أعدَّت مجموعة دولية من العلماء خريطةً شاملة تُظهِر الجليد والماء الموجود على عمق لا يزيد عن 2.5 سم تحت سطح المريخ، الأمر الذي يمكن أن يساعد البشر الذين سيذهبون في رحلات مستقبلية إلى الكوكب الأحمر.
أركاديا بلانيتيا هي أول منطقة ستستقبل البشر في المريخ
باستخدام البيانات المتاحة، حدَّد فريق البحث المكون من عدد من العلماء نقطة هبوط واحدة على الأقل، يأملون في أن تنجح في المهام المستقبلية المأهولة، وهي منطقة هائلة في أركاديا بلانيتيا في النصف الشمالي من المريخ.
ووفق موقع Infobae الأرجنتيني، يوجد في هذا المكان كم ضخم من الجليد بالقرب من السطح، وتُعدُّ المنطقة المثالية لمهمة مأهولة على المريخ؛ لأنها تقع في منطقة معتدلة من خطوط العرض الوسطى، وتتلقى الكثير من أشعة الشمس.
الجليد موجود على عمق سنتيمترات من السطح
أكَّد العلماء أنّ الجليد موجودٌ في بعض الأحيان على عُمق سنتيمترات فقط تحت السطح، في أماكن يُعدُّ فيها الهبوط المستقبلي مُمكناً.
إذ يمكن استغلال هذا الجليد في المنطقة لشرب الماء والحصول على الأكسجين الصالح للتنفس، وغيرهما، وبتكلفة أقل بكثير من تكلفة جلبه من الأرض.
وأضافوا: "تتفق نتائجنا عن الجليد الموجود في المناطق الواقعة على خطوط العرض المنخفضة التي تصل إلى 35 درجة شمالاً/ 40 درجة جنوباً، وهو مدفون في بعض الأحيان على عُمق سنتيمترات قليلة تحت مادة شبيهة بالرمال، مع تفاوت كبير لعمق الجليد، يرتبط بخصائص المناطق الجليدية".
وفقاً للعلماء، تُظهر هذه الخريطة أماكن وجود جليد الماء تحت سطح المريخ؛ إذ تُمثِّل الألوان الباردة الجليد الأقرب إلى السطح، مقارنة بمناطق الألوان الدافئة. تُشير المناطق السوداء إلى الأماكن التي ستهبط عليها السفن الفضائية بسلاسة على التراب المريخي الناعم. أما الجزء المحدّدة بالأبيض فهو يُمثِّل المنطقة المثالية لإرسال رواد الفضاء لاستخراج الجليد.
لن نحتاج سوى مجرفة
وفي تصريح للمؤلف الرئيسي للعمل، سيلفيان بيكو، الذي يدرس أسطح الكواكب في مختبر الدفع النفّاث التابع لناسا (JPL)، قال: "لن نحتاج إلى حفّارٍ للوصول إلى الجليد، يمكننا استخدام مجرفة".
وأضاف: "نحن مستمرون في جمع البيانات المتعلقة بالجليد المدفون تحت سطح المريخ، مع التركيز على أفضل الأماكن لروّاد الفضاء".
ووفقاً لوكالة ناسا، يمكن كذلك لدراسةٍ إضافية لما أُطلق عليه "خريطة الكنز" أن تكشف عن المزيد من أماكن الهبوط. الماء هو مورد ثمين للمهمات المستقبلية المأهولة إلى المريخ، الكوكب الذي أرادت الوكالة الفضائية أن تهبط عليه في ثلاثينيات القرن الحالي.
بدلاً من نقل كل كمية المياه التي سيحتاجها رواد الفضاء من الأرض إلى الكوكب الأحمر، يتمثل الأمل في قدرة رواد الفضاء في الحصول على المياه الصالحة للشرب ومكوناتها (الأكسجين والهيدروجين)، كوقودٍ للصواريخ من المريخ نفسه.
تعتمد هذه الخريطة على البيانات التي حصلت عليها سفينتان فضائيتان تدوران حول المريخ منذ عدة سنوات، وتحللان تربته بالكامل؛ سفينة Mars Reconnaissance Orbiter وMars Odyssey Orbiter التابعتان لناسا.
استخدمت كلُّ سفينة منهما أدواتٍ حساسة للحرارة لإيجاد الجليد، حيث يعتمد ذلك على حقيقة أن الجليد المدفون يغيّر درجة حرارة السطح.
كيف تأكَّدوا أنه جليد بالفعل؟
وللتأكد من كونه جليداً، استخدم العلماء بياناتٍ أخرى لإجراء إحالاتٍ مرجعية لعملهم، وذلك كما نجد في أدوات الرادار ومطياف أشعة غاما Mars Odyssey، الذي يُعد الوسيلة المُثلى للكشف عن رواسب جليد الماء.
ويُعدُّ سطح المريخ صحراء ولا يحتوي على المياه، وهذا لسرعة تبخُّر المياه السائلة بسبب الغلاف الجوي الرقيق للكوكب الأحمر.
كما كانت هناك تقارير عن تدفق المياه المالحة في جدران إحدى الحفر، إلا أن بعض العلماء يقولون إن ما يتدفق في هذه الجداول هو الغبار الجاف على الأرجح.
إضافة إلى أن هناك الكثير من الجليد المحاط بالأغطية الجليدية القطبية على المريخ، إلا أن هذا لن يكون حلاً عملياً لمهمة كبيرة؛ لأن البرودة والظلام الشديدين في القطبين يستمران لوقت طويل من العام.
في الماضي البعيد، كانت المياه تتدفق على سطح المريخ، لكن كان الغلاف الجوي أكثر كثافة في ذلك الوقت.
تفترض النظرية الرئيسية أن جزيئات الشمس قد سبَّبت تآكل الغلاف الجوي للمريخ تدريجياً على مرّ العصور، حتى أصبح رقيقاً إلى الحد الذي أدَّى إلى تبخُّر المياه السائلة على سطح الكوكب الأحمر.