في عام 2000، اكتشفت السلطات الطبية أن جراحاً اسكتلندياً يدعى روبرت سميث بتر ساقي مريضين لهما أطراف طبيعية على ما يبدو. عندما اكتشف المدير التنفيذي للمستشفى ما فعله سميث، منعه فوراً من إجراء أي عمليات بتر أخرى.
وفي عام 2015، أبلغ عدد من وسائل الإعلام البريطانية عن حالة امرأة تدعى جويل شوبينج، التي يبدو أنها أصيبت بالعمى بناء على طلبها.
زُعم أن الطبيب النفسي وضع لها مخدراً موضعياً، ثم صبّ منظفاً كيميائياً في عينيها، ففقدت بصرها تدريجياً خلال الأشهر التالية.
ادعى الطبيب أن المرأة كانت تعاني من حالة مرضية تجعل الأصحاء يطلبون الخضوع لعمليات بتر وتشويه، تسمى اضطراب هوية سلامة الجسم.
الأمر يعود كثيراً للوراء، ففي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، أُجبر جراح فرنسي تحت تهديد السلاح على بتر أحد أطراف رجل صحيح.
بعد الجراحة أرسل الرجل مدفوعات الجراح، ورسالة شكر يزعم فيها أن الجراحة جعلته يشعر بالتحسن.
ما هو اضطراب هوية سلامة الجسم؟
اضطراب هوية سلامة الجسم (BIID) أو متلازمة نزاهة الهوية الجسدية هو اضطراب نادر للغاية، يصف الأشخاص الذين يرغبون في بتر الأطراف السليمة أو إصابة أنفسهم بعاهة جسدية.
غالباً ما يلجأ الأفراد المصابون بالاضطراب إلى تشويه أنفسهم، أو يطلبون من الطبيب إجراء عملية بتر أو قطع الحبل الشوكي للإصابة بالشلل.
جدل الأخلاقيات الطبية بشأن بتر الأطراف
ويناقش علماء الأخلاقيات الطبية الجدل الدائر حول البتر الاختياري للأطراف الصحية.
من ناحية، يتم استخدام مبدأ الاستقلال الذاتي لاستنتاج الحق في إجراء تعديلات على الجسم، ومن ناحية أخرى فإن استقلالية مرضى اضطراب تكامل هوية الجسم مشكوك فيها.
وتشير النتائج العصبية إلى أن اضطراب تكامل هوية الجسم عبارة عن اضطراب في الدماغ ينتج عنه اضطراب في صورة الجسم، التي تُعرف بها أوجه الشبه بين مرضى السكتة الدماغية.
إذا كان اضطراب تكامل هوية الجسم اضطراباً نفسياً عصبياً، والذي يتضمن فقدان البصيرة في المرض ونقصاً محدداً في الاستقلال الذاتي فسيتم بطلان البتر، ويجب تقييمه كإصابات جسدية للمرضى المصابين باضطرابات عقلية.
وبدلاً من علاج الأعراض فقط يجب تطوير علاج سببي لدمج الطرف الغريب في صورة الجسم.
الوصول إلى الكمال دافع للبتر
وفقاً لدراسة علمية نُشرت في عام 2012، فإن اضطراب تكامل هوية الجسم له بداية في الطفولة المبكرة.
ويُعد دافع المصابين الراغبين في تعديل الجسم هو الرغبة المستمرة في أن يطابق جسمهم مادياً الصورة المثالية لديهم عن أنفسهم. ويشعرون أن العضو المرغوب إزالته معزول عن جسمهم.
تظل تلك الهواجس ملازمة للمريض مدى الحياة، وتؤدي إلى معاناة نفسية كبيرة وصدمات، ولكن عند حدوث البتر أو الشلل، اكتشف الباحثون حدوث تحسن مثير للإعجاب في نوعية حياة المصابين، والاستمرار في العيش بسعادة مع الأطراف الاصطناعية.
فقد أشارت الدراسة التي أجراها بيتر بروغر من جامعة زيوريخ، سويسرا، وزملاؤه، إلى أن بتر الطرف الصحي يشفي الأشخاص من هذا الاضطراب.
علاقة اضطراب تكامل هوية الجسم بصحة المخ
في بعض الأشخاص يمكن إرجاع المشكلات المتعلقة بهوية الجسم إلى علم الأمراض، مثل ورم في المخ.
ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة لدراسة حالات المصابين بهذا الاضطراب لتوضيح سبب المرض.
يفترض بروغر أن بعض الناس يولدون يعانون من ضعف نسبي في شبكات الدماغ التي تمكننا من قبول جميع أطرافنا كأطراف خاصة بنا.
ويقول إن هذا عادة ما يتم تصحيحه بشكل طبيعي مع النمو، ولكن في بعض الأشخاص قد تكون رؤية أحد الأشخاص المبتورين في سن مبكرة للغاية قد عززت التغييرات في الدماغ.
كما لاحظ الباحثون الذين يدرسون الاضطراب تغيرات في المخ لدى الأفراد المصابين بالمرض.
على وجه التحديد، يبدو أن القشرة الجدارية، والقشرة أمام الحركية، والفص الجزيري متورطة.
ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كانت مناطق المخ هذه تؤدي إلى اضطراب تكامل هوية الجسم أو تحدث نتيجة الإصابة به.
كيفية علاج اضطراب تكامل هوية الجسم
من دون فهم واضح لأسباب حدوث اضطراب تكامل هوية الجسم، يكون من الصعب علاج المرض. الأدوية المضادة للاكتئاب والعلاج النفسي لا تفعل الكثير من أجل هذا المرض. علاوة على ذلك لم يتم اختبار الأدوية ذات التأثير العقلي الأثقل، مثل مضادات الذهان في مرضى هذا الاضطراب.