انتقدت قوى سياسية عراقية سُنية وكردية، الثلاثاء 7 يناير/كانون الثاني 2020، قرار الحكومة والبرلمان إخراج القوات الأجنبية من البلاد، على خلفية مقتل قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في غارة أمريكية ببغداد.
جاء موقف هذه القوى بعد تصويت البرلمان، يوم الإثنين الماضي، على قرار يدعو الحكومة إلى إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في البلاد، خلال جلسة شابتها عواطف غاضبة من الولايات المتحدة، حيث ردد النواب هتافات تمجد سليماني، وتنادي بـ "الموت لأمريكا".
لكن تلك الجلسة عُقدت وسط مقاطعة النواب السُّنة والأكراد، وهما الطرفان اللذان يتخوفان من أن تتحول البلاد إلى ساحة مفتوحة أمام إيران، في حال انسحاب القوات الأمريكية.
رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، قال في بيان إن "أي استئثار بقرار سيادي يؤثر في الجميع من طرف واحد (في إشارة إلى الشيعة) وبأسلوب فرض الأمر الواقع، هو ضرب للوحدة الوطنية".
يتزعم النجيفي تحالف "القرار" الذي يحظى بـ11 مقعداً من أصل 329 في البرلمان، واعتبر في بيان صدر عنه، أنه ليس يمكن "لمجموعة تدعي تمثيل مكون واحد، أن ترسم سياسة البلاد وحدها وتدّعي شرعية قرارها"، واصفاً ما يجري حالياً بأنه "ديكتاتورية الأغلبية، ونقض لشراكة الوطن والمصير".
أضاف النجيفي أن كتلته تسجل رفضها لهذه القرارات ولسياسة الإملاء، "فلسنا تبعاً لأحد، بل أسياد وطننا، ولا نقبل بغير مصلحة العراق وشعبه الكريم"، وفق تعبيره.
علاوي يدعو لتغليب مصلحة العراق
من جهته، قال رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، إن "تحديد مستقبل القوات الأجنبية ينبغي أن يُترك لبرلمان يمثل الإرادة الشعبية الحقيقية، وحكومة قوية تضع سلامة ومصلحة العراق وشعبه فوق كل اعتبار".
علاوي، وهو شيعي علماني يقود ائتلاف "الوطنية" (21 نائباً)، معظمهم من السُّنة، شدد على أن اختيار مصير القوات الأجنبية "عبر برنامج إصلاح حقيقي يُبعده عن صراع النفوذ وحروب الوكالة، ويهيئ فرص السلام والاستقرار في إقليم أنهكته ودمرت بنيته الحروب المستمرة".
بارزاني يحذّر من حرب بالوكالة في العراق
بدوره، دعا الرئيس السابق لإقليم كردستان في شمالي العراق مسعود بارزاني، إلى "الإنصات لصوت العقل والمنطق؛ من أجل إيجاد الحلول، وعدم الانجرار وراء العاطفة والمزايدات غير المجدية".
أضاف بارزاني، وهو رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، في بيان: "لن نكون مع تعريض البلاد لحرب بالوكالة ومصير مجهول".
في مقابل مواقف هذه القوى العراقية، يدعم رئيس حكومة تصريف الأعمال، عادل عبدالمهدي، طلب نواب عراقيين مؤيدين لإيران إخراج القوات الأجنبية من بلدهم.
عبدالمهدي اعتبر في تصريحات أدلى بها أمس الثلاثاء، أن إخراج القوات الأجنبية هو المَخرج الوحيد لمنع وقوع "تصادم" في العراق، داعياً السُّنة والأكراد وبقية المكونات إلى دعم الحكومة في قرارها.
جاءت مطالبة القوات الأجنبية بمغادرة العراق، في أعقاب مقتل سليماني و "المهندس"، الذي شكل تصعيداً كبيراً بين الولايات المتحدة وإيران، حليفتي بغداد، وسط مخاوف واسعة في العراق من تحول البلاد إلى ساحة صراع بين واشنطن وطهران.
لكن ما يثير المخاوف أكثر أن يدخل العراق حربا بالوكالة عن جارته الشرقية إيران، التي تملك نفوذا كبيرا على القوى الشيعية الحاكمة في بغداد، وتتحكم بفصائل مسلحة.
يُشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هدد يوم الإثنين الفائت بفرض عقوبات على العراق إذا طالب برحيل قوات بلاده بطريقة غير ودية، حيث ينتشر نحو 5 آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" المُصنف على لوائح الإرهاب.