طالبت منظمة "قدامى المحاربين في الحروب الخارجية VFW"، وهي منظمة بارزة تساند الجنود السابقين في الجيش الأمريكي، دونالد ترامب بالاعتذار عن تصريحاته التي تقلل من أهمية إصابات الدماغ التي تعرض لها مؤخراً نحو 36 من الجنود الأمريكيين في العراق.
حسب صحيفة The Guardian البريطانية، انضم إلى المنظمة في مطلبها عديد من منظمات المحاربين القدامى الأمريكية الأخرى، وانتقدت تصريحات ترامب قائلة إنها أظهرت عدم فهمه للإصابات وما تواجهه القوات الأمريكية في الصراعات الخارجية.
جاء بيان منظمة "قدامى المحاربين في الحروب الخارجية" رداً على تصريحات ترامب بشأن الإصابات التي نجمت عن ضربة صاروخية إيرانية لقاعدة أمريكية بالعراق، في 8 يناير/كانون الثاني. إذ أُصيب 34 جندياً أمريكياً بارتجاج في المخ أو بإصابة الدماغ الرضحية (TBI) بعد الضربة، التي جاءت رداً على قتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني بطائرة مسيَّرة. وكان دونالد ترامب قد صرح سابقاً، بأن الولايات المتحدة "لم تتكبد أية خسائر" في الهجوم.
ما الذي تسببه الإصابة؟ يقول ويليام دوك شميتز، القائد الوطني لمنظمة "قدامى المحاربين في الحروب الخارجية"، في بيان: "منظمة (قدامى المحاربين في الحروب الخارجية) لا يمكنها الوقوف ساكنة في هذا الشأن. الإصابات الدماغية الرضحية خطيرة ولا يمكن الاستخفاف بها. فمن المعروف أنها تسبب الاكتئاب وفقدان الذاكرة والصداع الشديد والدوار والتعب، وتصحب جميع الإصابات آثار قصيرة وطويلة الأجل على السواء".
أضافت شميتز: "تنتظر منظمة (قدامى المحاربين في الحروب الخارجية) اعتذاراً من الرئيس لرجالنا ونسائنا في الخدمة على تصريحاته المضللة. ونطلب منه هو والبيت الأبيض أن ينضما إلينا في جهودنا لتثقيف الأمريكيين بمخاطر الإصابات الدماغية على هؤلاء الأبطال وهم يحمون أمتنا العظيمة في هذه الأوقات العصيبة. ويحتاج محاربونا دعمنا الكامل أكثر من أي وقت مضى في هذه الظروف الصعبة".
يأتي البيان أيضاً وسط توترات مستمرة بين ترامب والقيادة العسكرية. إذ تزعم تقارير عدة أن قادة سابقين -وبعض كبار الضباط الحاليين- يشكُون من أن ترامب قوَّض التسلسل القيادي.
فعلى سبيل المثال، قال ريتشارد سبنسر، الذي أُقيل من منصب الأمين العام للبحرية الأمريكية بعد خلافه مع ترامب حول قضايا جرائم الحرب، في مقال بصحيفة The Washington Post: "الرئيس لا يفهم جيداً ما يعنيه أن يكون في الجيش، أو أن يقاتل بشرف، أو أن تحكمه مجموعة موحدة من القواعد والممارسات".
وأصبح ترامب مثار جدل أيضاً، بسبب اتصال أجراه في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، لتعزية أرملة الرقيب "لا دافيد جونسون"؛ إذ زعمت أن الرئيس قال إن زوجها "كان مدركاً لما أقدم عليه"، ولم يتذكر اسمه.
والآن أصبحت تصريحات ترامب بعد الهجوم الإيراني هي ما تسبب غضباً.
ما الذي قاله ترامب بالضبط؟ قال ترامب بعد الضربة الإيرانية: "كل شيء على ما يرام حتى الآن. يسرُّني أن أبلغكم أن الشعب الأمريكي يجب أن يكون في غاية الامتنان والسعادة؛ إذ لم يُصَب أي أمريكي في هجوم الليلة الماضية الذي شنه النظام الإيراني".
لكن بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في 16 يناير/كانون الثاني، أن الجنود يعالَجون من أعراض الإصابة بارتجاج في المخ، زعم ترامب أن هذا التناقض يعود إلى أنه سمع بأمر الإصابات "بعد عدة أيام". وقلل ترامب أيضاً من خطورة هذه الإصابات، قائلاً: "سمعت أنهم يشتكون من الصداع، واثنين من الأشياء الأخرى. ولكنني أبلغكم أنها ليست إصابات خطيرة". وقال: "أنا لا أعتبرها إصابات شديدة الخطورة مقارنة بالإصابات الأخرى التي رأيتها. لقد رأيت أشخاصاً بلا ساقين أو ذراعين". واعتُبر ثمانية من الجنود المصابين في حالة خطيرة بما يكفي لنقلهم إلى الولايات المتحدة.
وقال جيريمي بتلر، الرئيس التنفيذي لمنظمة "قدامى المحاربين في العراق وأفغانستان" (IAVA)، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة The Guardian: "تصريحات الرئيس تُظهر عدم فهمه معنى الإصابة بارتجاج في المخ وإصابات الدماغ الرضحية وما يواجهه جنودنا في الصراعات الخارجية. ولهذا السبب تعمل منظمة (قدامى المحاربين في العراق وأفغانستان) بلا كلل، لتثقيف الجمهور الأمريكي، والرئيس، حول المشكلات التي تواجه الجنود في الخدمة اليوم والجنود السابقين".
في حين قال جو تشينيلي، المدير التنفيذي الوطني لمنظمة "قدامى المحاربين الأمريكيين"، لصحيفة The Guardian، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "نعمل مع البيت الأبيض في هذا الأمر، لنضمن إدراك الرئيس خطورة حتى أقل الإصابات بالارتجاج في المخ، التي هي بالواقع إصابات في الدماغ". وأضاف: "فضلاً عن ذلك، هذه فرصة ممتازة لزيادة الوعي بالواقع والتأثير الخطير الذي يمكن أن تُحدثه جميع الإصابات غير المرئية على البشر. ويسرنا أيضاً أن الإدارة أظهرت ضبط النفس؛ لمنع تصعيد الصراع العسكري مع إيران". ولم يردّ البيت الأبيض فوراً على طلب للتعقيب.