بينما ودّع الإيرانيون قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في موكب جنائزي قاده المرشد الأعلى، يسارع الأوروبيون إلى إنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي، الذي بات وشيكاً من الانهيار، بعد إعلان طهران عدم التزامها بالاتفاق، بعد مقتل قاسم سليماني على يد الأمريكيين في العراق.
وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قال، الإثنين 6 يناير/كانون الثاني 2020، إن إعلان إيران، الأحد، أنها ستتخلى عن القيود المفروضة على نشاط تخصيب اليورانيوم يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو إنهاء الاتفاق النووي المبرم في العام 2015 مع القوى العالمية الست.
وقال ماس لإذاعة دويتشلاند فونك: "بالتأكيد سنتحدث مرة أخرى مع إيران. غير أن ما تم إعلانه لا يتسق مع الاتفاق". وأضاف أن مسؤولين من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا سيبحثون الوضع اليوم الإثنين.
تابع أيضاً أن الوضع "لم يصبح أسهل، وقد تكون هذه الخطوة الأولى لإنهاء هذا الاتفاق، وهو ما سيشكل خسارة كبيرة، لذلك سنبحث هذا الأمر بمسؤولية شديدة الآن".
إيران تعلن تعليق القيود المتعلقة بتخصيب اليورانيوم
كشفت إيران، الأحد 5 يناير/كانون الثاني، "المرحلة الخامسة والأخيرة" من برنامجها القاضي بخفض التزاماتها الدولية التي نص عليها الاتفاق النووي، مؤكدة التخلّي عن "كل القيود المتعلّقة بعدد أجهزة الطرد المركزي".
غير أنّ الجمهورية الإسلامية أكّدت في الوقت نفسه أنّ "التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية" التي تُخضع البرنامج النووي الإيراني لرقابة صارمة "سيستمر كما في السابق".
قالت الحكومة في بيان إنّه "نتيجة" للقرار المتعلّق بعدد أجهزة الطرد المركزي "لم تعد هناك أية عوائق تشغيلية أمام البرنامج النووي لجمهورية إيران الإسلامية" سواء تعلّق ذلك "بالقدرة على تخصيب (اليورانيوم) أو بمستوى التخصيب أو بكمية المواد المخصّبة أو بالبحث والتطوير".
لكنّ البيان لفت إلى أنّ "البرنامج النووي الإيراني سيتواصل الآن فقط على أساس الاحتياجات الفنية للبلاد".
حتى الآن فإنّ الهدف المعلن للاحتياجات الفنية الإيرانية هو تخصيب اليورانيوم إلى نسبة تصل لنحو 5% فقط، وهي نسبة كافية لإنتاج الوقود النووي اللازم لتشغيل محطة الطاقة النووية الكهربائية.
لم يعلن البيان الإيراني أي تغيير في الاحتياجات الفنية للبلاد، ما يرجّح التزام إيران بهذا السقف، لكنّ الحكومة فتحت في بيانها نافذة للحوار بتأكيدها الاستعداد للتراجع عن هذه الخطوات في أي وقت.
قال البيان: "إذا رُفعت العقوبات (التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران منذ 2018) واستفادت إيران من ثمار" الاتفاقية الدولية بشأن برنامجها النووي المبرمة في 2015، فإنّ جمهورية إيران الإسلامية مستعدّة للعودة "إلى التطبيق الكامل لالتزاماتها".
الأوروبيون يسارعون لإنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي
دعت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، الإثنين، إيران إلى الالتزام بالاتفاق النووي الموقّع بينها ومجموعة (5+1)، بعد أن أعلنت طهران تعليق جميع تعهداتها بذلك الاتفاق.
إذ طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إيران، في بيان مشترك بـ "العدول عن أي أعمال عنف أو أنشطة نووية أو التراجع عن أي إجراءات لا تمتثل لبنود الاتفاق النووي"، حسب موقع "دويتشه فيله" الألماني.
كما دعا قادة الدول الثلاث كلاً من الولايات المتحدة وإيران إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس"، وشددوا على ضرورة "وقف الدائرة الحالية من العنف في العراق".
الخطوة الإيرانية تأتي رداً على قتل واشنطن لقائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، فجر الجمعة، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبومهدي المهندس، و8 أشخاص كانوا برفقتهما، إثر قصف جوي أمريكي استهدفت سيارتين على طريق مطار بغداد.
في مايو/أيار 2018، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، الموقع في 2015، بين إيران ومجموعة (5+1)، التي تضم روسيا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وفرضت على طهران عقوبات اقتصادية.
ينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.