلى اتفاق أشبه بالمستحيل، والتي ستجعل إسرائيل صاحبة المكسب الوحيد.
1- اختراع قدس جديدة: لطالما كان وضع مدينة القدس موضع الخلاف الأكبر بين الفلسطينيين وإسرائيل، وأحد الأسباب الرئيسية في انهيار جميع المفاوضات السابقة.
ترامب جاء هذه المرة بفكرة قد تبدو له أنها "خارج الصندوق"، ولم يسبق لأحد من رؤساء أمريكا الذين خاضوا جهوداً للمحادثات الإسرائيلية الفلسطينية في طرحها من قبل.
ببساطة، أبقى ترامب في خطته على القدس تحت سيطرة تل أبيب، واعتبرها العاصمة الفعلية لـ "دولة إسرائيل"، وعندما فكّر بكيف سيقنع الفلسطينيين بذلك، خرج ترامب باقتراح غريب.
عرض ترامب في "صفقة القرن" على الفلسطينيين أن تكون جميع المناطق الواقعة شرق وشمال الجدار العازل بما في ذلك كفر عقب، والجزء الشرقي من شعفاط وأبوديس، تحت سيادة دولة فلسطين، وطلب من الفلسطينيين أن يسموا تلك المناطق باسم "القدس" لو أرادوا، وأن يعتبروها عاصمة دولتهم! مقابل أن ينسوا تماماً مدينة القدس التي تمثل ثاني قبلة للمسلمين.
2- دولة بلا سيادة: تقوم أركان أي دولة على 3 أجزاء رئيسية: هي الشعب، والأرض، والسلطة ذات السيادة، لكن "صفقة القرن"، اكتفت بالركنين الأولين فقط، وأسقطت الثالثة من حساباتها تماماً.
تقول الخطة إنه عند توقيع اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية فإن "دولة إسرائيل" ستحافظ على المسؤولية الأمنية العليا على دولة فلسطين، أي أن الدولة الفلسطينية ستكون في أحسن الأحوال بمثابة كانتون تحكمه إسرائيل.
الأكثر غرابة من ذلك، تقول الخطة إن لإسرائيل الحق في أن تبسط سلطتها الأمنية على "كل أجزاء دولة فلسطين" في حال فشلت الأخيرة "في الحفاظ على الأمن".
في خلاف واضح للقوانين الدولية، تنص الخطة الأمريكية على أن إسرائيل ستُبقي على وجود لها داخل "الدولة الفلسطينية" – دون أن تشير الخطة لضرورة رضا الفلسطينيين بذلك، من خلال وجود قوات لها ضمن ما سُميت "محطة الإنذار المبكر في دولة فلسطين"، ويحق للقوات الإسرائيلية الدخول إليها دون انقطاع!
بالإضافة إلى ذلك، ستصبح الجيوب الإسرائيلية الواقعة داخل الأراضي الفلسطينية المتجاورة جزءاً من دولة إسرائيل وسيتم ربطها من خلال نظام نقل فعال.
3- "دولة بلا سلاح": تقترح الخطة الأمريكية أن تكون "دولة فلسطين المقبلة بلا سلاح أبداً"، على أن تبقى كذلك مدى الحياة، وتؤكد الخطة ضرورة تجريد حركة حماس وحركة "الجهاد الإسلامي" من سلاحهما تماماً، وهو مقترح لطالما رفضته الحركتان تماماً.
4- "علاقات خارجية ممنوعة": تمنع الخطة الأمريكية الدولة الفلسطينية من الانضمام لعضوية أي منظمة أو مؤسسة دولية أو عقد أي اتفاقيات مع دولة أخرى دون إذن وموافقة "دولة إسرائيل".
كما تلتزم دولة فلسطين بسحب كل دعاواها القانونية ضد "دولة إسرائيل" والتعهد بعدم الإقدام على ذلك مستقبلاً.
5- أراضٍ منفصلة: بعد الإعلان عن "صفقة القرن" برفقة نتنياهو، نشر ترامب على حسابه في تويتر خريطة قال إنها للشكل الذي تبدو عليه "دولة فلسطين"، وتُظهر الصورة عدم وجود أي روابط جغرافية بين الأراضي الفلسطينية، التي تشبه في شكلها أحياءً منفصلة عن بعضها البعض.
متناقضات أخرى: ظهرت بعض التناقضات البارزة في التفاصيل الدقيقة لـ "صفقة القرن"، فبينما اقترح ترامب إقامة ما اعتبرها "دولة فلسطينية" في نهاية المطاف، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث فقط عن "سيادة فلسطينية محدودة ومشروطة".
أما بخصوص المستوطنات الإسرائيلية فبينما تعهد ترامب بفرض "تجميد على الأرض" لمدة أربع سنوات بهدف تشجيع الفلسطينيين على استئناف مفاوضات السلام المباشرة مع إسرائيل، غير أن الإسرائيليين سرعان ما هوّنوا من شأن أي احتمال لموافقتهم على تجميد النشاط الاستيطاني وذلك بعد أن أثارت قرارات تجميد مماثلة في السابق غضب المستوطنين من الحكومة.