نجح العلماء في تحديد تسلسل المجموع المورثي (الجينوم) لواحد من أكثر الثعابين فتكاً بالعالم، وهو الكوبرا الهندية، حيث قطعوا أشواطاً طويلة نحو تطوير علاجات جديدة وأفضل للدغاتها.
علاج جديد لمواجهة سم أكثر الثعابين فتكاً في العالم
حسب تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية، فإنه رغم أن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها تُقدر أن آلاف الأشخاص تلدغهم الثعابين في الولايات المتحدة كل عام، فإنه لا تموت سوى قلة منهم من سمومها. لكن في جميع أنحاء العالم تؤدي لدغات الثعابين إلى أكثر من 400 ألف عملية بتر و100 ألف حالة وفاة كل عام.
أما في الوقت الحالي، يُعتبر مضاد السموم هو الدواء الفعال الوحيد، شريطة أن تتلقاه ضحية اللدغ في الوقت المناسب. لكن إنتاج الدواء عملية صعبة.
تعتبر عملية إنتاج الدواء صعبة، لأسباب كثيرة، منها أنه يجب حلب السم من أنياب الثعابين، ويجب فعل هذا الأمر بوتيرة متكررة؛ لإنتاج كميات كافية. ثم لا بد من حقنه في حيوان ضخم، وعادة ما يكون حصاناً، وذلك لتوليد أجسام مضادة. ويجب أن يمر الدم المأخوذ من الحصان المحقون بعملية تنقية متعددة الخطوات؛ لعزل مكوناته النشطة.
في حين يحتوي مضاد السموم الناتج عن تلك العملية على عديد من الأجسام المضادة غير البشرية التي لا علاقة لها بالسم، والتي قد يؤدي بعضها إلى استجابات مناعية ضارة. فضلاً عن ذلك، فهي مكلفة، حيث تبلغ تكلفة قارورة مضاد السموم نحو ألفي دولار، وقد يتطلب علاج لدغة واحدة نحو 25 قارورة أو أكثر. وفي النهاية، فإن مضادات السموم المنتَجة ليست فعالة دائماً في تعزيز الجهاز المناعي لضحية لدغات الثعابين.
ويعتقد العلماء أن تقنيات الجينوم يمكن استخدامها لتركيب مضادات السموم
من ناحية أخرى يعتقد بعض العلماء أن تقنيات الجينوم يمكن استخدامها لتركيب مضادات السموم، وفي النهاية علاج الضحايا بتكلفة أقل وبفاعلية أكبر. يريد هؤلاء العلماء دراسة جينات السم نفسها، وضمن ذلك ترتيبها وتغيرها وتطورها. ولفعل ذلك يتطلب الأمر رسم خريطة لجينوم الثعبان.
ففي دورية Nature Genetics العلمية، اﻹثنين 6 يناير/كانون الثاني، أصدر فريق من الباحثين خريطة جينوم لثعبان "Naja naja"، أو الكوبرا الهندية، حيث وجدوا 12346 جيناً معبراً عنه في الغدد السمية، أو ما تسمى "venom-ome". من بين هذه الجينات، وجدوا 139 جيناً للمواد السامة، تلك التي تقوم بالتفاعلات البيولوجية الخاصة بالسموم. بعد ذلك، حددوا 19 من هذه الجينات خاصة بالغدة السمية فقط، وهي مسؤولة عن مجموعة واسعة من الأعراض لدى البشر، ومن ضمنها مشكلات وظائف القلب والشلل والغثيان وتشوش الرؤية والنزيف الداخلي والموت.
وهناك محاولات لاستخدام تقنيات البروتين لتوليد مضاد فعال ضد سم ثعابين الكوبرا
حسب التقرير، فمن خلال هذا الكتالوغ الخاص بالجينات المختصة بإنتاج السم، فإن الآمال معلقة على العلماء الآن للبدء في استخدام تقنيات البروتين المعاد تركيبه لتوليد مضاد فعال ضد سم ثعابين الكوبرا الهندية والأنواع القريبة منها. ومع اكتمال تحديد مزيد من جينومات الثعابين، قد يكون العلماء قادرين على الجمع بين دراسة السموم الخاصة بأنواع معينة من الثعابين وتصنيع مضادات سموم واسعة الطيف يمكن أن تعمل ضد لدغات ثعابين من أنواع متعددة.
في حين قال كبير العاملين على هذه الدراسة، سوماسكار سيشاجيري، وهو عالم سابق لدى شركة Genentech وحالياً رئيس مجلس إدارة مؤسسة SciGenom للأبحاث، وهي مركز أبحاث غير ربحي في الهند، إن عملية تحديد التسلسل الجينومي للثعبان يمكن أن تستغرق أقل من عام بأقل من 100 ألف دولار.
أضاف: "بقدر ما نخافها، فالثعابين نتاج رائع للتطور، وهي موجودة في كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية، لقد كانت موجودة منذ فترة أطول بكثير منا. سوف يستغرق ذلك بعض الوقت نعم، لكن يمكننا الآن المضي قدماً نحو تحديث الطريقة التي نُخلق بها مضادات السموم".